Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 45-47)

Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله - عز وجل - : { أَفَأَمِنَ ٱلَّذِينَ مَكَرُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ } . قوله : { أَفَأَمِنَ } . قد ذكرنا أنه حرف استفهام ؛ إلا أنه من الله غير محتمل ذلك ، وهو على الإيجاب . ثم هو يخرج على وجهين : أحدهما : على الخبر أنهم قد أمنوا مكره . والثاني : على النهي ؛ أي : لا تأمنوا ؛ كقوله : { أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ ٱللَّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْخَاسِرُونَ } [ الأعراف : 99 ] . هذا يشبه أن يكون على هذا الذي ذكرنا أنه إخبار عن أمنهم مكر الله ، وعلى النهي ألا يأمنوا ، ثم أخبر أنه لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون الكافرون ؛ لأنهم كذبوا الرسل فيما أوعدوا لهم من العذاب ، فأمنوا لذلك ، أو لما لم يعرفوا الله ، ولم يعرفوا حقوقه ، ونعمته ، ونقمته ، فأمنوا لذلك وأمّا من عرف الله ؛ وعرف حقه ، ونعمته ، وعرف نقمته ؛ فإنه لا يأمن مكره ، والله أعلم . ثم قوله : { مَكَرُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ } . قال بعضهم : مكرهم السيئات : هو ما مكروا برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ما لو أصابهم ذلك لساءهم ، وما ظاهروا عليهم عدوهم . وقال بعضهم : مكرهم السيئات : هو أعمالهم التي عملوها ، وكل ذلك قد كان منهم ، كانوا مكروا برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وكانوا ظاهروا عليهم عدوهم ، وقد عملوا أعمالهم الخبيثة السيئة . وقوله - عز وجل - : { أَن يَخْسِفَ ٱللَّهُ بِهِمُ ٱلأَرْضَ } . أي : أمنوا حين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض ، أو يأخذهم العذاب من حيث لا يشعرون في الحال التي لا يكون لهم أمن ولا خوف . وقوله - عز وجل - : { أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ } . قيل : في أسفارهم وفي تجاراتهم ؛ لأن الناس إنما يسافرون ويتجرون في البلدان في حال أمنهم . { أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَىٰ تَخَوُّفٍ } . قال بعضهم : على تقريع ، وقال : على تنقيص من الأموال وغيره ؛ كقوله : { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ ٱلْخَوْفِ وَٱلْجُوعِ … } الآية [ البقرة : 155 ] وقال بعضهم : { أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَىٰ تَخَوُّفٍ } أي : يأخذ قرية فقرية ؛ وبلدة فبلدة ، حتى يأتي قريباً منهم ، ثم يأخذهم ، كلما أخذ قرية كان لهم من ذلك خوف ، فذلك أخذ بتخوف ، وهو ما قال : { وَلاَ يَزَالُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِّن دَارِهِمْ … } الآية [ الرعد : 31 ] وعد الله حلوله قريباً من دارهم ، كان يخوفهم حتى نزل بساحتهم ، فذلك أخذ بالتخوف ، يخبر أن عذابه لا يؤمن حلوله . وأخذه إياهم في كل حال ؛ في الحال التي ليس لهم أمن ولا خوف ؛ أي : لم يغلب هذا على هذا ، وفي الحال التي يكونون آمنين في تقلبهم وحوائجهم ، وفي الحال التي يكونون متخوفين . وقوله - عز وجل - : { فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ } . حيث لم يستأصلكم ، ولم يأخذكم بما كان منكم من الافتراء على الله ، والتكذيب لرسله ، والمكابرة ، والمعاندة لآياته وحججه وقتئذ ، ولكن أمهلكم وأخر ذلك عنكم . أو رءوف رحيم إذا تبتم ورجعتم عما كان منكم يرحمكم ويغفر لكم ذلك .