Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 13-14)
Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله - عز وجل - : { تِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ } . قيل : فرائض الله التي أمركم بها من قسمة الميراث . ويحتمل { حُدُودُ ٱللَّهِ } : ما حدّ لنا حتى لا يجوز مجاوزتها ، وقد تقدم ذكرها في سورة البقرة . وذكر حدود الله ، وقد يجوز أن يكون للخلق حدود ، يقال : حدُّ فلان ؛ فإذا لم يفهم من حدود الله ما فهم من حدّ الخلق كيف فهم من قوله : { ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ } [ الأعراف : 54 ] ، و { ٱسْتَوَىٰ إِلَى ٱلسَّمَآءِ } [ البقرة : 29 ] ما فهم من استواء الخلق ؟ ! فإذا لم يفهم من حدود الله ما فهم من حد الخلق - لم يجز أن يفهم من استواء الله ما يفهم من استواء الخلق ، وكذلك لا يفهم من رؤية الرب ما يفهم من رؤية المخلوق ، ولا يفهم من مجيئه مجيء الخلق ، ولا من نزوله نزول الخلق ، على ما لم يفهم من قوله - تعالى - { تِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ } حدود الخلق ؛ إذ لا فرق بين هذا وبين الأول . وقوله - عز وجل - : { تِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ } يحتمل وجهين : أحدهما : أوامره ونواهيه ، وما حَرَّم وأحل . ويحتمل : حدود شيء من ذلك ؛ فيرجع تأويل الأول إلى أنفس العبادات ، والثاني : إلى نهايات العبادات . والمعروف من الحدود التي تنسب إلى الخلق وجهان : أحدهما : نهاية المنسوب إليه ، وذلك حق حد الأعيان . والثاني : الأثر الذي يضاف إليه ، وذلك حد الصفات أن يقال : حد الفعل فعل كذا ، وحد البصر والسمع ، يراد به الأثر الذي به يعرف ، أو هنالك ما ذكر ، ثم لم تكن الحدود التي أضيفت إلى الله - سبحانه وتعالى - على واحد من الوجهين اللذين يضافا إلى الخلق ؛ إذ قد ثبت بضرورة العقل وحُجج السمع تعاليه عن المعاني التي هي معاني خلقه ؛ فعلى ذلك ما أضيف إليه من طريق العقل من الاستواء ، والمجيء ، والرؤية - لم يجز في ذلك تصوير المعنى الذي في إضافة ذلك إلى الخلق يكون بما في ضرورة العقل والسمع جلاله وكبرياؤه عن ذلك المعنى ، وبالله العصمة . وقوله - عز وجل - : { وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } . قيل : من يطع الله في أداء فرائضه [ وسنة رسوله ] . { يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ … } إلى آخر ما ذكر . وقيل : ومن يطع الله فيما أمر ونهي ، وأطاع رسوله في أمره ونهيه ؛ فله ما ذكر . وقيل : إذا أطاع الله فقد أطاع رسوله ، وإذا أطاع رسوله فقد أطاع الله - تعالى - وهو واحد ، كقوله : { مَّنْ يُطِعِ ٱلرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ ٱللَّهَ } وقوله : { وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ } - تعالى - : فيما أمر ونهي ، وحَرَّم وأحل ، { وَرَسُولَهُ } : فيما بلغ وبين . وقيل : ذا ليس بتفريق ، لكن من الذي يطيع الله هو الذي يطيع رسوله ؛ لأنه إلى طاعة الله - تعالى - دعاه ، وعلى عبادته رغب ؛ فتكون طاعتُهُ طاعتَهُ ، كقوله - تعالى - : { مَّنْ يُطِعِ ٱلرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ ٱللَّهَ } ، وكقوله - سبحانه - : { إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِي … } الآية [ آل عمران : 31 ] . وقوله - تعالى - : { وَمَن يَعْصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } . وهذا كذلك - أيضاً - إذا عصى الله ؛ فقد تعدى حدوده ، ومن تعدى حدوده فقد عصى الله . ويحتمل قوله : { وَمَن يَعْصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } : فيما لم ير أمره أمراً ونهيه نهياً ، { وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ } ، يعني : أحكامه وشرائعه ، أي : لم يرها حقّاً - : { يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا } . وله ما ذكر .