Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 37, Ayat: 123-132)

Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله - عز وجل - : { وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } . هذا ينقض على الباطنية مذهبهم ؛ لأنهم يقولون : إن الرسل - عليهم السلام - ستة : آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد - صلوات الله عليهم - وما سواهم أئمة ، وفي الآية إخبار أن إلياس كان من المرسلين ، هذا كله ينقض قولهم ويرد مذهبهم . وقوله - عز وجل - : { إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلاَ تَتَّقُونَ } ، عبادة غير الله . أو يقول : { أَلاَ تَتَّقُونَ } : ألا تخشون ولا تخافونه في ترككم عبادته واشتغالكم بعبادة غيره . أو { أَلاَ تَتَّقُونَ } نقمة الله في مخالفتكم أمره ونهيه ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { أَتَدْعُونَ بَعْلاً وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ ٱلْخَالِقِينَ } . قال بعض أهل التأويل : البعل هاهنا الرب بلسان قومه ، وذكر عن ابن عباس - رضي الله عنهما - : " أنه سئل عن قوله - عز وجل - : { أَتَدْعُونَ بَعْلاً } قال : فقال رجل : من يعرف الآثار ، فقال أعرابي : بعلها ، أي : ربها ، فقال ابن عباس : كفاني الأعرابي جوابها " . لكن لا يحتمل أن يكون المراد من قوله : { أَتَدْعُونَ بَعْلاً } أي : ربا ، إلا أن يكون ذكر أنه بلسان قومه ، في قول : { أَتَدْعُونَ بَعْلاً } : ربا تعلمون أنه لا يضر ولا ينفع ، وتذرون عبادة من تعلمون أنه يضر وينفع ، أو تختارون عبادة من تعلمون أنه لا يملك الضر ولا النفع على عبادة من تعلمون أنه يملك ذلك . وقال بعضهم : البعل : السيد هاهنا ، وكذلك يقول في قوله : { وَهَـٰذَا بَعْلِي شَيْخاً } [ هود : 72 ] أي : سيدي . وقال بعضهم : البعل : هو اسم الصنم هاهنا ، يقول : أتعبدون صنماً وتذرون أحسن الخالقين ، وأصل البعل : الزوج ، كأنه يقول لهم : أتدعون من له أزواج وأشكال ، وتذرون عبادة من لا زوج له ولا أشكال ، والله الموفق . وقال ابن عباس - رضي الله عنه - : أول هذه يماني وآخرها مضري وهو قوله : { وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ ٱلْخَالِقِينَ } يسمون كل صانع : خالقاً ، والخلق : هو التقدير في اللغة يضاف إلى الخلق على المجاز وإن كان حقيقة التقدير لله - عز وجل - ذكر على ما عندهم لا على حقيقة الخلق ، والله أعلم . ثم يحتمل قوله - عز وجل - : { أَحْسَنَ ٱلْخَالِقِينَ } ، أي : أحكم وأتقن ؛ على ما ذكر : وهو { أَحْكَمُ ٱلْحَاكِمِينَ } [ هود : 45 ] ، أي : جعل في كل شيء أثر شهادة وحدانية الله وربوبيته . أو { أَحْسَنَ ٱلْخَالِقِينَ } لما ذكر أنه خلقهم وخلق آباءهم الأولين ، وأنه ربهم ورب الخلائق ، فقالوا : من أحسن الخالقين ؟ فعند ذلك [ ذكر ] ما ذكر ونعته : { ٱللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَآئِكُمُ ٱلأَوَّلِينَ } ، ثم أخبر عنهم أنهم كذبوه مع ما ذكر لهم ، وهو ما قال - عز وجل - : { فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ } ، ولم يذكر في ماذا ؟ لكن فيه بيان أنهم لمحضرون النار والعذاب ؛ لأن أهل اللذات هم المحضرون أنفسهم و [ أهل ] العذاب يحضرون كرهاً لا بأنفسهم ؛ كقوله - عز وجل - : { يُدَعُّونَ إِلَىٰ نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا } [ الطور : 13 ] ، وقوله - عز وجل - : { يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي ٱلنَّارِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ } [ القمر : 48 ] ، وقوله : { وَيَصْلَىٰ سَعِيراً } [ الانشقاق : 12 ] ونحوه ، ثم استثنى العباد المخلصين منهم أنهم لا يحضرون النار . وقوله - عز وجل - : { وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي ٱلآخِرِينَ * سَلاَمٌ عَلَىٰ إِلْ يَاسِينَ } . هو ما ذكرنا أنه أبقى لهم الثناء الحسن [ ومن أهلك ] إنما أهلك بتكذيب الرسل وعنادهم ، ومن نجا منهم إنما نجا بتصديقهم والإجابة لهم وإياكم وتكذيب محمد صلى الله عليه وسلم فينزل بكم كما نزل بأولئك .