Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 25, Ayat: 53-62)

Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

[ قوله ] : { وَهُوَ ٱلَّذِي مَرَجَ ٱلْبَحْرَيْنِ } . قال بعضهم : مرج ، أي : خلع ماء المالح على ماء العذب . وقال بعضهم : { مَرَجَ } : أرسل البحرين أحدهما عذب والآخر أجاج . وقال بعضهم : { مَرَجَ } أي : أفاض أحدهما على الآخر . قال أبو معاذ : العرب تقول : مرجت الدابة إذا خلعتها وتركتها تذهب حيث شاءت ، ومرج الوالي الناس من السجون إذا أرسلهم ، فإذا رعيت دابة في المروج ، قلت : أمرجت دابتي أمرجها إمراجاً ، وإنما سمي المرج : مرجاً ؛ لأنه متروك للسباع غير معمور ، والممرج الذي يرعى دابته في المرج والدابة الممروجة . وقال أبو عوسجة : مرج البحرين مرجهما ، أي : خلطهما فهو مارج ، وقال : { فَهُمْ فِيۤ أَمْرٍ مَّرِيجٍ } [ ق : 5 ] أي : مختلط ، ويقال : مرجت عن كل شيء إذا خلطت ، والله أعلم . ثم اختلف في البحرين ؛ قال بعضهم : أحدهما بحر الأرض ، والآخر بحر السماء ، وجعل بينهما برزخاً ، أي : حاجزاً عن أن يختلط أحدهما بالآخر . وقال بعضهم : أحدهما بحر السماء ، والآخر بحر تحت الأرض ، وجعل بينهما برزخاً وهو الأرض . وقال بعضهم : بحران على وجه الأرض : أحدهما بحر الروم والآخر بحر الهند . وقال بعضهم : أحدهما بحر الشام ، والآخر بحر العراق : أحدهما مالح أجاج ، والآخر عذب ، وكان الأجاج هو الذي بلغ في الملوحة غايته ، والفرات هو الذي بلغ في العذوبة غايته ؛ ذكر منته وفضله ولطفه ؛ حيث لم يخلط أحدهما بالآخر ، بل حفظ كلاًّ على ما هو عليه إلى أن تقوم الساعة ، فعند ذلك يصير الكل واحدا ؛ كقوله : { وَإِذَا ٱلْبِحَارُ سُجِّرَتْ } [ التكوير : 6 ] . ثم إن كان أحدهما بحر السماء والآخر بحر الأرض ، وإن كانا بحرين في الهواء ، فالحاجز بينهما ليس إلا اللطف ؛ وكذلك إن كان الثالث ليعلم أن من قدر على حفظ هذا من هذا بلا حجاب ولا حاجز باللطف ، لقادر على إحياء الموتى وبعثهم ، ولا يعجزه شيء ، وله الحول والقوة . وقال أبو عوسجة : ماء أجاج : شديد الملوحة ، ويقال : أجّ الماء يؤجّ أجّا فهو أجاج ، ويقال : عاج ، أي : ماء روي به . وقوله - عز وجل - : { وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ مِنَ ٱلْمَآءِ بَشَراً } أي : من النطفة ؛ يخبر عن فضله ومنته وقدرته ولطفه . أما لطفه وقدرته : فحيث خلق البشر من النطفة ، ولو اجتمع جميع حكماء البشر على أن يعرفوا أو يدركوا البشر من النطفة أو يدركوا كيفيته - لم يقدروا على ذلك ؛ دل أنه قادر بذاته لطيف لا يعجزه شيء . وأمّا فضله ومنته : فما أخبر أنه جعل لهم نسباً وصهرا ؛ أمّا النسب فيه يتعارفون ويتواصلون ما لولا ذلك ما تعارفوا ولا تواصلوا ، وأما الصهر فلما به يتزاوجون ويوادون ويتوالدون ؛ كقوله : { وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً } [ النحل : 72 ] وقال : { وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً } [ الروم : 21 ] يذكر فضله ومنته ؛ ليتأدى به شكره ؛ ليعلم أن خلق مثل هذا لا يخرج عبثاً باطلا بلا محنة ولا عاقبة ، وكأن النسب : ما لا يجري بينهم التناكح والتزاوج ، والصهر : ما يحل ويجري بينهم التناكح والتزاوج . وفي حرف حفصة : { وهو الذي خلق من الماء نسبا وصهرا } . قال أبو معاذ : الصهر الفتى وآله ، والختن : أبو المرأة ، والختنة : أم المرأة ، والأختان : آل المرأة وأهلها ، والأصهار ، آل الفتى وأهله . وقال أبو عوسجة : { وَصِهْراً } من المصاهرة ، وكلهم أصهار من الجانبين جميعاً ، والمعروف عندنا : أنه إنما يسمى قرابة الزوج : أختاناً ، وقرابة