Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 31, Ayat: 31-34)

Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱلْفُلْكَ تَجْرِي فِي ٱلْبَحْرِ بِنِعْمَتِ ٱللَّهِ } . وقال في موضع آخر : { وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ } [ يونس : 22 ] ، قوله : ( ريح طيبة ) - هي النعمة التي ذكر في هذه الآية . وقوله : { تَجْرِي فِي ٱلْبَحْرِ بِنِعْمَتِ ٱللَّهِ } - يحتمل وجهين : أحدهما : لما جعل لهم الفلك بحيث تجري على وجه الماء مع أحمال ثقيلة ، ومن طبعها التسرب في الماء والانحدار فيه ، فجعلها بحيث تستمسك على وجه الماء وتجري ؛ ليصلوا إلى حوائجهم ومنافعهم في أمكنة متباعدة ممتنعة : ما لولا السفن لم يصلوا إلى ذلك بحال . والثاني : ما ذكر فيه من الريح الطيبة التي بها تجري السفن في البحار ، وماؤها راكد ساكن ؛ فتعمل تلك الريح الطيبة عمل جريان الماء وسكونه ، وذلك نعمته ، والله أعلم . وقوله : { لِيُرِيَكُمْ مِّنْ آيَاتِهِ } . يحتمل آيات وحدانيته وآيات قدرته وسلطانه ، وآيات نعمته : أما آيات نعمته ، فما ذكر ، وآيات قدرته وسلطانه : ما ذكرنا : أنه من قدرته وسلطانه أن جعل الفلك والسفن في البحار بحيث تستمسك وتحتبس ، ولا تتسرب ولا تنحدر مع أحمال ثقيلة ، ومن طبع ذلك كله التسرب والانحدار ، وما ذكر من إجرائها بالريح الطيبة ، ولو كان فِعْلَ عدد لا فعل واحد لكان يمنع عن جريها ، دل أنه تدبير واحد لا عدد . وقوله : { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ } . جائز أن يكون الصبار هو المؤمن ، والشكور كذلك ، الصبر كناية عن الإيمان ، والشكر كناية عن الإيمان ؛ كقوله : { إِلاَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } [ هود : 11 ] ذكر الصبر مكان قوله : { آمَنُواْ } ؛ لأنه ذكر في آية أخرى : { إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } [ الشعراء : 227 ] ، والشكر كناية عن الإيمان ؛ كقوله : { إِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلاَ يَرْضَىٰ لِعِبَادِهِ ٱلْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُواْ يَرْضَهُ لَكُمْ } [ الزمر : 7 ] ، وقوله : { تَشْكُرُواْ } ، أي : تؤمنوا . ويحتمل : { صَبَّارٍ } على بلاياه ، و { شَكُورٍ } على نعمائه . أو جعل الآيات لمن ذكر ؛ لأنه هو المنتفع بها دون غيرهم . أو { صَبَّارٍ } فيما أصابهم في البحر من الشدائد والأهوال ، و { شَكُورٍ } فيما دفع عنهم وأنجاهم من تلك الأهوال ، والله أعلم . وقوله : { وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَّوْجٌ كَٱلظُّلَلِ } . قال بعضهم : { كَٱلظُّلَلِ } ، أي : كالظلل : هو سواد من كثرة الماء ومعظمه . وقيل : يصير الموج كالظلمة فوق السفينة . وجائز أن يكون الظلل التي ذكر على التمثيل لا على التحقيق ؛ كناية عن حيرتهم في الدين ، كقوله : { أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَآ أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا } [ النور : 40 ] ، وهو على المثال لا على التحقيق ، يخبر عن حيرتهم في الدين وتيههم فيه ؛ فعلى ذلك الأول . ثم يذكر أهل التأويل أن الآية في أهل الكفر : كانوا يخلصون الدعاء لله والدين له : عندما اشتد بهم الخوف على الهلاك عند معاينتهم الأهوال والشدائد في البحار ؛ لأن أهل الإسلام يخلصون له الدعاء والدين في الأحوال كلها فهي فيهم . وقوله : { فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى ٱلْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ } . قال بعضهم : { مُّقْتَصِدٌ } ، أي : حسن القول بلسانه كافر بقلبه . وقال بعضهم : { فَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ } ، أي : عدل ، أي : بقي على الإيمان والإخلاص الذي كان منه في تلك الأهوال لم يعد إلى الكفر . وقال بعضهم : { فَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ } : الوسط . العدل ، وهو ما ذكرنا ، والله أعلم . وقوله : { وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَآ إِلاَّ كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ } . قيل : الختار : الغدار . وقال بعضهم : الختار : هو الذي بلغ في الغدر غايته ونهايته . وقوله : { وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْعَلِيُّ ٱلْكَبِيرُ } العلي يتوجه وجهين : أحدهما : العلو : القهر والغلبة ؛ كقوله : { إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِي ٱلأَرْضِ } [ القصص : 4 ] ، أي : غلب وقهر ، وقوله : { تِلْكَ ٱلدَّارُ ٱلآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي ٱلأَرْضِ } [ القصص : 83 ] ؛ فعلى ذلك يشبه أن يكون قوله : { ٱلْعَلِيُّ } أي : القاهر الغالب . والثاني : أن يكون العلو : الارتفاع ؛ فإن كان الارتفاع ، فهو يرتفع ويتعالى عن أن يحتمل [ ما يحتمل ] الخلق من التغير والزوال وغير ذلك مما يحتمل الخلق ، ارتفع وتعالى عن احتمال ما يحتمل الخلق . والكبير ، أي : تكبر من أن يلحقه شيء مما يلحق الخلق ، والله أعلم . وقوله : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمْ } . يحتمل : { ٱتَّقُواْ رَبَّكُمْ } في الجهة التي له عليكم ، وأوفوا له ذلك . أو اتقوا مخالفة ربكم ومعصيته . أو اتقوا نقمة ربكم وعذابه . لكنه يختلف الأمر بالاتقاء في المؤمن والكافر : يكون للكافر : اتقوا الشرك وعبادة غير الله ، وفي المؤمن : اتقوا مخالفة الله في جميع ما يأمركم وينهاكم ، واتقوا عبادة غير الله أو الشرك في حادث الوقت . وقوله : { وَٱخْشَوْاْ يَوْماً لاَّ يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلاَ مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئاً } . يذكر هذا على الإياس وقطع طمع بعضهم عن بعض : بالوصلة التي كانت بينهم في الدنيا ، والمنافع التي كان ينفع بعضهم بعضا في الدنيا ، يخبر أن ذلك كله منقطع في الآخرة ؛ لهول ذلك اليوم ، واشتغال كل بنفسه ؛ حتى لا ينفع أحد صاحبه ، وخاصة ما ذكر من الولد لوالده والوالد لولده ، مما لا يحتمل قلب واحد منهما أن يلحق المكروه بالآخر ، ولا يصبر ألا يدفع ذلك عنه بكل ما به وسعه وطاقته ؛ للشفقة والمحبة التي جعلت فيهم . ثم أخبر ألا ينفع أحدهما صاحبه ؛ لاشتغاله بنفسه ، وعلى ذلك روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " كل نسب وسبب فهو منقطع ، إلا نسبي وسببي " ، ونسبه : دينه الذي دعانا إليه وعلمناه ، وسببه : شفاعته يوم القيامة ، فذلك كله منقطع إلا هذين ؛ فإنه من تمسك بدينه فإنه يشفع [ له ] يوم القيامة فيما قصر وفرط ، فأما من لم يقبل دينه ، ولم يجبه إلى ما دعاه - فإنه ليس له واحد من هذين من الأسباب والأنساب ، منقطع ؛ كقوله : { وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ ٱلأَسْبَابُ } [ البقرة : 161 ] . وقال بعضهم : قوله : { وَٱخْشَوْاْ يَوْماً لاَّ يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ } ، قال : هذه الآية في الكفار ؛ فأما المؤمنون فينفع الوالد ولده ، والولد والده في الآخرة : يدفع إلى ابنه بفضل عمله ، وكذلك الولد إلى أبيه ؛ كقوله : { آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً } [ النساء : 11 ] ، والله أعلم . وقوله : { إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ } . فيما ذكر من الإياس وقطع طمع بعضهم من بعض ، أو ما ذكر من قيام الساعة