Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 20-22)

Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله - عز وجل - : { وَإِنْ أَرَدْتُّمُ ٱسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً } والقنطار : قيل : مائة رطل . وقيل في حرف ابن مسعود : " قنطاراً من الذهب " . وعن ابن عباس - رضي الله عنه - قال : إن كرهت امرأتك أو أعجبتك غيرها ؛ فطلقت هذه وتزوجت تلك ، فأعط هذه مهرها وإن كان قنطاراً . والقنطار : اثنا عشر ألف درهم ، أو ألف دينار . وقيل : القنطار ألف ومائتا دينار ، فهذا على التمثيل ، ليس على التقدير ، ووجه النهي والوعيد في ذلك - والله أعلم - ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إِنَّ النِّسَاءَ عِنْدَكُمْ عَوَانٍ ، اتَّخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللهِ - تَعَالَى - وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللهِ تَعَالَى " فوعد - عز وجل - الأزواج في غير آي من القرآن عن أخذ مهور النساء وغيرها من الأموال ؛ لضعفهن في أنفسهن ، والرجال هم القوامون عليهن ؛ لئلا يبسط الأزواج في أموالهن ؛ إشفاقاً عليهن ، أو لما إذا أخذ منها مهرها تبقى تلك المنفعة بلا بدل ، وذلك زنا ؛ وعلى هذا يجيء ألا يجوز له أن يخلطها ؛ لأنه إذا أخذ منها مهرها بقيت له المنفعة بلا بدل ، لكنه أجيز له ذلك ؛ لأنه تقلب في الملك ، وكل من تقلب في ملكه ببدل يأخذه جاز له ذلك . وقوله - عز وجل - : { أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً } . قيل : ظلماً بغير حق . وقيل : إذا أراد طلاقها لا يضارها بكذب لتفتدي منه مهرها . { وَإِثْماً مُّبِيناً } : ويحتمل أن يكون البهتان والإثم واحداً . وقوله - عز وجل - : { وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَىٰ بَعْضُكُمْ } . قيل : الإفضاء : هو الجماع . والأشبه أن يكون الإفضاء : الاجتماع ؛ لأنه أضاف إليهما جميعاً ، فهو بالاجتماع أشبه وإليه أقرب ؛ فيجب المهر بالاجتماع والخلوة بها ، والجماع فعل الزوج ، يضاف إليه خاصة . وقوله - عز وجل - : { وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً } . قيل : عقدة النكاح . وقيل : هو ما ذكرنا في قوله - تعالى - : { فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَٰنٍ } [ البقرة : 229 ] . وقيل : الميثاق الغليظ ما ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول : " اتَّقُوا اللهَ فِي النِّسَاءِ ؛ فَإِنَّكُمْ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمُوهُنَّ بِأمَانَةِ اللهِ ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلمِةَ اللهِ ، وَإِنَّهُنَّ عِنْدَكُمْ عَوَانٍ لاَ يَمْلِكْنَ مِنْ أَمْرِهِنَّ شَيْئاً " . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " يَأَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّ لَكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ حَقّاً ، وَإِنَّ لَهُنَّ عَلَيْكُمْ حَقّاً ، وَإِنَّ مِنْ حِقِّكُمْ عَلَيهِنَّ أَلاَّ يُوطِئنَّ فُرُشَكُمْ ، وَلاَ يَأْذَنَّ فِي بُيُوتِكُمْ لأِحَدٍ تَكْرَهُونَهُ ، وَلاَ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مبُيَنِّةٍ ، فَإِنْ هُنَّ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَقَدْ أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَضْرِبُوهُنَّ ضَرْباً غَيْرَ مُبَرِّحٍ - يعني : غير شائن - وَإِنَّ مِنْ حَقِّهِنَّ عَلَيْكُمُ الكُسْوَةَ والنَّفَقَةَ بِالْمَعْرُِوفِ " . وقيل : " إن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم : ماذا يحل لنا من نسائنا ؟ وما يحرك علينا منهم ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " حَرْثُكَ ، فَأْتِهِ أَنَّى شِئْتَ ، وَلاَ تَضْرِبِ الوَجْهَ ، وَلاَ تُقَبِّحْهُ ، وَلاَ تَهْجُرْهَا إِلاَّ فِي بَيْتِهَا ، وَأَطْعِمْهَا إِذَا أَكَلْتَ ، وَاكْسُهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ " . وقيل : الميثاق الغليظ : ما أقروا به من قول الله : { فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ } [ البقرة : 231 ] . وقوله - عز وجل - : { وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ } حرم - الله تعالى - على الأبناء نكاح نساء الآباء ، وذلك أنهم كانوا يعملون في الجاهلية ما قيل في القصة : أن أبا قيس توفي فعمد ابنه - يقال له : محصن - فتزوج امرأة أبيه ، فنهي الله - تعالى - عن ذلك ، فقال - عز وجل - : { وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ } . وقيل : إن رجلاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج سالاً سيفه ؛ فقيل له : ما شأنك ؟ فقال : إن رجلاً تزوج بامرأة أبيه ، فهذا إذا تزوجها مستحلاً لها ، فهو يكفر لذلك : كأن قصد قتله ؛ وكذلك حرم الله - سبحانه وتعالى - على الآباء نكاح نساء الأبناء بقوله - تعالى - : { وَحَلَٰئِلُ أَبْنَائِكُمُ } . وقوله - عز وجل - : { إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً } : أي : إنكم إذا انتهيتم عن ذلك في الائتناف يغفر لكم ما قد سلف ، وإن كان فاحشة . وقيل : { إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ } قبل : التحريم . { إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً } أي : صار فاحشة في الإسلام : { وَمَقْتاً } قيل : بغضاً . { وَسَآءَ سَبِيلاً } أي : بئس المسلك تزوج نساء الآباء . ويحتمل أن تكون الآية في الطلاق ؛ إذ كان الرجل يطلق امرأته ثمّ يندم على طلاقها ، فيتزوجها ابنه ، فيمقت ذلك الأب ويبغض . وقوله - عز وجل - : { وَسَآءَ سَبِيلاً } : أي : بئس السبيل نكاح امرأة أبيه ، حيث مقت أبيه وبئس مقت أبيه المسلك .