Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 27, Ayat: 91-93)
Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { إِنَّمَآ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ ٱلْبَلْدَةِ ٱلَّذِي حَرَّمَهَا } . قوله : { حَرَّمَهَا } يحتمل وجهين : يحتمل { حَرَّمَهَا } أي : منعها من الاستلاب والاختطاف فيها ؛ كقوله : { وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ ٱلْمَرَاضِعَ } [ القصص : 12 ] ليس على التحريم حتى لا يحل له ذلك ، ولكن على المنع والحظر ، أي : منعنا منه المراضع . والثاني : على التحريم نفسه ، وهو ما جعل في كل أحد من الكافر والمسلم في الجاهلية والإسلام حرمة ذلك المكان ؛ حتى لا يتناول أحد من صيد تلك البقعة ومن شجرها وحشيشها ، والله أعلم . وقوله : { وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ * وَأَنْ أَتْلُوَاْ ٱلْقُرْآنَ } : أيضاً عليكم كأنهم أوعدوه بوعيد وخوفوه به ، وطلبوا منه الموافقة لهم ، فقال عند ذلك لهم : إنما أمرت أن أعبد ربّ هذه البلدة ، وهو رب كل شيء ، أي : أمرت أن أكون عبدا له ، لا أجعل نفسي عبدا لغيره ، وأمرت - أيضاً - أن أجعل نفسي سالماً له ، لا أجعل لأحد فيها شركا كما جعلتم أنتم - أيضاً - ذلك كله . وأمرت - أيضاً - أن أتلو القرآن عليكم ، فأنا أتلوه عليكم كذبتموني أو لم تكذبوني ، فإني لا أخاف كيدكم ولا مكركم ، والله أعلم . وفي قوله : { إِنَّمَآ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ ٱلْبَلْدَةِ ٱلَّذِي حَرَّمَهَا } دلالة لزوم الرسالة ؛ لأن أهل مكة وغيرهم قد أقروا جميعاً بحرمة تلك البقعة من أوائلهم وأواخرهم ، فما عرفوا ذلك إلا بالرسل ؛ دل أن أوائلهم يقرون بالرسل والنبوة ، فعلى ذلك يلزم هؤلاء الإقرار بها ، والله أعلم . وقوله : { فَمَنِ ٱهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ } : يخبر : أن من آمن وقبل الهدى فإنما يفعل ذلك لمنفعة نفسه ، ومن ضل - أيضاً - فإنما يكون ضرره عليه ؛ كقوله : { مَّنْ عَمِلَ صَـٰلِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَآءَ فَعَلَيْهَا } [ فصلت : 46 ] . وقوله : { فَقُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ مِنَ ٱلْمُنذِرِينَ } أي : ليس عليّ إلا الإنذار ، فأمّا غير ذلك فذلك عليكم ؛ كقوله : { فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَّا حُمِّلْتُمْ } [ النور : 54 ] ، وقوله : { مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِّن شَيْءٍ } [ الأنعام : 52 ] . وقوله : { وَقُلِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ } : هذا يحتمل وجهين : أحدهما : سيريهم آيات وحدانيته وربوبيته ، وآيات رسالته . وقوله : { فَتَعْرِفُونَهَا } أي : بالآيات ما ذكر ؛ كقوله : { سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي ٱلآفَاقِ وَفِيۤ أَنفُسِهِمْ } [ فصلت : 53 ] . والثاني : سيريهم ما وعد لهم من النصر والمعونة ليعرفوه عياناً على ما عرفوه خبرا . وقوله - تعالى - : { وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } : قال بعضهم : هذا الحرف توبيخ للظالم وتعيير وزجر ، وتعزية للمظلوم وتسل له . وقال بعضهم : هذا الحرف ترغيب وترهيب . قال القتبي : قوله : { رَدِفَ لَكُم } [ النمل : 72 ] أي : تبعكم ، واللام زائدة ؛ كأنه قال : ردفكم ، والله أعلم بالصواب .