Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 40, Ayat: 7-12)

Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله - عز وجل - : { ٱلَّذِينَ يَحْمِلُونَ ٱلْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ } . قد ذكرنا في غير موضع أن التسبيح بحمد ربهم هو الثناء عليه ، والحمد له بالتبرئة والتنزيه عن جميع أوصاف الخلق ومعانيهم ، [ و ] عن جميع ما قال الملاحدة فيه . وقوله - عز وجل - : { وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ } . هذه أرجى آية للمؤمنين ، والآيات التي فيها استغفار الرسل للمؤمنين من نحو قول نوح - عليه السلام - حيث قال : { رَّبِّ ٱغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ } [ نوح : 28 ] وقول إبراهيم - عليه السلام - : { رَبَّنَا ٱغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ ٱلْحِسَابُ } [ إبراهيم : 41 ] ، وما أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يستغفر لنفسه وللمؤمنين والمؤمنات إنما هو في الذنوب التي ليس له أن يعذبهم عليها ، وهي الصغائر ، وليس له أن يغفر الكبائر ، ويستدل على ذلك بقوله : { فَٱغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُواْ وَٱتَّبَعُواْ سَبِيلَكَ } ، إنما أمره أن يستغفر للذي تاب ، فأما من لم يتب ، ولم يأمره بالاستغفار ، فيجب القول بما قلنا ؛ عملا بالآيتين . لكن نقول نحن : إنه لو كان استغفاره لمن ذكر خاصة لأصحاب الصغائر على ما قالوا ، يصير كأنه أمر النبي - عليه السلام - أن يستغفر لهم ، ولا يحزن عليهم ؛ إذ هم مغفور ذنبهم ؛ فيحصل قولهم على ما ذكرنا ، وذلك وخش من القول ، والله أعلم . ثم يجيء أن يكون المعتزلة والخوارج في الظاهر أبعد الخلائق من المعاصي وأقربهم إلى الطاعات ، ونحن أقرب الخلائق إلى المعاصي وأبعدهم عن الطاعات ؛ لأنهم لا يرون النجاة إلا بأعمالهم ولا يرون برحمة الله ، ولا بشفاعة أحد ، ولكن بأعمالهم ؛ فيجب أن يكونوا أبداً متكلين ملازمين على الطاعات في كل وقت وساعة ، لا يعصون الله طرفة عين ، ونحن لم نر النجاة بالأعمال ، ولكن إنما نرى ذلك برحمة الله تعالى ، وبشفاعة من ارتضى بشفاعته ؛ فيجب أن نكون معتمدين على رحمة الله وفضله غير مشتغلين بشيء من الطاعات . ثم في الحقيقة يجب أن يكونوا هم أقرب الخلائق إلى المعاصي وأبعدهم من الطاعات ، ونحن ألزم الخلائق بالطاعات وأبعدهم من المعاصي ؛ لأنا نرى عند الله لطائف وفواضل باقية ، لم يعطنا ما لو أعطانا لم يصدر منا إلا الخير والطاعات ؛ وسلمنا عن المعاصي وأنواع الشرور ، وعصمنا ؛ فيجب أن نكون متكلين على الطاعات ؛ لنصل إلى تلك اللطائف ، وهم لا يرون بقي عنده شيء من اللطائف ، بل يقولون : قد أعطانا كل شيء حتى لم يبق عنده شيء من مصالح الدين ؛ فيجب أن يكونوا ما ذكرنا ، والله أعلم . ثم قولنا : إن الله تعالى ينجينا برحمته وبشفاعة من جعل له الشفاعة لا بأعمالنا ، وعلى ذلك روي في الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لن يدخل أحد الجنة إلا برحمة الله " ، قيل : ولا أنت يا رسول الله ؟ ! قال : " ولا أنا ، إلا أن يتغمدني الله برحمته " ، والمعتزلة يقولون : لا ، بل ندخل بأعمالنا ، وكذلك قول الخوارج . وأصل قولنا : إن لله - عز وجل - أن يعذب عباده على جميع المعاصي : على الصغائر والكبائر جميعاً ، وله أن يغفر جميع المعاصي سوى الشرك والكفر ، على ما ذكرنا من دلائل الآيات وغيرها . وقوله : { رَبَّنَا وَسِعْتَ كُـلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً } . قوله : { وَسِعْتَ كُـلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً } فرحمة الدنيا يدخل فيها الكافر والمؤمن جميعاً ، فأما رحمة الآخرة ، فهي للمؤمنين خاصة ، هو كما ذكر في قصة موسى - عليه السلام - حيث قال : { وَٱكْتُبْ لَنَا فِي هَـٰذِهِ ٱلدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي ٱلآخِرَةِ … } [ الأعراف : 156 ] إلى قوله : { وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ … } الآية [ الأعراف : 156 ] ، وكقوله : { قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِيۤ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ ٱلرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } [ الأعراف : 32 ] ، كأنه يقول : قل هي للذين آمنوا ، والذين لم يؤمنوا ، ثم هي خالصة للذين آمنوا يوم القيامة ؛ فعلى ذلك قوله : { وَسِعْتَ كُـلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً } [ غافر : 7 ] هي رحمة الدنيا : المؤمن والكافر جميعا في تلك ، فأما رحمة الآخرة ليست إلا للذين آمنوا ، والله أعلم . وقوله : { وَعِلْماً } أي : علم ما فيها . وقوله - عز وجل - : { فَٱغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُواْ وَٱتَّبَعُواْ سَبِيلَكَ } يحتمل وجوهاً : أحدها : { فَٱغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُواْ } من الشرك ، { وَٱتَّبَعُواْ سَبِيلَكَ } أي : دينك ، [ و ] هو الإسلام . والثاني : أي : فاغفر للذين تابوا عن الكبائر والفواحش { وَٱتَّبَعُواْ سَبِيلَكَ } أي : طاعتك . والثالث : { فَٱغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُواْ } عن جميع المعاصي صغائر أو كبائر واتبعوا طاعتك ، والله أعلم . وقوله : { وَقِهِمْ عَذَابَ ٱلْجَحِيمِ } ظاهر . ثم قوله : { رَبَّنَا وَسِعْتَ كُـلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً } . لا يمكن العمل بها على قول المعتزلة ؛ لأن رحمة الله عندهم لا تسع لذنب واحد ، فإنه ليس له أن يعفو عنه ؛ فإن عندهم أن من ارتكب كبيرة ، ليس له أن يرحمه ، ولكن يعاقبه - على زعمهم - خالدا مخلدا ، وإذا كان [ هذا ] قولهم ومذهبهم ، فليست رحمته بواسعة بزعمهم . ثم يقولون - أيضاً - : إن الله تعالى قد هدى كل كافر وأعطاه ما يهتدي به ، لكنه لم يهتد به ، وأنه لم يبق عنده ما يهديه به ؛ فعلى هذا القول رحمته لا تتسع لهداية الكافر ، فإذن رحمة الله بزعمهم على خلاف ما ذكر الله تعالى ووصفها بالسعة ، والله الموفق . وأما عندنا فهو ما ذكرنا من جمع الكل في ذلك ؛ لما ذكرنا أن تلك الرحمة هي الرحمة الدنيوية ، أو ما ذكرنا من كون اللطائف عنده من أعطاها اهتدى ، والله الموفق . وقوله - عز وجل - : { رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ ٱلَّتِي وَعَدْتَّهُمْ } هذا يخرج على وجوه : أحدها : أن الوعد كان منه لجملة المؤمنين ، فسألوا أن يدخل قوم على الإشارة والتيقين في جملة ذلك الوعد ؛ لاحتمال خصوص في الجملة ، والله أعلم . والثاني : سألوه أن يجيبهم على الأسباب والأعمال التي يستوجبون ذلك ، والله أعلم . والثالث : يجوز أن يكون الوعد لهم بشرط الذي سألوه ، والله تعالى عالم في الأزل : أنه يوجد ذلك الشرط وهو سؤالهم ؛ فيكون لهم ذلك الوعد ، ومثل ذلك جائز ، قال الله تعالى : { كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً } [ مريم : 71 ] إنما يعذبهم بسؤال هؤلاء على ذلك كان : إنما تقديره : أنه لا يعذبهم إذا سألوا ، وعلم أنهم سألوا ؛ وعلى ذلك الحديث الوارد : أن الصدقة تزيد في العمر ، جرى تقديره [ في ] الأزل أنه يوجد منه الصدقة ، فيكون عمره زائداً ؛ على ما لو علم أنه لا يتصدق ، وإنما لا يجوز التعليق بالشرط في حق الله تعالى على نحو ما يكون في حق العباد أن يوجد عند وجود الشرط ، ولا يوجد عند عدمه ، ولا علم لهم بعاقبة ذلك ، والله تعالى عالم بالعواقب ، فمتى علق بشرط كان ذلك منه في الأزل حكما على أن يوجد مع ذلك الشرط لا محالة ، لما علم وجود ذلك الشرط مع علمه أنه لو لم يكن ذلك الشرط كيف كان ، والله الموفق . أما ظاهر الآية أنه إذا وعدها لهم ، لأدخلها لا محالة فيها ؛ فلا معنى للسؤال في ذلك لما يخرج السؤال في مثله مخرج السؤال في تصديق الوعد والامتناع عن الخلف ، ولكن الآية تخرج على الوجوه التي ذكرنا . وقوله : { وَمَن صَـلَحَ مِنْ آبَآئِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ … } الآية . سألوه أيضاً إدخال هؤلاء في ذلك الوعد أيضاً على ما ذكرنا . وقوله : { وَقِهِمُ ٱلسَّيِّئَاتِ } . هذا يحتمل أنهم سألوا أن يقيهم في الآخرة أموراً تسوءهم من الأهوال والأفزاع ، وغير ذلك من العذاب . ويحتمل في الدنيا أمر الشرك وغيره ؛ يدل عليه قوله : { وَمَن تَقِ ٱلسَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ } أي : ومن تق السيئات في الدنيا ، فقد رحمته يومئذ { وَذَلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } . وقوله : { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ ٱللَّهِ أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُـمْ … } الآية . ذكر أن أهل النار إذا دخلوا النار وعاينوا ما أنكروا من البعث والعذاب ، فجعل كل إنسان منهم يمقت نفسه ، ويلومها ، فينادون : لمقت الله إياكم أكبر مما أوجب عليكم من اللعن ، والنقمة أكبر مما تمقتون به أنفسكم وأشد ؛ هذا وجه ، [ ووجه ] آخر : جائز أن يقال لهم : إن الواجب عليكم أن تروا مقت الله إياكم وقت ارتكابكم العصيان وعند تعاطيكم ما تعاطيتم أكبر وأشد من مقتكم العذاب ودخولكم النار ؛ لأنكم إن رأيتم مقت الله إياكم عند ارتكابكم ما ارتكبتم أنه ينزل بكم ، لزجركم ومنعكم عن ارتكاب ذلك وتعاطيه ، وحملكم على إيثار ما دعيتم إليه . من التوحيد لله تعالى والإيمان به ، والله تعالى أعلم . وعلى هذين التأولين يرجع تأويل قوله : { وَلَذِكْرُ ٱللَّهِ أَكْبَرُ } [ العنكبوت : 45 ] . أحدهما : أن ذكر الله إياكم بالرحمة والمغفرة أكبر وأعظم من ذكركم إياه ، وصلواتكم وعبادتكم له . والثاني : أن ذكر نفس نهي الله تعالى إياكم عن المعاصي وقت ارتكابها أكبر - في الرهبة عنها والمنع - من الصلاة نفسها ، إن كانت الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ، { وَلَذِكْرُ ٱللَّهِ أَكْبَرُ } [ العنكبوت : 45 ] ؛ لما أن الصلاة فيها أعمال تشغل عن ذكر النهي ، والله أعلم . ثم قوله تعالى : { مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُـمْ } . يحتمل وجهين : أحدهما : أي : مقت بعضكم بعضاً كقوله : { يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً } [ العنكبوت : 25 ] . ويحتمل ذلك كقوله : { إِنَّ ٱلصَّلاَةَ تَنْهَىٰ } [ العنكبوت : 45 ] أي : يمقت كل إنسان نفسه ؛ لما كان من العصيان والكفر ، وإنما احتمل هذين الوجهين ؛ لأن المنع لهم من طاعة الله تعالى واتباع أمره ونهيه ، يكون بأنفسهم ، ويكون من بعضهم بعضاً ؛ فيكون محتملا لكلا الوجهين ، وهو كقوله تعالى : { فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُواْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ } [ النور : 61 ] وقوله : { وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى ٱلتَّهْلُكَةِ } [ البقرة : 195 ] : ولا تهلكوا بعضكم ببعض ؛ إذ الظاهر أن المرء مع قيام عقله لا يهلك نفسه ، ولا يلقيها في التهلكة ، وكذا لا يسلم على نفسه . ويحتمل الظاهر أيضاً أن يسلم على نفسه إذا دخل البيت ، ولم يكن معه غيره ؛ ولذلك نهي عن إهلاك نفسه عند شدة الغضب ، ونحو ذلك ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { قَالُواْ رَبَّنَآ أَمَتَّنَا ٱثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا ٱثْنَتَيْنِ } . قال بعض أهل التأويل : كانوا أمواتا في أصلاب آبائهم ، فأحياهم الله تعالى في الدنيا ، ثم أماتهم الموتة التي لا بد منها ، ثم أحياهم للبعث يوم القيامة ، فهما حياتان وموتتان ، وهو قول ابن عباس وابن مسعود فيما أرى ، ويقولون [ هو ] كقوله تعالى : { وَكُنْتُمْ أَمْوَٰتاً فَأَحْيَٰكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ … } الآية [ البقرة : 28 ] . وقال بعضهم : قوله : { رَبَّنَآ أَمَتَّنَا ٱثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا ٱثْنَتَيْنِ } : إحدى الموتتين هي التي تنقضي بها آجالهم ، ثم يحييهم في القبر ، ثم يميتهم ، ثم يحييهم للبعث يوم القيامة ، فهما موتتان وحياتان ، وإلى هذا يذهب ابن الراوندي ، ويحتج بهذا على عذاب القبر ، وهو أشبه وأقرب ؛ لأنهم بكونهم في أصلاب آبائهم أمواتا لا يقال : { أَمَتَّنَا } وهم كانوا أمواتا . وقوله - عز وجل - : { فَٱعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَىٰ خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ } . يحتمل اعترافهم بذنوبهم : هو ما أنكروا في الدنيا قدرة الله تعالى على البعث والإحياء بعد الموت والعذاب لهم لما عاينوا ذلك وشاهدوا أقروا به ، فإنكارهم ذلك هو ذنبهم ، والله أعلم . ويحتمل أن يكون ذنوبهم التي اعترفوا بها ما ذكر في سورة { تَبَارَكَ } حين قال لهم الخزنة لما ألقوا في النار : { أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ * قَالُواْ بَلَىٰ قَدْ جَآءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ ٱللَّهُ مِن شَيْءٍ } [ الملك : 8 - 9 ] فيكون اعترافهم بذنوبهم هذا ، والله أعلم . وقوله : { ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ ٱللَّهُ وَحْدَهُ كَـفَرْتُمْ } . قوله : { ذَلِكُم بِأَنَّهُ } أي : ذلك المقت الذي ذكر أو العذاب الذي نزل بكم إنما كان { بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ ٱللَّهُ وَحْدَهُ كَـفَرْتُمْ } ، أي : كفرتم بتوحيده ، { وَإِن يُشْرَكْ بِهِ } أي : توحيد الله { تُؤْمِنُواْ } به ، أي : يصدقوا هذه الآية كقوله : { وَإِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَحْدَهُ ٱشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ } [ الزمر : 45 ] فهما بمعنى واحد ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { فَٱلْحُكْمُ للَّهِ ٱلْعَلِـيِّ ٱلْكَبِيرِ } . قال قتادة : لما خرج أهل حروراء قال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - : " من هؤلاء ؟ قيل : المحكمون ، قال قائل : هم القراء ، قال - عليه السلام - ليسوا بالقراء ، ولكنهم العيابون الخيابون ، قال : إنهم يقولون : لا حكم إلا لله ، قال علي - رضي الله عنه - : كلمة حق أريد بها باطل " ، وذكر : " عني بها باطل " .