Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 39, Ayat: 24-26)
Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله - عز وجل - : { أَفَمَن يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } كأنه لم يذكر مقابل هذا في هذا الموضع ، فجائز أن يكون مقابله ما تقدم ، وهو قوله : أفمن جعل له الغرف على الغرف تجري من تحتها الأنهار كمن يتقي بوجهه سوء العذاب ، ليس هذا كذاك ، ولا أحد يتقي بوجهه سوء العذاب ، لكن يخرج ذكر ذلك على وجوه : أحدها : كناية عن الشفعاء وأهل النصر ، كأنّه يقول : لا يكون لهم من يشفع أو يملك دفع العذاب عنهم . أو تكون أيديهم مغلولة إلى أعناقهم بلا يد له يتقي بها سوء العذاب عن وجهه ؛ لأن في الشاهد من أصاب شيئاً من العذاب يتقي ذلك العذاب عن وجهه بيده ، فيخبر أن لا يد له في الآخرة يتقي العذاب بها عن وجهه ؛ بل يصيب العذاب وجهه ، فكأنما يتقي به . أو أن يكون ذكر الوجه كناية عن نفسه ، وهو ما ذكرنا ألا يكون له من يملك دفع العذاب عنه . أو أن يكون ذكر الوجه كناية عن قلبه أي : يصل وجع ذلك العذاب إلى قلبه ، ولا يملك دفعه ، والله أعلم . وقوله : { وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ } . يحتمل أي : ذوقوا جزاء ما كنتم تكسبون . أو يقول : ذوقوا ما اخترتم من الكسب ، وهذا بما اخترتم ؛ لأنه قد بين لهم الكسبين جميعاً ، وما يكون لكل كسب في العاقبة ، فاختاروا هم الكسب الذي كان عاقبته الذي أصابهم ، فكأنهم اختاروا ذلك الذي حل بهم باختيارهم ذلك الكسب ، والله أعلم . وقوله : { كَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَاهُمُ ٱلْعَـذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ } ليخوفهم ويحذرهم ما نزل بالمتقدمين بتكذيب الرسل والعناد بعد ما حذرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبعث ، وما حل بهم يوم القيامة بذلك ؛ فإذ لم يصدقوه فيما يحذرهم يوم القيامة حذرهم بالذي انتهى إليهم الخبر ، يعني : رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ ليحذروا . وقوله : { مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ } أي : من حيث لا يأمنون العذاب أنى : ينزل بهم . وقوله : { فَأَذَاقَهُمُ ٱللَّهُ ٱلْخِزْيَ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } العذاب الذي نزل بهم في الدنيا ليس هو عذاب الكفر ، إنما هو عذاب العناد ، والتعنت ، وأفعال فعلوها في حال الكفر ، فهو في الآخرة أبد الآبدين فيه ، خالدين مخلدين فيه ؛ ولذلك قال : { وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } .