Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 54, Ayat: 33-40)
Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله - عز وجل - : { كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِٱلنُّذُرِ } ، أي : بالرسل - عليهم السلام - أو بما تقع به النذارة . وقوله - عز وجل - : { إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِباً إِلاَّ آلَ لُوطٍ } على تأويل من يقول بأن تلك القريات قلبت بمن فيها ظهرا لبطن على ما ذكرنا في آية أخرى : { فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا } [ الحجر : 74 ] - أرسل الحاصب على من غاب عنها في البلدان فأهلكهم بها ، يخرج على الإضمار ، كأنه قال : قلبناها بمن فيها ، وأرسلنا على من غاب عنها حاصبا إلا آل لوط ؛ حتى يستقيم الثنيا الذي استثنى ، ويكون كقوله : { أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ ٱلأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي ٱلصَّيْدِ } [ المائدة : 1 ] كأنه قال : أحلت لكم بهيمة الأنعام والصيد إلا ما يتلى عليكم غير محلي الصيد ، والله أعلم . [ و ] على تأويل من يقول بأنها قلبت ، ثم أرسل عليها الحاصب ، فالثنيا مستقيم ؛ فيكون هلاكهم بأمرين ، واستثنى آل لوط بالنجاة منهما جميعا ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ * نِّعْمَةً مِّنْ عِندِنَا } ، أي : منعنا عنهم العذاب عند السحر ؛ فيكون فيه دلالة : أنه يكون بمنع العذاب عنهم منجيا لهم ، وإلا لم يكن بنجاتهم عند السحر [ منعماً ] . وقوله - عز وجل - : { كَذَلِكَ نَجْزِي مَن شَكَرَ } هذا يخرج على وجهين : أحدهما : يكون هلاك أولئك على لوط وآله نعمة من الله تعالى عليهم ؛ فيكون عليه شكره ؛ فهو جزاء شكرهم ، وهو كقوله تعالى : { جَزَآءً لِّمَن كَانَ كُفِرَ } [ القمر : 14 ] يحتمل أن يكون هلاك أولئك وإغراقهم جزاء ما كفر بنوح ، وذلك نعمة منه على نوح ، - عليه السلام - . والثاني : أن تكون نجاة نوح ومن كان معه نعمة منه عليهم ؛ إذ له أن يهلك الكل من كفر ومن لم يكفر ؛ ألا ترى أن يهلك الدواب والصغار ، وإن لم يكن لهم مآثم ، فإذا كان كذلك كان إبقاء من أبقى منهم فضلا منه ونعمة عليهم ، وإلا لا كل كفر استوجب النجاة ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - { وَلَقَدْ أَنذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْاْ بِٱلنُّذُرِ } يخرج على الوجهين اللذين ذكرناهما . أحدهما : تماورا بالواقع من النذارة . والثاني : { بِٱلنُّذُرِ } ، أي : الرسل ، والله أعلم . وقوله : { وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِ } أي : طلبوا منه التخلية بينهم وبين ضيفه . وقوله : { فَطَمَسْنَآ أَعْيُنَهُمْ } ، ذكر أن جبريل - عليه السلام - مسح جناحيه على أعينهم فعموا ، ثم قيل لهم : { فَذُوقُواْ عَذَابِي وَنُذُرِ } . وقوله - عز وجل - : { وَلَقَدْ صَبَّحَهُم بُكْرَةً عَذَابٌ مُّسْتَقِرٌّ } أي : نزل بهم صباحا بالبكرة { عَذَابٌ مُّسْتَقِرٌّ } العذاب المستقر : هو العذاب الذي نزل بهم ، ودام عليهم ، وأهلكهم ، وأما طمس الأعين ، فقد انقضى . وقوله : { عَذَابِي وَنُذُرِ } النذر - هاهنا - : ما وقعت به النذارة .