Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 131-134)
Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله - عز وجل - : { وَللَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ … } الآية . وصى الخلق كلهم : { أَنِ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } ، ثم قوله - عز وجل - : { وَلَقَدْ وَصَّيْنَا ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ … } . قيل : وصينا : أمرنا . وقيل : وصينا : فرضنا على الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم : { أَنِ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } ، وقوله - عز وجل - : { أَنِ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } ، قيل : أي أمرناهم أن يوحدوا الله ويتقوا الشرك . وقال مقاتل : { أَنِ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } ، أي : وحدو الله . وقيل : قوله - تعالى - : { أَنِ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } ، أي : أطيعوه فيما أمركم ونهاكم عنه . ويحتمل : { أَنِ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } ، أي : اتقوا عذاب الله ونقمته ، ولا تعبدوا غيره دونه . { وَإِن تَكْفُرُواْ } . ولم تتقوا فيما أمركم الله ونهاكم . { فَإِنَّ للَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } . ذكر هذا على أثر قوله : { وَلَقَدْ وَصَّيْنَا ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } ؛ ليعلموا أنه لم يأمرهم بذلك لحاجة له في عبادتهم ، و [ لم ] يأمر لمنفعة نفسه ؛ إذ من له ملك ما في السماوات وما في الأرض لا يحتاج إلى آخر ينتفع به ؛ ولكن ليعلموا أنه - تعالى - إنما أمرهم بذلك لحاجتهم في ذلك ، ولمنفعة أنفسهم ؛ ألا ترى أنه قال - عز وجل - : { وَكَانَ ٱللَّهُ غَنِيّاً حَمِيداً } غنيّاً عن عبادتكم له وطاعتكم إياه ، وحميداً في سلطانه ، ويكون غنيّاً عن خلقه في الأزل ، حميداً في فعله ، وذلك الحميد في الفعل يخرج على إتقان الفعل وإحكامه ، أو على إحسانه إلى خلقه ، وإنعامه عليهم . وقوله - عز وجل - : { وَللَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } . هو ما ذكرنا من غنائه عن عبادة خلقه وطاعتهم له . { إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا ٱلنَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ } - تأويله والله أعلم - : أي من له ما في السماوات وما في الأرض يقدر أن يذهبكم ، أي : يهلككم ، ويأتي بآخرين أخير منكم ، وأخوف أطوع لله منكم ، لكنه لا يفعل ؛ لأنه غني عن عبادتكم وطاعتكم ، لم يخلقكم في الابتداء لحاجته في عبادتكم أو لمنفعة له ؛ ولكن لحاجة أنفسكم ومنافعكم ، والله أعلم . ثم يحتمل قوله - عز وجل - : { إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا ٱلنَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ } : في قوم خاص ، كما كان في الأمم الخالية من الإهلاك عند المعاندة والمكابرة . ويحتمل في الكل { إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ } ، أي : يهلككم : الكل ، ويأت بآخرين ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ ذٰلِكَ قَدِيراً } أي : كان الله على الإهلاك والإبدال قديراً ، ولا قوة إلا بالله . وقوله - عز وجل - : { مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ ٱلدُّنْيَا فَعِندَ ٱللَّهِ ثَوَابُ ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ } . قال بعض أهل التأويل : من كان يريد بعمله الذي يعمله عرَض الدنيا ، ولا يريد به ألله - آتاه الله ما أحب من عرض الدنيا ، أو دفع عنه ما أحب في الدنيا ؛ فليس له في الآخرة من ثواب ؛ لأنه عمل لغير الله ، وهو كقوله - عز وجل - : { فَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَآ آتِنَا فِي ٱلدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي ٱلآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ } [ البقرة : 200 ] ، ومن أراد بعمله الذي يعمله في الدنيا ، ثواب الآخرة - أتاه الله - تعالى - من عرض الدنيا ما أحب ، ودفع عنه ، وجزاه في الآخرة الجنة ؛ بعمله في الدنيا ، والله أعلم . وتحتمل الآية - غير هذا - وجوهاً كأنها أشبه من هذا : أحدها : أنهم كانوا يتخذون من دون الله آلهة يعبدونها ؛ طلباً للرياسة والعز والشرف ؛ كقوله - عز وجل - : { وَٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ آلِهَةً لِّيَكُونُواْ لَهُمْ عِزّاً * كَلاَّ } [ مريم : 81 - 82 ] فأخبر أن العز والشرف ليس [ في ذلك ] ؛ ولكن عند الله عز الدنيا والآخرة . والثاني : أنهم كانوا يعبدون الأوثان والأصنام ، ويقولون : { مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلْفَىۤ } [ الزمر : 3 ] ويقولون : { هَـٰؤُلاۤءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ ٱللَّهِ } [ يونس : 18 ] ؛ فأخبر أن ليس في عبادتكم هذه الأوثان دون الله - لكم زلفى ، ولا ثواب ، ولكن اعبد الله ؛ فعنده الدنيا والآخرة . والثالث : يحتمل : أن يكونوا عبدوا هذه الأصنام ؛ لمنافع يتأملون بذلك في الدنيا والسعة في الدنيا ؛ كقوله - تعالى - : { إِنَّ ٱلَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لاَ يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَٱبْتَغُواْ عِندَ ٱللَّهِ ٱلرِّزْقَ وَٱعْبُدُوهُ … } الآية [ العنكبوت : 17 ] ؛ فعلى ذلك قوله - عز وجل - : { مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ ٱلدُّنْيَا فَعِندَ ٱللَّهِ ثَوَابُ ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ } لا عند من تطلبون . ويحتمل أن تكون الآية في أهل المراءاة والنفاق ، الذين يراءون بأعمالهم الصالحة في الدنيا ؛ [ يريدن ] ثواب الدنيا لا غير ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { وَكَانَ ٱللَّهُ سَمِيعاً } . لمقالتكم . { بَصِيراً } . بما تريدون وتعملون ، وهو وعيد .