Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 22-24)

Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله - عز وجل - : { وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً } . المطيع والعاصي ، والكافر والمؤمن . { ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَيْنَ شُرَكَآؤُكُمُ ٱلَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ } . ذكر - هاهنا - شركاءهم ، أضاف ذلك إليهم ؛ لأنهم كانوا من جنسهم وجوهرهم ، يفنون كما يفنون هم ، وذكر في آية أخرى : { شُرَكَآئِيَ ٱلَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ } [ القصص : 62 ] أنهم شركائي . وقوله - عز وجل - : { ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ وَٱللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } . قال الحسن : الآية نزلت في المنافقين ، وذلك أنهم كانوا يكذبون في الدنيا فيما بينهم ، فظنوا أن يتروج كذبهم في الآخرة كما كان يتروج في الدنيا ، وسماهم مشركين ؛ لأنهم كانوا [ مشركين لأنهم ] أشركوا في السرّ ، فقالوا : { وَٱللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } . وقال غيره من أهل التأويل : الآية نزلت في أهل الشرك من العرب ؛ وذلك أنهم كانوا يشركون مع الله آلهة ، وكانوا ينكرون البعث بعد الموت ، وينكرون الرسالة ، فلما أن عاينوا ذلك أنكروا أن يكونوا أشركوا غيره في ألوهيته وربوبيته . وقوله - تعالى - : { ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ } . أي : لم يكن افتتانهم في الدنيا بافترائهم على الله الكذب وإشراك غيره معه ، وتكذيبهم آيات الله ، إلا أن قالوا في الآخرة : { وَٱللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } . وذكر في [ بعض ] القصة أن المشركين في الآخرة لما رأوا كيف يتجاوز الله عن أهل التوحيد ، قال بعضهم لبعض : إذا سئلنا فقولوا : إنا كنا موحدين ، فلما جمعهم الله وشركاءهم فقال : { أَيْنَ شُرَكَآؤُكُمُ ٱلَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ } في الدنيا بأنهم معي شريك . { ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ } . قال أهل التأويل : معذرتهم وجوابهم إلا الكذب حين سئلوا فقالوا : { وَٱللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } تبرءوا من ذلك . ثم قال الله : { ٱنظُرْ كَيْفَ كَذَبُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ } : في الآخرة ، { مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } : من الشرك في الدنيا . قيل : لما أنكروا أن يكونوا مشركين في الدنيا ختم الله على ألسنتهم ، وشهدت الجوارح عليهم بالشرك . وقيل : انظر كيف كذبوا على أنفسهم ، يقول : كيف صار وبال كذبهم عليهم ؟ ! . { وَضَلَّ عَنْهُمْ } قيل : واشتغل عنهم . { مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } يقول : يكذبون . وأصله : أنه يذكر نبيه شدة تعنتهم وسفههم أنهم كيف يكذبون عند معاينة العذاب ، فإذا كانوا بنأي منه وبعد كانوا أشدّ تكذيباً وأكثر تعنتاً ؛ لأنهم يطلبون الرد إلى الدنيا بقولهم { فَيَشْفَعُواْ لَنَآ أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ ٱلَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ } [ الأعراف : 53 ] ، فقال : { وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } [ الأنعام : 28 ] .