Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 69-71)
Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَدَّت طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ } : ذكر في القصّة أن المشركين أخذوا عماراً وحذيفة ، فقالوا لهم : ديننا أفضل من دينكم ، وأفضل من الأديان كلها ؛ فنزل هذا . والأشبه أن يكون مثل هذا من رؤساء أهل الكتاب ، وعلماؤهم هم الذين يتولون مثل هذا العمل ، وأمّا الجهّال منهم والرذلة ، فإنهم لا يفعلون هذا ، والله أعلم . وقوله : { وَمَا يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ } : الإضلال : قيل فيه بوجوه : قيل : الإضلال هو الإخمال ؛ أرادوا أن يَخْمُلَ ذكرهُم ، ولا يُذْكَرون بعدهم أبداً ، كما ذكر أولئك . وقيل : الإضلال : الإهلاك . وقيل : الإضلال : هو التحير ، وكل ضال طريقاً فهو متحير تائه ، { وَمَا يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ } أي : ما يهلكون إلا أنفسهم وما يُخْمِلون إلاّ ذكر أنفسهم . { وَمَا يَشْعُرُونَ } . أي : وما يشعرون أنهم يهلكون أنفسهم ، أو يحيرون ، وما يشعرون ماذا عليهم فيما ودّوا من أليم العقاب ، والله أعلم . ويقال : نزلت في عبد الله بن مسعود ، رضي الله عنه . وقوله : { يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ } . قوله : { وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ } : يحتمل وجوهاً : يحتمل : وأنتم تشهدون تلك الآيات ، وتعاينونها ، وتعلمون أنها آيات ، لكن تكابرون وتعاندون ، ولا تؤمنون بها . ويحتمل : { وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ } ، أي : وأنتم تعلمون ما في التوراة والإنجيل : من بعث محمد صلى الله عليه وسلم وصفته - أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل [ المخلوقات ] ، وأنه حق ، ولكن لا تتبعونه . وقيل : { وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ } ، أي : تعلمون أنها آيات ؛ والآيات تحتمل : القرآن ، وتحتمل : رسول الله محمداً . وتحتمل غيرها من الآيات التي جاء بها . وقال بعضهم : لم تكفرون بدين الله ، وأنتم تعلمون بدلالة الخلقة ، وشهادة كتبكم أن دين الله وتوحيده حق ؟ ! . وقوله : { يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ ٱلْحَقَّ بِٱلْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ ٱلْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } : في الآية دلالة جواز هتك الستر ، وإفشاء المكنون والمكتوم من الأمر ؛ إذا كان في ذلك تحذير لغيرهم عن مثله ، وترغيب لهم في المحمود من الفعل . ثم فيه دلالة إثبات رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه يخبرهم عما كانوا يكتمون ويُسِرُّون فيما بينهم ، وذلك من إطلاع الله إياه على ذلك . { وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } : ذلك ؛ ألا ترى أنهم لم يتعرضوا له بشيء من ذلك ، فيقولوا : متى كتمنا الحق ، ومتى لبسنا الحق بالباطل ؟ ! فدل أنهم علموا أنه حق ، وأنه رسول الله ، وأن ذلك إنما عُلم بإله - عز وجل - وذلك قوله : { وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } ، ثم عِلْمُ ذلك يكون بأن كان ذلك في كتابهم ، أو علموا بالآيات المعجزة . ويحتمل قوله : { وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } - ما جزاء من لَبَسَ الحق بالباطل وكتمه ، والله أعلم . ويحتمل : وأنتم تعلمون أنكم تلبسون الحق بالباطل .