وكونها أنها تكون لا محالة ، أو في الثواب والعقاب . وقوله : { فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا } . هذا يحتمل وجهين على التحقيق والتمثيل . أما التحقيق : ألا تشغلنكم الحياة الدنيا ولذاتها ، ولا تلهينكم عن ذكر الله وعن الآخرة ، ولا تغتروا بها ؛ فإنها لعب ولهو ، على ما ذكر أنها لعب ولهو على ما هي عندكم ؛ لأنها عندهم أنها إنما أنشئت وخلقت لها لا للآخرة ، فالدنيا - على ما هي عندهم - لعب ولهو ، وأما على ما هي عندنا هي حق ليس بباطل ؛ لأنها أنشئت للآخرة وبلغة إليها . وأما التمثيل : أضاف التغرير إليها ؛ لأن ما كان منها من التزيين والتحسين في الظاهر وإظهار بهجتها وسرورها ولذاتها لو كان ممن له التمييز والعقل والفهم وحقيقة التزيين والتحسين كان تغريرا ؛ فعلى ذلك ما كان منها على الظاهر فهو تغرير على التمثيل . أو أن يكون ما ذكر : ألا تغتروا بالحياة الدنيا وما فيها من لذاتها ، والله أعلم . وقوله : { وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بِٱللَّهِ ٱلْغَرُورُ } . قيل : الغرور : الشيطان ، لا يغرنكم ، ويقول : إن الله كريم رحيم جواد ولا يعذبكم . أو يقول : إن الله غني قادر لا يأمركم بأمر ولا ينهاكم ؛ إذ إنما يأمر وينهى في الشاهد من كان محتاجاً ، فأما الغني فلا يأمر ، أو نحوه ، والله أعلم . وقوله : { إِنَّ ٱللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ ٱلسَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ ٱلْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي ٱلأَرْحَامِ } . ذكر في بعض الأخبار عن ابن عمر - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مفاتيح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله " ، وعدّ هذه الخمسة التي ذكرت في هذه الآية . وكذلك روي أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " خمس لا يعلمهن إلا الله ؛ [ ثم تلا ] قوله : { إِنَّ ٱللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ ٱلسَّاعَةِ } إلى آخر الآية " فإن ثبت هذا فهو ما ذكر ، ويرجع ذلك إلى معرفة حقيقة ما ذكر ؛ وإلا جائز أن يقال : إنه يعلم بعض هذه الأشياء بأعلام ؛ من نحو المطر أنه متى يمطر ، أو ما في الأرحام : أنه ولد وأنه ذكر أو أنثى ، وإن لم يعلم ماهية ما في الأرحام ؛ نحو ما يعلم المنجمة بذلك بالحساب وبأعلام ، يخرج ذلك على الصدق مما أخبروا ربما ؛ ألا ترى أن إبراهيم - صلوات الله عليه - قال : { إِنِّي سَقِيمٌ } [ الصافات : 89 ] لما نظر في النجوم ، أي : سأسقم . وروي أن أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - قال : إني ألقي إلى أن ذا بطن بنت خارجة جارية ، وكان كما ذكر ؛ فلا يحتمل أبو بكر يعلم ذلك لما ألقي إليه ، ورسول الله لا يعلم الساعة ؛ فإنه لا يطلع عليها أحد ، إلا أن يقال بأن رسول الله لم يؤذن له بالتكلم والقول بشيء إلا من جهة الوحي من السماء ، فأما الاشتغال بمثله فلا ؛ لأن الاشتغال بمثله تضييع لكثير مما امتحن ، وترك لبعض ما يؤمر وينهى ، أو لما يخرج ذلك مخرج التطير والتفاؤل واكتساب الرزق على غير الجهة التي جعل وأبيح لهم ؛ فكان المنع لذلك ، والله أعلم . ثم قوله : { إِنَّ ٱللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ ٱلسَّاعَةِ } يحتمل قوله : { عِلْمُ ٱلسَّاعَةِ } أي : وقت الساعة ، كقوله : { يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلسَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَٰهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَآ إِلاَّ هُوَ } [ الأعراف : 187 ] ، وقوله : { يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلسَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَٰهَا * فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَٰهَا * إِلَىٰ رَبِّكَ مُنتَهَٰهَآ } [ النازعات : 42 - 44 ] : أخبر أنه لا يجليها لوقتها ، وذكر لرسول الله : إنك { إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَٰهَا } [ النازعات : 45 ] ، فأما ما سوى ذلك فليس إليك . أو أن يكون قوله : { إِنَّ ٱللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ ٱلسَّاعَةِ } ، أي : عنده علم بماهية الساعة وأهوالها ، ولم يذكر ماهيتها وحدها وقدرها ؛ فأخبر أنه يعلم هو ذلك . وقوله : { وَيُنَزِّلُ ٱلْغَيْثَ } . سمى المطر : غيثاً ، فيشبه أن يكون سماه : غيثاً ؛ لما به يكون للناس غياث فيما به قوام أنفسهم ودنياهم ، وسماه في موضع : رحمة ، وفي موضع : مباركاً ، فتسميته : رحمة ؛ لما به نجاة أنفسهم وأبدانهم وذلك صورة الرحمة ، وسماه : مباركاً ؛ لما به ينمو ويزداد كل شيء ؛ إذ البركة هي اسم كل خير ينمو ويزاد بلا اكتساب . وقوله : { وَيَعْلَمُ مَا فِي ٱلأَرْحَامِ } . من انتقال النطفة إلى العلقة ، وانتقال العلقة إلى المضغة ، وتحوله من حال إلى حال أخرى ، وقدر زيادة ما فيه في كل وقت وفي كل ساعة ، ونحو ذلك لا يعلمه إلا الله . وأما العلم بأن فيه ولدا وأنه ذكر أو أنثى - فجائز أن يعلم ذلك غيره أيضاً . وقوله : { وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ } . جائز أن يكون كتم ذلك وأخفاه ؛ ليكونوا في كل حال على حذر وخوف وعلى يقظة ؛ إذ لو كان أطلعهم على ذلك - لكانوا آمنين إلى ذلك الوقت ؛ فيعملون بكل ما يريدون ويشاءون ؛ فيكون في ذلك ارتفاع المحنة ، فلبس ذلك عليهم ؛ ليكونوا أبداً في كل وقت وكل حال - على حذر وخوف ويقظة ، والله أعلم . { إِنَّ ٱللَّهَ عَلَيمٌ خَبِيرٌ } . وذكر بعض أهل التأويل " أن رجلا من أهل البادية يقال له : الوارث بن عمرو بن حارثة ابن محارب جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن أرضنا أجدبت ، فمتى الغيث ؟ وتركت امرأتي حبلى ؛ فماذا تلد ؟ وقد علمت أني ولدت ؛ ففي أي أرض أموت ؟ وقد علمت ما عملت اليوم ؛ فماذا أعمل غداً ؟ ومتى الساعة ؟ فأنزل الله - تعالى - في مسألة المحاربي : { إِنَّ ٱللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ ٱلسَّاعَةِ } : لا يعلمها غيره ، { وَيُنَزِّلُ ٱلْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي ٱلأَرْحَامِ } : من ذكر أو أنثى ، { وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ } برة أو فاجرة { مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً } : من خير أو شر ، { وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ } : في سهل أو جبل ، أو بر أو بحر { إِنَّ ٱللَّهَ عَلَيمٌ خَبِيرٌ } : بهذا الذي ذكر كله فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أين السائل عن الساعة ؟ " فقال المحاربي : هاهنا ؛ فقرأ النبي صلوات الله عليه هذه الآية " . قال أبو عوسجة : قوله : { كَٱلظُّلَلِ } ، أي : ما اسظللت به ، والظلة : السحاب . قال القتبي : { كَٱلظُّلَلِ } : جمع ظلة ، يريد : أن بعضه فوق بعض ؛ فله سواد من كثرته ، والبحر ذو ضلال لأمواجه . والختار : الغدار ، والختر : أقبح الغدر وأشده . وقال أبو عوسجة : الختار : الكذاب الغدار ؛ يقال : ختر ، يختر ، خترا ؛ فهو خاتر . وقوله : { وَٱخْشَوْاْ يَوْماً لاَّ يَجْزِي } ، أي : لا يغني ؛ تقول جزى يجزي ؛ فهو جاز ، أي : أغنى ، وأجزى يجزي مثله ، وأجزأني عن كذا وكذا ، أي : كفاني ، وكذلك قال القتبي . وقال : الغرور - بنصب الغين - : الشيطان ، والغرور - بضم الغين - : الباطل .