Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 48-50)

Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله - عز وجل - : { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ وَهَارُونَ ٱلْفُرْقَانَ } . فهو ما يفرق بين الحق والباطل ، وبين المشتبه والواضح ، وبين ما يؤتى ويتقى ، وبين ما عليهم ولهم ، والنور : ما يتجلى به حقائق الأشياء ، والضياء هو ما يظهر به حسن ما يتجلى واستنار ، وروح : هو ما به حياة كل شيء ، القرآن سماه : روحاً ؛ لأنه به حياة الدين ، وسمى الماء : حياة ؛ لأن به حياة الأبدان ، والمبارك هو ما ينال به ويصل إليه من كل خير ، والذكر : هو ما يذكر ما لهم وعليهم . { وَذِكْراً } . قيل : هو الموعظة ، والموعظة : قيل : هي التي تلين القلوب وتوسع الصدور وتفسح ويخشع بها الفؤاد ، وعلى هذا الوصف جميع كتب الله الذي وصف هذا القرآن بها ، ثم بين أنها على الوصف الذي ذكر لِمَنْ ، فقال : { لَّلْمُتَّقِينَ } وإن كانت هي في أنفسها على الوصف الذي ذكر ، فإنها تتجلى بها الشبه من الحقائق والحق من الباطل لمن قبلها وأقبل نحوها ونظر إليها بعين التعظيم والإجلال ، فأمّا من أعرض عنها فليست لهم على ما ذكر ، لكن على ما أخبر بقوله : { فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَىٰ رِجْسِهِمْ } [ التوبة : 125 ] . ثم بين من المتقون ؟ فقال : { ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِٱلْغَيْبِ } يحتمل قوله : { يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ } ، أي : يخشون العذاب الموعود في الغيب وهو عذاب الآخرة ونقمتها ، إن المؤمنين خافوا العذاب الموعود في الآخرة ، فيحذرون ما به يحل ذلك ، وأما الكفار فإنهم لم يخافوا العذاب الموعود في الآخرة ولم يصدقوه إنما يخافون العذاب المعاين المشاهد ، فأما العذاب الموعود في الغيب فلا يخافونه . ويحتمل أيضاً قوله : { يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ } ، أي : يهابون ربهم ويخافونه وإن لم يروه ؛ لما رأوا من آثار سلطانه وملكه . وقوله - عز وجل - : { وَهُمْ مِّنَ ٱلسَّاعَةِ مُشْفِقُونَ } يحتمل : هم من أهوال الساعة وأفزاعها خائفون . أو أن يكون قوله : وهم من محاسبة أعمالهم مشفقون خائفون ، فحاسبوا أنفسهم في الدنيا ؛ إشفاقاً على محاسبة أنفسهم في الآخرة . وقوله - عز وجل - : { وَهَـٰذَا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ } . الذكر المبارك ما ذكرنا . وقوله - عز وجل - : { أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنكِرُونَ } ظاهره وإن كان استفهاماً فهو في الحقيقة إيجاب ؛ كأنه قال : وهذا ذكر مبارك أنزلناه وتعرفونه أنه كذلك ، فأنتم مع هذا له منكرون ، يذكر سفههم ويخبر عن عنادهم .