المرأة أصهاراً ، وذلك لسان فهو على ما تعارفوه بينهم ، والله أعلم . وقوله : { وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُهُمْ وَلاَ يَضُرُّهُمْ } أي : يعبدون من دون الله ما يعلمون أنه لا ينفعهم في الآخرة إن عبدوه ، ولا يضرهم في الدنيا إن تركوا عبادته ؛ يذكر سفههم بعبادتهم من يعلمون أنه لا ينفع ولا يضر ، وتركهم العبادة لمن ينفعهم إن عبدوه ويضرهم إن تركوا عبادته ؛ وهو كما ذكر : { هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ … } الآية [ الروم : 38 ] ، وأمثال ما ذكر في غير آي من القرآن سفه أولئك بعبادتهم للأصنام ، وتركهم عبادة الله تعالى . وقوله : { وَكَانَ ٱلْكَافِرُ عَلَىٰ رَبِّهِ ظَهِيراً } أي : تأويله - والله أعلم - : وكان الكافر للكافر ولوليه ظهيرا على من أطاع ربه ، يكون بعضهم ببعض عوناً وظهيراً على أولياء الله ، وإلا لا يكون الكافر على الله ظهيراً ، ولكن على أوليائه ، ويكون ذكر الرب على إرادة وليه ومن أطاعه ؛ كقوله : { إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ يَنصُرْكُمْ } [ محمد : 7 ] ؛ وكقوله : { يُخَادِعُونَ ٱللَّهَ } [ البقرة : 9 ] ، ونحو ذلك مما يراد به : أولياؤه لا نفسه . وقوله : { وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً } : مبشراً لمن أطاعه ، ونذيراً لمن عصاه . والبشارة : هي الإعلام لما يلحق من السرور والفرح في العاقبة بالأعمال الصالحة . والنذارة : هي الإعلام لما يلحق من المكروه والمحذور في العاقبة بالأعمال السيئة القبيحة . وقوله : { قُلْ مَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ } أي : ما أسألكم على الدين الذي أدعوكم إليه من أجر ؛ كقوله : { أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ } [ القلم : 46 ] ، أي : لا أسألكم أجراً على ذلك حتى يمنعكم ثقل الغرم عن إجابتي ؛ فعلى ذلك قوله : { قُلْ مَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلاَّ مَن شَآءَ أَن يَتَّخِذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلاً } كان فيه إضمار ، أي : لا أسألكم عليه أجراً إلا من شاء ، ولكن إنما أسألكم أن تتخذوا إلى ربه سبيلا . أو أن يقول : قوله : { إِلاَّ مَن شَآءَ أَن يَتَّخِذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلاً } أي : ولكن من أراد أن يتخذ إلى ربه سبيلا أطاعني وأجابني . ويحتمل قوله : { قُلْ مَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ } على تبليغ الرسالة إليكم ، وما أدعوكم إليه { مِنْ أَجْرٍ إِلاَّ مَن شَآءَ أَن يَتَّخِذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلاً } فيبرني . أو أن يكون قوله : { إِلاَّ مَن شَآءَ أَن يَتَّخِذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلاً } فيوادني ؛ كقوله : { قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ ٱلْمَوَدَّةَ فِي ٱلْقُرْبَىٰ } [ الشورى : 23 ] . وقوله : { وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱلْحَيِّ ٱلَّذِي لاَ يَمُوتُ } أي : توكل على الله ، والتوكل : هو الاعتماد عليه بكل أمر . وقوله : { وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ } أي : نزه ربك وبرئه عن الآفات كلها والعيوب ، بثناء تثني عليه وهو التسبيح بحمده . وقال أهل التأويل : أي صل بأمر ربك ، لكن التأويل ما ذكرنا . وقوله : { وَكَفَىٰ بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً } أي : كفى به علما بذنوب عباده ، أي : لا أحد أعلم بها منه . وقوله : { ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا } : قد ذكرنا هذا . وقوله : { فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً } : قال قائلون : قوله : { فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً } لما يسأل عنه محمد ، وذلك " أن بعض كفار مكة قالوا : يا محمد ، إن كنت تعلم الشعر فنحن لك ، فقال النبي : " أفشعر هذا ؟ ! إن هذا كلام الرحمن " ، فقالوا : أجل لعمر الله إنه لكلام الرحمن الذي باليمامة هو يعلمك ، فقال النبي : " الرحمن هو الله الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما من عنده يأتيني ذلك " ، فقالوا : أيزعم أن الله واحد وهو يقول : الله يعلمني ، الرحمن يعلمني ، ألستم تعلمون أن هذين إلهان ، أو كلام نحو هذا " . وجائز أن يكون قولهم : { وَمَا ٱلرَّحْمَـٰنُ } لما لا يعرفون الرحمن وعرفوا الله فأنكروا ذلك لما لم يكونوا يسمعون ذلك ، فعرفهم بقوله : { قُلِ ٱدْعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدْعُواْ ٱلرَّحْمَـٰنَ … } الآية [ الإسراء : 110 ] . أو أن يكونوا يعرفون كل معبود : إلها ؛ وكذلك يسمون الأصنام التي عبدوها : آلهة ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاهم إلى عبادة الرحمن ؛ فظنوا أنه غيره ، فقالوا : فلئن جاز أن يعبد غير الله ، فنحن نعبد الأصنام فلِمَ تمنعنا عن ذلك ؟ ! فأخبر : [ أن ] الرحمن والإله واحد ليس هو غير ؛ حيث قال : { تَبَارَكَ ٱلَّذِي جَعَلَ فِي ٱلسَّمَآءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُّنِيراً … } إلى آخر ما ذكر ، يقول الله : محال أن يكون الرحمن غير الإله ، بل الرحمن هو الذي جعل في السماء بروجاً ، وقد كانوا يعلمون أن الذي جعل في السماء البروج وهي النجوم ، وجعل فيها السراج وهي الشمس والقمر - هو الله ، فأخبر أن الرحمن هو ذلك لا غير . وفي قول بعضهم : إن قوله : { ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ … } الآية من المكتوم ، وفي الآية دلالة أنه ليس من المكتوم ، ولكنه مما يعلم ويفسر ؛ حيث قال : { فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً } ، ولو كان مما لا يعلم لكان لا يأمره أن يسأل به خبيراً ، أو إن أمره بالسؤال لكان لا يحتمل ألاَّ يخبره ؛ دل ذلك أنه ليس من المكتوم ، ولكنه مما يعلم ، لكن لا يعلمه إلا الخبير ، وهو العالم . ثم يحتمل : الله أو جبريل أو من يعلمه ، والله أعلم . وقوله : { فَسْئَلْ بِهِ } : قال بعضهم : بالله . وقال بعضهم : بالذي سبق ذكره من قوله : { ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ } . وقوله : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱسْجُدُواْ لِلرَّحْمَـٰنِ قَالُواْ وَمَا ٱلرَّحْمَـٰنُ } قد ذكرناه . { أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا } بالياء والتاء جميعاً . وقوله تعالى : { وَزَادَهُمْ نُفُوراً } أي : زادهم دعاؤه إلى عبادة الرحمن نفورا عن رسول الله . وقال بعضهم : في قوله : { فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً } يقول : ما أخبرتك من شيء فهو كما أخبرتك لا شك فيه ، والله أعلم . وقوله : { تَبَارَكَ ٱلَّذِي جَعَلَ فِي ٱلسَّمَآءِ بُرُوجاً } : قوله : { تَبَارَكَ } قد ذكرنا أن بعضهم يقولون : هو من البركة . وقال بعضهم : من التعالي . { جَعَلَ فِي ٱلسَّمَآءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُّنِيراً } : هو ما ذكرنا أنه خرج جواباً لقولهم : { وَمَا ٱلرَّحْمَـٰنُ } ؛ وكذلك قوله : { وَهُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ ٱلَّيلَ وَٱلنَّهَارَ خِلْفَةً } أي : جعل أحدهما خلف الآخر ، إذا ذهب هذا جاء هذا . { لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً } أي : يذكر الليل والنهار لمن أراد أن يتذكر لمواعظه أو يشكر لنعمه ؛ لأنهما يذكران قدرته وسلطانه ، حيث يقهران الجبابرة والفراعنة ويغلبانهم حيث يظلانهم ويأتيانهم شاءوا ، أو كرهوا لا يقدرون دفعهما عن أنفسهم . وفيهما دلالة الإحياء والبعث بعد الفناء والهلاك ؛ حيث ذهب بهذا أتى بآخر بعد أن لم يبق من أثره شيء ، فمن قدر على هذا قدر على البعث والإحياء بعد الموت وذهاب أثره . ويذكران أيضاً نعمه وآلاءه ؛ لأنه جعل النهار متقلباً لمعاشهم ومطلباً لرزقهم ، وما به قوام أنفسهم ، وجعل الليل مستراحاً لأبدانهم وسكونهم لا قوام للأبدان بأحد دون الآخر ؛ ألا ترى أنه كيف ذكر نعمه فيهما ؛ حيث قال : { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمُ ٱلْلَّيْلَ سَرْمَداً إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ } الآية [ القصص : 71 ] ، وقال : { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمُ ٱلنَّهَارَ سَرْمَداً إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ مَنْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ ٱللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ } الآية [ القصص : 72 ] ، يذكرهم عظيم نعمه فيهما أعني في الليل والنهار ؛ ليتأدى بذلك شكره ؛ فعلى ذلك هذا ما ذكرنا قوله : { جَعَلَ ٱلَّيلَ وَٱلنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً } النعمة التي جعل لهم . قال بعضهم : قوله : { خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً } أي يكون كل واحد منهما خلفا للآخر فيما يفوت فيه من التذكر والتشكر ، أي : ما فات في أحدهما من التذكر والتشكر يقضى في الآخر . وقال الحسن قريبا مما ذكرنا ، وقال : من فاته شيء بالليل أدركه بالنهار ، ومن فاته شيء بالنهار أدركه بالليل . وعلى مثل ذلك روي عن عمر : أن رجلا قال له : يا أمير المؤمنين ، إني لم أدرك الصلاة الليلة ، فقال عمر : " أدرك ما فاتك من ليلك في نهارك ، وما فاتك من نهارك في ليلك " ، ثم قرأ : { وَهُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ ٱلَّيلَ وَٱلنَّهَارَ خِلْفَةً } . وقال بعضهم { خِلْفَةً } من الاختلاف ، أي : يخالف أحدهما الآخر . ثم يحتمل الاختلاف وجهين : أحدهما : مجيء أحدهما وذهاب الآخر على ما ذكرنا ؛ كقوله : { وَٱخْتِلاَفِ ٱللَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ } [ البقرة : 164 ] . والثاني : هو اختلاف اللون من السواد والبياض : أحدهما أسود ، والآخر أبيض ، والله أعلم . وقوله : { جَعَلَ فِي ٱلسَّمَآءِ بُرُوجاً } : قال بعضهم : البروج هي النجوم العظام ، والواحد : برج ، وهو قول ابن الأعرابي . وقال بعضهم : البروج : القصور في السماء ، فيها تنزل الشمس في كل ليلة ، وروي مثل قول عمر عن سلمان أن رجلا قال له : إني لا أستطيع قيام الليل . قال : " إن كنت لا تستطيع قيام الليل ، فلا تعجزه بالنهار " . وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : " أصيبوا من الليل ولو ركعتين ولو أربعا " . وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه سلم قال : " والذي نفسي بيده ، إن في كل ليلة ساعة لا يوافقها رجل مسلم يسأل الله فيها خيراً إلا أعطي له في هذا الليل والنهار ؛ فإنهما مطيتان تقحمان الناس إلى آجالهم ، تقربان كل بعيد ، وتبليان كل جديد ، وتجيئان كل موعود ، حتى يؤدى ذلك إلى يوم كان مقداره خمسين ألف سنة مما تعدون ، ثم يكون مصيرهم إلى الجنة وإلى النار ؛ لتجزى كل نفس بما كسبت " .