Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 24, Ayat: 1-1)
Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله - عز وجل - : { سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا } . سماها سورة ، وجعل تلاوتها سورة ، ولم يجعل لغيرها من السور التلاوة سورة ، كما جعل لها ، ذلك جائز ؛ لكثرة ما فيها من الأحكام : من الفرائض ، والآداب : ما بالناس إلى ذلك حاجة ، أو لمعنى لم يذكره ، أو لا لمعنى ، ولكنه ذكر هكذا ، وله الخلق والأمر . قال أبو عوسجة : السورة : القطعة من كل شيء ؛ تقول : سورت الشيء ، أي : قطعته . وقال بعض العلماء : إنما سمي القرآن لجماعة السور ، وسميت السورة مقطوعة من الأخرى ، فلما قرن بعضها إلى بعض سمي قرآناً ؛ كقوله : { إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ } [ القيامة : 17 ] ، أي : تأليف بعضها إلى بعض ، { فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَٱتَّبِعْ قُرْآنَهُ } [ القيامة : 18 ] ، أي : فإذا جمعناه وألفناه ، فاتبع قرآنه ، أي : ما جمع فيه فاعمل به : من أمر أو نهي ، ويقال : ليس لشعره قرآن ، أي : نظم وتأليف ، ويقال للمرأة : ما قرأت سلى قط ، أي : لم تجمع في بطنها ولداً . وقال بعضهم : سورة - بلا همز - أي : المنزلة والرفعة ، وبالهمز : سؤرة : البقية ، ومنه سمي : سؤر الكلب ، وسؤر الهر ، وسؤر الطائر ، أي : بقيته والقطعة منه . ثم قرئت بالنصب : ( سورةً أنزلنها ) ، والرفع جميعاً : { سُورَةٌ } ، وهي القراءة الظاهرة . فمن قرأها بالنصب أوقع الفعل عليها ، أي : أنزلنا سورة ، والفعل إذا وقع على شيء انتصب - تقدم الفعل أو تأخر - كقولك : زيداً ضربناه ، وضربنا زيداً . وقال بعضهم : إنما انتصب لإضمار فيه كأنه قال : اتبعوا سورة ، أو : اذكروا سورة أنزلناها ؛ كقوله : { نَاقَةَ ٱللَّهِ } [ الشمس : 13 ] ، أي : احذروا ناقة الله . ومن قرأ بالرفع : على الابتداء ، فكل ما يبتدأ به فهو رفع . وقال بعضهم : رفع على إضمار : هذه سورة أنزلناها ، ولذلك كله جائز في اللغة ، والله أعلم . وقوله : { وَفَرَضْنَاهَا } . قرئ بالتخفيف : { وَفَرَضْنَاهَا } ، وبالتشديد : ( وفرَّضناها ) ، قال الزجاج : قوله : ( وفرَّضناها ) ، بالتشديد ، يخرج على وجهين : أحدهما : أي : كثرنا فيها الفرائض والأحكام . والثاني : ( وفرَّضناها ) ، أي : فصلنا فيها بين ما يؤتى وبين ما يتقى ، وبين ما أمر فيها وبين ما نهي . وقال : وأما التخفيف : { وَفَرَضْنَاهَا } ، أي : الزموا ما فيها من الفرائض وآدابها . وقال القتبي : فرضنا ، بالتخفيف ، أي : بينا فيها الفرائض . وقال أبو عوسجة : من قرأها بالتخفيف : { وَفَرَضْنَاهَا } ، أي : أنزلنا فيها فرائض مختلفة ، ومن قرأها : ( وفَرَّضناها ) ، بالتشديد ، يقول : فرضناها عليكم وعلى من بعدكم ؛ على التكثير ، والله أعلم . وقوله : { وَأَنزَلْنَا فِيهَآ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ } . يحتمل قوله : { آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ } ، أي : حججاً بينة يفهمها ويعرفها كل أحد بالبديهة والتأمل . أو أن يريد بالآيات : الآيات التي جمع فيها أشياء وتتلا ؛ لأن الآية إنما تستحق اسم الآية إذا جمع فيها كلمات وحروف ، فأما كلمة واحدة [ وحرف ] واحد فلا يسمى بهذا الاسم . أو أن يكون قوله : { آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ } : ما ذكر فيها وبين مما يؤتى ويتقى ؛ وبين ما يحل وما يحرم ؛ فذلك كله مبين ، والله أعلم . وقوله : { لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } ، أي : تتعظون بما ذكر فيها من المواعظ ، وبين فيها ما يزجر عن المعاودة ، وهي الحدود التي ذكر فيها ؛ لأن سبب الاتعاظ أحد شيئين : المواعظ التي تلين القلوب ، والحدود التي تزجر .