Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 1-1)

Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله - عز وجل - : { سُبْحَانَ ٱلَّذِى أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلاً } . { سُبْحَانَ } : كلمة إجلال الله عن الأكفاء ، وتنزيهه عن الشركاء ، وتبريئه عما قالت المعطّلة فيه وظنت الملاحدة به : من الولد ، والحاجات ، والآفات ، وجميع معاني الخلق . وروي في بعض الأخبار " عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن تفسير : ( سبحان الله ) ؛ قال : هو تنزيه الله عن كل سوء " . ومعنى قوله : { سُبْحَانَ ٱلَّذِى أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ إِلَىٰ ٱلْمَسْجِدِ ٱلأَقْصَا } هو - والله أعلم - كأنه ذكر أن من قدر على أن يسري بعبده ليلاً مسيرة شهر يقدر على إحياء الموتى بعد الموت ، ويملك : حفظ رسوله والنصر له وإظهار آيات نبوته ورسالته ، وقطع جميع حيل المكذبين له والمخالفين . وقوله : { مِّنَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ إِلَىٰ ٱلْمَسْجِدِ ٱلأَقْصَا } . سماه أقصى ، وهو الأبعد ، من قصا يقصو قصوّاً ؛ فهو قاصٍ ، كأنه لم يكن يومئذ إلا المسجد الحرام ومسجده بالمدينة ومسجد بيت المقدس ؛ فسمّاه لذلك - والله أعلم - المسجد الأقصى . وقوله - عز وجل - : { ٱلَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ } . سميّ : مباركاً ؛ لكثرة أنزاله وخيراته وسعته . وقيل : سميّ : مباركاً ؛ لأنه مكان الأنبياء ومقامهم ؛ فبورك فيه ببركتهم منافع ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَآ } . أي : لنريه من آياتنا الحسية بعد ما أراه الآيات العقليّة ؛ لأن الآيات الحسيّة أكبر في قطع الشبه ودفع الوساوس من العقلية ؛ إذ لا يشك أحد فيما كان سبيل معرفته الحسّ والعيان . وقد يعترض ربما الشبه والوساوس في العقليات ؛ لأنه لا يشك أحد في نفسه أنه هو ؛ فأحبّ - عزّ وجلّ - أن يري رسوله آيات حسّية تضطر المنصفين على قبولها ، والإيمان بها ، والإقرار له أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ لما يعلمون أن ما كان يخبرهم من أخبار - حيث قال : إنه رأى عِيرَ فلان ، وأموراً - يعلمون أنه لا يقول إلا عن مشاهدة وعيان ؛ لأنه كان ما أتى من الآيات العقليات قالوا : إنه سحر ، وما ذكر من الأشياء التي كانت في كتبهم المتقدمة - قالوا : { أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } [ النحل : 24 ] ، و { إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ } [ النحل : 103 ] . ليس ذلك عمل سحر ولا إفكاً ولا افتراء ولا أساطير الأوّلين ؛ على ما نسبوه إلى السحر مرة وإلى الإفك والافتراء ثانياً ، ونحوه . وقوله - عزّ وجلّ - : { إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلبَصِيرُ } . أي : من قدر على ما ذكر لا يحتمل أن يخفى عليه شيء من قول أو عمل ، ثم ما روي من الأخبار أنه عُرِج به إلى السماء حتى رأى إخوانه الأنبياء الماضين قبله ، وما ذكر فيها - فنحن نقول ما قال الصديق - رضوان الله عليه - : " إن كان قال ذلك فأنا أشهد على ذلك " ، وإلا نَقُلْ [ على مقدار ] ما في الآية : إنه أسرى به إلى بيت المقدس المسجد الأقصى ، ولا نزيد عليه ؛ لأنّه من أخبار الآحاد فلا تسع الشهادة له .