Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 42, Ayat: 24-26)
Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله - عز وجل - : { أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً } أي : بل يقولون : افترى محمد على الله كذبا . وقوله : { فَإِن يَشَإِ ٱللَّهُ يَخْتِمْ عَلَىٰ قَلْبِكَ } اختلف فيه . قال بعضهم : { فَإِن يَشَإِ ٱللَّهُ يَخْتِمْ عَلَىٰ قَلْبِكَ } بالصبر حتى لا تجد مشقة استهزائهم بك ، ولا غصة تكذيبهم إياك . وقال بعضهم : فإن يشأ الله أن ينسيك القرآن فلا تبلغه إليهم فلا يستهزئوا بك ، ولا يكذبوك ، أو كلام نحوه . وعندنا أنه يخرج على وجهين : أحدهما : ما ذكرنا بدءاً { فَإِن يَشَإِ ٱللَّهُ يَخْتِمْ عَلَىٰ قَلْبِكَ } بالصبر حتى لا تجد مشقة الاستهزاء ولا غصة التكذيب . والثاني : يحتمل : { فَإِن يَشَإِ ٱللَّهُ يَخْتِمْ عَلَىٰ قَلْبِكَ } كما ختم قلوب أولئك الكفرة حتى لا تفهم ولا تعقل الحق من الباطل ، كما فعل بأولئك ، يذكره إحسانه إليه وفضله بما أكرمه بأنواع الكرامات التي أكرمه بها ؛ ليشكر ربه على ذلك ، ويرحم على أولئك بما ختم على قلوبهم ، وما ينزل بهم من أنواع العذاب وعلى ذلك بلغ أمره صلى الله عليه وسلم من المرحمة والشفقة عليهم ما ذكر { فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ … } الآية [ الكهف : 6 ] ، وقوله - تعالى - : { فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ } [ فاطر : 8 ] كادت نفسه تهلك إشفاقاً عليهم ورحمة ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { وَيَمْحُ ٱللَّهُ ٱلْبَاطِلَ وَيُحِقُّ ٱلْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ } هذا يخرج على وجهين : أحدهما : أي : يظهر ويظفر أهل الحق على أهل الباطل وينصرهم حتى يصير أهل الحق ظاهرين قاهرين على أهل الباطل ؛ فذلك محق الباطل وإحقاق الحق . والثاني : يحق الحق بالحجج والبراهين حتى يعرف كل أحد الحق من الباطل بالحجج التي أقامها إذا تأمّل فيها حق التأمّل ، وهو كقوله - تعالى - : { هُوَ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِٱلْهُدَىٰ وَدِينِ ٱلْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُشْرِكُونَ } [ الصف : 9 ] ، والله أعلم . وقوله : { بِكَلِمَاتِهِ } أي : بحججه وبراهينه . وقوله - عز وجل - : { إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُور } قال أهل التأويل : أي : عليم بما في الصدور ، ولكن قوله : { بِذَاتِ ٱلصُّدُور } عبارة عمن له الصدور عن الرأي والتدبير ، وهم البشر والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { وَهُوَ ٱلَّذِي يَقْبَلُ ٱلتَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُواْ عَنِ ٱلسَّيِّئَاتِ } قد ذكرنا أنه لا أحد يحقق التوبة ؛ لأن تحقق التوبة هو أن يهرب وينفر عما استوجب به النار كهربه من النار لو كان فيها ، وفراره منها لو وجد مهرباً ، ولا أحد يهرب من الذنب ويفر منه كهربه وفراره من النار لو كان فيها ، لكن الله بفضله وكرمه يقبل ذلك منه وإن لم يكن التوبة منه على الحد الذي ذكرنا . ثم قوله - تعالى - : { يَقْبَلُ ٱلتَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ } أي : يقبل حسناتهم وخيراتهم { وَيَعْفُواْ عَنِ ٱلسَّيِّئَاتِ } أي : يكفر عن سيئاتهم ؛ كقوله - تعالى - : { نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُواْ وَنَتَجَاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِمْ } [ الأحقاف : 16 ] ، والله أعلم . وقوله : { وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ } هذا وعيد ، يخبر رسوله أنه يعلم ما تفعلون سرّاً وعلانية ، وأنه عن علم بما يكون منهم امتحنهم وأمرهم ونهاهم ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { وَيَسْتَجِيبُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } أي : يجيب الذين آمنوا بما يدعون ويسألون ربهم ، وهو كقوله - تعالى - { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ } [ البقرة : 186 ] أي : يجيبهم على الذي ذكر في الآية ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { وَيَزِيدُهُم مِّن فَضْلِهِ } أي : يزيدهم من فضله ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب امرئ مسلم ، وهي الجنة ؛ وذلك زيادة من فضله ، والله أعلم . وقال في حق الكفرة : { وَٱلْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ } .