Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 60, Ayat: 10-12)

Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله - عز وجل - : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا جَآءَكُمُ ٱلْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ } . المعنى عندنا - والله أعلم - : { إِذَا جَآءَكُمُ ٱلْمُؤْمِنَاتُ } ، يعني : قائلات : إنهن مؤمنات . { فَٱمْتَحِنُوهُنَّ } . لأنه لو كان على حقيقة الإيمان لم يكن لقوله : { فَٱمْتَحِنُوهُنَّ } معنى ، فلما أمر بالامتحان ثبت أن تأويل قوله : { إِذَا جَآءَكُمُ ٱلْمُؤْمِنَاتُ } ما وصفنا بدءاً . ومثل هذا ما قال : { مَن كَفَرَ بِٱللَّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِٱلإِيمَانِ } [ النحل : 106 ] ، وكان المعنى منه : من تكلم بالكفر وقلبه مطمئن بالإيمان ؛ فكذلك يجوز أن يكون المعنى من الأول ما سبق ذكره ، والله أعلم . ثم إن المفسرين ذكروا وصف امتحانهن : أنهن يحلفن بالله ما أخرجهن من دارهن بغض أزواجهن ، أو يحلفن أنهن ما أردن بخروجهن أرضا سوى أرضهن ؛ وإنما أردن بذلك الإسلام . وهذا تأويل فاسد ؛ وذلك أنها إذا أسلمت كان الحق عليها في دينها أن تبغض زوجها الكافر ، كقوله - تعالى - : { وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ ٱلْعَدَاوَةُ وَٱلْبَغْضَآءُ أَبَداً حَتَّىٰ تُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ وَحْدَهُ } [ الممتحنة : 4 ] ، فكيف يجوز أن يكون صفة امتحانهن ما ذكروا ، وحكم الشريعة والدين يوجب ما كن يفعلنه ؟ ! فلذلك قلنا : إن هذا التأويل - الذي ذكره بعض المفسرين في وصف الامتحان - غير مستقيم . ويجوز أن يكون تأويل امتحانهن على وجهين : أحدهما : أن يستوصفن عن الإيمان : ما هو ؟ فإذا أخبرن عن حقيقة الإيمان علم أنهن مؤمنات . والثاني : يعرض عليهن ما على المؤمنات في إيمانهن ، كما قال - تعالى - : { وَلاَ يَسْرِقْنَ وَلاَ يَزْنِينَ وَلاَ يَقْتُلْنَ أَوْلاَدَهُنَّ } ، فإذا قبلن ذلك كله كان ذلك امتحانهن ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { بِإِيمَانِهِنَّ } . هذا يدل على أن الذي كلف به المؤمنون من امتحانهن ؛ إنما هو لما يعلمون من إيمانهن في الظاهر وأن الحقيقة إنما يعلمها رب العالمين ، وهذا يبين أن العلم علمان : علم العمل وعلم الشهادة ، فعلم العمل : ما يعلمه الخلق في الظاهر فيعملون به ، وعلم الشهادة : ما يجوز أن يشهد على الله به ، وذلك إنما يوصل إليه ، وذلك بما يطلعهم الله عليه نصا إما بكتاب أو بسنة متواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . وعلم العمل هو الذي يساغ فيه الاجتهاد ، نحو : خبر الآحاد وجهة القياس وغير ذلك . وقوله - عز وجل - : { فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى ٱلْكُفَّارِ } . ذكر في القصة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صالح عام الحديبية مشركي أهل مكة على أن من أتاه من أهل مكة فهو عليهم رد ، ومن أتى مكة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو لهم ، وغير ذلك ، وكتب بذلك كتاباً وهو بالحديبية ، فلما فرغ من الكتاب إذ أتت سبيعة مسلمة ، فجاء زوجها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، رد علي امرأتي ؛ فإنك قد شرطت لنا ذلك ، وهذه طيبة لم يخف بعد ؛ فأنزل الله - تعالى - : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا جَآءَكُمُ ٱلْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَٱمْتَحِنُوهُنَّ ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى ٱلْكُفَّارِ } ، يقول : لا تردوهن إلى أزواجهن الكفار . { لاَ هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ } . يقول : لا يحل نكاح مؤمنة لكافر ولا نكاح كافر لمؤمنة . وقوله - عز وجل - : { وَآتُوهُم مَّآ أَنفَقُواْ } . يقول : أعطوا زوجها الكافر ما أنفق عليها ، على ما كان جرى من الصلح بينهم وبين المسلمين : أن ما خرج من نساء أهل مكة إلى المدينة مؤمنات لم يرجعوهن إلى الكفار ، وأعطوا أزواجهم ما أنفقوا من المهور ، وما خرج من نساء المسلمين مرتدات لم يردوا إلى المدينة ، وأعطوا أزواجهن ما أنفقوا . ثم معلوم أنه كان يؤخذ بإعطاء الصداق وإيتاء ما أنفق غير الذي أخذ الصداق ، ولكن كان يؤخذ به من كان من جنسه على ما ذكرنا نظائره فيما تقدم ؛ ولذلك قال أصحابنا : إن أهل الإسلام يأخذون من تجار أهل الحرب مجازاة لما يأخذه أهل الحرب من تجار المسلمين ، وإنما يؤخذ ذلك ممن كان من جنسه ، وأن ذلك غير الذي أخذ منه ؛ وعلى ذلك نقول : إن المحنة قد يجوز أن تستوي على البر والفاجر وأن ما ينزل بالآدمي من المحن يجوز ألا يكون جزاء ؛ لما تعاطى من الذنوب والسيئات ؛ لأن لله - تعالى - أن يمتحن عبده في هذه الدنيا مبتدأ ، وأما في الآخرة فلا يؤاخذ فيها أحد بذنب آخر ، بل يجزي كل بعمله : إن شرا فشر ، وإن خيراً فخير ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَآ آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ } . يقول : لا إثم عليكم - يعني : المسلمين - أن تتزوجوهن ( إذا آتيتموهن مهورهن ) . وقوله - عز وجل - : { وَلاَ تُمْسِكُواْ بِعِصَمِ ٱلْكَوَافِرِ } . عن ابن عباس - رضي الله عنه - أن زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أسلمت قبل زوجها ، ثم أسلم بعد ذلك زوجها ، فردها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنكاح الأول قبل أن ينزل : { وَلاَ تُمْسِكُواْ بِعِصَمِ ٱلْكَوَافِرِ } ، فلما نزلت كان إذا أسلم الزوج ، وخرج إلى دار الإسلام انقطعت [ الصلة ] بالإسلام بينه وبين امرأته ، وكذلك المرأة إذا خرجت وبقي الزوج . ثم قوله : { وَلاَ تُمْسِكُواْ بِعِصَمِ ٱلْكَوَافِرِ } ، قال بعضهم : أي : بعقد الكوافر ، فمن كانت له امرأة بمكة كافرة فلا يقيدن بالمرأة الكافرة ؛ فإنها ليست بامرأة له ، وقد انقطعت العصمة بينهما . وقال بعضهم : { وَلاَ تُمْسِكُواْ بِعِصَمِ ٱلْكَوَافِرِ } : حظر علينا الامتناع والكف والإمساك من نكاح المهاجرة لأجل زوجها الحربي . وعُصِمَتْ والعصمة : المنع ، والكوافر يجوز أن يتناول الرجال ، وظاهره في هذا الموضع للرجال ؛ لأنه في ذكر المهاجرات ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { وَاسْأَلُواْ مَآ أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُواْ مَآ أَنفَقُواْ } . يقول : إذا لحقت امرأة المسلم بكفار مكة فاسألوا مهرها من أهل مكة ، وردوا إلى زوجها ، { وَلْيَسْأَلُواْ مَآ أَنفَقُواْ } ، يقول : إن جاءت امرأة من أهل مكة مهاجرة إليكم فردوا على زوجها المشرك ما أعطاها من المهر ؛ وذلك من أجل العهد الذي كان بين أهل مكة وبين النبي صلى الله عليه وسلم . وقوله : { ذَلِكُمْ حُكْمُ ٱللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ } . يقول : هذا هو حكم الله بين المسلمين والكفار من أهل العهد من أهل مكة في أن يرد بعضهم على بعض النفقة ، أي المهر . وقوله : { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } . أي : فيما حكم بين المسلمين وأهل العهد ما ذكرنا من الحكم . وقوله : { وَإِن فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى ٱلْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ } . يقول : إن لحقت امرأة مؤمنة بكفار مكة من أهل الحرب ممن ليس بينكم وبينهم عهد ، لها زوج عندكم مسلم ، { فَعَاقَبْتُمْ } : أي : أعقبكم مالا من الغنيمة ، { فَآتُواْ ٱلَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِّثْلَ مَآ أَنفَقُواْ } ، من المهر مما أصبتم من الغنيمة قبل القسمة . { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } . فيما فرض عليكم من هذا . { ٱلَّذِيۤ أَنتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ } . أي : مصدقون ؛ فلا تنقصوه ، والله أعلم . وهكذا روى مسروق ، رحمه الله . وعن الزهري أنه قال : من حكم الله - تعالى - : أن يسأل المسلمون من الكفار مهر المرأة المسلمة إذا صارت إليهم ، ويسأل الكفار من المسلمين مهر من صارت إلينا من نسائهم مسلمة ، فأُمِر المؤمنون إذا ذهبت امرأة مسلمة ولها زوج إلى الكفار : أن يردوا إلى زوجها ما أعطاها من المهر من صداق كان في أيديهم مما يودون أن يردوا إلى المشركين بمهاجرة امرأة مسلمة إلينا ، وإن لم يكن في أيديهم صداق وجب رده على أهل الحرب فعوضوهم من غنيمة أصبتموها . وأصل هذا - والله أعلم - : وإن فاتكم شيء مما أنفقتم على أزواجكم ، ثم ظفرتم على أعدائكم وغنمتم - فآتوا الذين ذهبت أزواجهم ما فات عنهم مما أنفقوا ؛ فكأنه يقول : واسألوا أولئك الذين ذهبت نساؤكم إليهم ما أنفقتم ، فإن سألتم ولم يعطوكم شيئاً ، وفاتكم ذلك من ذلك الوجه ، ثم قاتلتموهم وغنمتم - فأعطوا الذين فات عنهم أزواجهم ما أنفقوا . قال [ المصنف ] - رحمه الله - : اعلم بأن هذه الآية تنتظم أحكاماً : أحدها : جواز الاجتهاد والعمل بالعلم الظاهر ؛ فإنه قال : { فَٱمْتَحِنُوهُنَّ ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ } ، أي : بالاجتهاد والامتحان { فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى ٱلْكُفَّارِ } ، وهذا حكم مبني على العلم الظاهر ؛ دل أن العمل به جائز . والثاني : أن أحد الزوجين إذا أسلم في دار واحد إما دار الإسلام أو دار الحرب - هل تقع الفرقة بنفس الإسلام أو بانضمام شيء آخر إليه ؟ قال بشر المريسي بأن الفرقة تقع للحال من غير انضمام شيء آخر إليه . وقال الشافعي : إن كانت المرأة مدخولا بها لم تقع الفرقة حتى تحيض ثلاث حيض ، وإذا كانت غير مدخول بها وقعت الفرقة للحال . وقال أصحابنا : إذا كانا في دار الحرب ، فأسلم أحدهما - لم تقع الفرقة حتى تحيض ثلاثا ، وإذا كانا في دار الإسلام ذميين ، فأسلم أحدهما - لم تقع الفرقة حتى يعرض السلطان الإسلام على الآخر ، فإذا عرض عليه الإسلام وأبى ، يفرق بينهما . فأما بشر : احتج بظاهر قوله - تعالى - : { إِذَا جَآءَكُمُ ٱلْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ … } إلى قوله : { فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى ٱلْكُفَّارِ لاَ هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ } ؛ فقد أخبر أنه لا يحل واحد منهما لصاحبه ، ولم يذكر شيئاً آخر ؛ فلا يقرن به شيء آخر . وأما أصحابنا - رحمهم الله - فإنهم احتجوا ، وقالوا : إن الفرقة لا تقع بنفس الإسلام بقوله : { إِذَا جَآءَكُمُ ٱلْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَٱمْتَحِنُوهُنَّ } [ إذا ] كانت الفرقة واقعة بمجرد الإيمان لم يكن للامتحان معنى ، فلما لم يذكر الحرمة إلا بالامتحان ثبت أن الفرقة لا تقع بمجرد الإيمان . ويجوز أن يكون مثال هذا قوله - تعالى - : { ٱلزَّانِي لاَ يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَٱلزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَآ إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذٰلِكَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ } [ النور : 3 ] ، ثم قال : { وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ } [ النور : 6 ] ؛ فلو كان الزنا يوجب الحرمة لم يكن هو رامياً للزوجة ؛ بل إذا قال لها : زنيت ؛ فكأنه قال : لم يكن بيني وبينك نكاح ، ولما ثبت رمي الزوجات بقوله : { وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ } [ النور : 4 ] ثبت أن الزنى لا يوجب حرمتها عليه ؛ فكذلك الإيمان بمجرده لو كان يحرمها على الأزواج لم يكن للأمر بالامتحان معنى ، فلما أمر بالامتحان على إيمانها ، بعد أن أظهرت في نفسها الإيمان ، ثبت أن الحرمة [ لا ] تقع بنفس الإيمان حتى ينضم إليه شيء آخر ، وتبين أن العمل بظاهر الآية غير ممكن ؛ إذ لا يجري على إطلاقها ، والله أعلم . ودليل ذلك أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى بتجديد النكاح ؛ ثبت أن الفرقة لا تقع بمجرد الإسلام ، والله أعلم . والوجه في ما روي عن الصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين - على اختلاف الأسباب باختلاف الدارين ونحوه : روي عن ابن عباس - رضي الله عنه - : أنهما على النكاح حتى تحيض المرأة ثلاث حيض إذا كانا في دار الحرب . وعن علي - رضي الله عنه - : أنهما على النكاح بينهما إلى الهجرة . وعن عمر - رضي الله عنه - : أنهما إذا كانا في دار الإسلام ، فأسلم أحدهما فهما على النكاح حتى يعرض السلطان الإسلام على الآخر . فهؤلاء قد ثبت عنهم أن الفرقة لا تقع بنفس الإسلام إلا أن يضامه شيء آخر ، ولم يثبت عن غيرهم خلاف ذلك ؛ فيكون إجماعا ؛ فلذلك أخذ أصحابنا - رحمهم الله - بقولهم ، والله أعلم . والثالث : أن أحد الزوجين إذا خرج إلى دار الإسلام مهاجراً ، وبقي الآخر في دار الحرب - تقع الفرقة بينهما عندنا . وعند الشافعي : لا تقع الفرقة بتباين الدارين ؛ قال : لأن المسلم إذا دخل بأمان لم يبطل نكاح امرأته ، وكذلك لو دخل حربي إلينا بأمان لم يقع الفرقة بينه وبين زوجته ؛ وكذلك لو أسلم الزوجان في دار الحرب ودخل أحدهما إلى دار الإسلام لم يقع الفرقة ؛ فعلم أنه لا يعتبر باختلاف الدارين في إيجاب الفرقة . ولكن عندنا ليس معنى اختلاف الدارين ما ذكر ؛ إنما معناه أن يكون أحدهما من أهل دار الإسلام : إما بالإسلام أو بالذمة ، والآخر من أهل دار الحرب أي : يكون حربيّاً كافراً . فأما إذا كانا مسلمين فهما من أهل دار واحدة وإن كان أحدهما مقيماً في دار الحرب والآخر في دار الإسلام ، وفي هذه الآية دلالة على ما قلنا من وجوه : أحدها : أنه قال : { فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى ٱلْكُفَّارِ } ، ولو كانت الزوجية باقية بعد التباين ، لكان الزوج أولى بها ، وبأن تكون معه ، فلا معنى للنهي عن الرجوع إلى الزوج الكافر . وكذا قال - عز وجل - : { لاَ هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ } : أثبت الحرمة بين المهاجرات وأزواجهن ، ولا يتصور بقاء النكاح في غير محل الحل . أو كأن معناه تحريم الاستمتاع ، ولكن النكاح لما لم يكن المقصود إلا الاستمتاع وما هذا من آثاره ؛ فكان في تحريم الاستمتاع تحريم النكاح . وكذا قوله - تعالى - : { وَآتُوهُم مَّآ أَنفَقُواْ } دليل عليه أيضاً ؛ فإنه أمر برد مهرهن إلى الزوج ، ولو كانت الزوجية باقية لما استحق الزوج استرداد المهر ؛ لأنه لا يجوز أن يستحق البضع وبدله . وكذا قوله - تعالى - : { وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَآ آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ } ، ولو كان نكاح الأول باقياً ، لما جاز للمسلم في دار الإسلام أن يتزوجها . وكذا قال الله - تعالى - : { وَلاَ تُمْسِكُواْ بِعِصَمِ ٱلْكَوَافِرِ } : نهانا عن الإمساك والامتناع من تزويجها لأجل عصمة الزوج الكافر وحرمته ؛ دل أن الحرمة تقع بالتباين . ودليل آخر من جهة المعقول على ما ذكرنا ، وهو أنهم أجمعوا أنها إذا سبيت وقعت الفرقة حتى يحل للسابي وطء المسبية بعد الاستبراء ، فإما أن تقع الفرقة بإسلامها ، وقد اتفق الجمهور من الفقهاء على أنه لا تقع الفرقة بنفس الإسلام إذا كان بعد الدخول - ما لم ينضم إليه شيء آخر - أو بحدوث الملك للسابي ، ومعلوم أن الملك لا يمنع النكاح ؛ ألا ترى أنه يجوز ابتداء العقد على المملوك ؛ ولهذا لو بيعت الجارية لم تقع الفرقة ، وإن وجد الملك فيها للمشتري ، وكذلك إذا مات رجل وخلف أمة منكوحة : ثبت الملك فيها للوارث ولا يبطل النكاح . وإذا لم يثبت الفرقة بهذين الوجهين - لم يبق إلا تباين الدارين ؛ فدل أن سبب الفرقة هو تباين الدارين في المسبية ، والتباين موجود في المهاجرة ، والله أعلم . فإن احتجوا بما روي عن عكرمة عن ابن عباس قال : " رد النبي صلى الله عليه وسلم بنته زينب على أبي العاص بن الربيع بالنكاح الأول بعد سنين " ، وقد كانت زينب هاجرت إلى المدينة وبقي زوجها مشركاً بمكة ، ثم ردها عليه بالنكاح الأول ؛ فدل أن اختلاف الدارين لا يوجب الفرقة . فنقول له : لا يصح الاحتجاج به من وجوه : أحدها : أنه ردها بعد ست سنين بالنكاح الأول ؛ ولا خلاف بين الفقهاء لا يرد إلى الزوج بالعقد الأول بعد انقضاء ثلاث حيض ، ومعلوم أنه ليس في العادة ألا يكون ثلاث حيض في ست سنين ؛ فسقط الاحتجاج به . والثاني : أنه روي عن عكرمة عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال في اليهودية تسلم قبل زوجها : " إنها أملك بنفسها " ، فكان من مذهبه أن الفرقة وقعت بإسلامها ، والراوي متى عمل بخلاف ما روى ؛ دل على انتساخ ذلك ؛ إذ لا يظن به أنه خالف رسول الله صلى الله عليه وسلم . والثالث : أن عمرو بن شعيب روى عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم رد بنته زينب - رضي الله عنها - على أبي العاص بنكاح ثانٍ ؛ فوقع التعارض بين الحديثين ؛ فبطل احتجاجه بالحديث . ثم الترجيح لما رويناه ؛ لأن فيما رواه إخباراً عن كونها زوجة له بعدما أسلم الزوج ، ولم يعلم حدوث عقد ثانٍ . وفي حديث عمرو بن شعيب إخبار عن حدوث عقد ثانٍ بعد إسلامه ، والثاني : إخبار عن معنى حادث علمه ، وهذا كما رجحنا حديث ابن عباس - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو محرم على حديث يزيد الأصم : أنه تزوجها وهو حلال ؛ لأن في حديث ابن عباس - رضي الله عنه - إخبارا عن حالة حادثة . وأخبر الآخر عن ظاهر الأمر الأول ، ولحديث بريرة أنه كان زوجها حرّاً حتى أعتقت ، ورواية من روى أنه كان عبداً يكون الأول أولى ؛ لإخباره عن حال حادثة والثاني إخبار عن ظاهر الحال ؛ فكان الأول أولى ؛ فكذلك هذا . والرابع : أن المهاجرة لا عدة عليها عند أبي حنيفة - رحمه الله - وعلى قولهما : عليها العدة . وهذه الآية دليل لأبي حنيفة - رحمه الله - من وجوه : فإنه - عز وجل - : { فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى ٱلْكُفَّارِ } : نهى عن الرد إلى الزوج الأول ، ولو كانت عليها العدة ، لكان للزوج أن يردها إلى مسكنه لتعتد ؛ ألا ترى إلى قوله - تعالى - : { أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم } [ الطلاق : 6 ] : كيف أمر الأزواج بإسكانهن في بيوتهن ما دمن في عدتهن ، فلما قال - هاهنا - : { فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى ٱلْكُفَّارِ } دل على [ أن ] لا عدة عليها . وكذا قال : { وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ } فأباح نكاحها مطلقاً من غير ذكر العدة . وكذا قال : { وَلاَ تُمْسِكُواْ بِعِصَمِ ٱلْكَوَافِرِ } ، ولو كانت العدة عليها واجبة لكانت باقية بقوله : { فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا } [ الأحزاب : 49 ] ؛ ألا تراه كيف جعل العدة في حقه ، وإذا كان للزوج عليها حق كانت هي في عصمته ، وقوله : { وَلاَ تُمْسِكُواْ بِعِصَمِ ٱلْكَوَافِرِ } يوجب قطع العصمة ، فلما كان في إيجاب العدة إبقاء العصمة بينهما ، ونهى الله - تعالى - عن ذلك ؛ فقطعناها وأسقطنا العدة عنها ، والله أعلم . ولأنهم أجمعوا أنها إذا سبيت وقعت الفرقة وسقطت العدة ، والملك ليس بسبب لإسقاط العدة ؛ ولكنه سبب لنقض العدة ، فلما سقطت العدة عند السبي والمهاجرة ، والسبي لا يوجب الإسقاط دل [ على ] سقوط العدة لاختلاف الدارين ، والله أعلم . والخامس : فيه دليل على أن الكتاب يجوز أن ينسخ حكمه بترك الناس العمل ؛ فإن في قوله : { وَآتُوهُم مَّآ أَنفَقُواْ } ، وقوله : { وَاسْأَلُواْ مَآ أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُواْ مَآ أَنفَقُواْ } الحكم متروك من غير أن يكون في تركه كتاب أو سنة ، ولكن الناس إنما أجمعوا على تركه ، وهذا وأمثاله في حكم عرف ثبوته على الخصوص لمعنى ، ثم ينعدم ، [ و ] ما لا يعقل معناه يجب العمل بالكتاب ولا يترك بترك الناس ، ولا يجوز لهم الإجماع على تركه ، ولا يتحقق الإجماع على ذلك وجماعة من أصحابنا قالوا : إنه صار منسوخاً بقوله : { لاَ تَأْكُلُوۤاْ أَمْوَٰلَكُمْ بَيْنَكُمْ بِٱلْبَٰطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَٰرَةً عَن تَرَاضٍ مِّنْكُمْ } [ النساء : 29 ] ، وبقوله - عليه السلام - : " لا يحل مال امرئ مسلم إلا من طيبة من نفسه " ، والله أعلم . والسادس : في قوله - تعالى - : { وَاسْأَلُواْ مَآ أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُواْ مَآ أَنفَقُواْ } دلالة على أنه سوى في الحكم بين أموالنا وأموالهم ثم الإجماع جرى على أنا إذا غلبنا على أموال أهل الحرب ملكناها ، فكذلك إذا غلبوا على أموالنا يجب أن يملكوها ، وفيما أوجب من الحرمة إذا جاءت النسوة إلينا مؤمنات مهاجرات - دلالة على أن الأحكام في الأنفس مختلفة ؛ وعلى هذا ما خلف كل واحد منهما من المال في الدار التي هاجر منها إلى أخرى أنه يصير فيئاً ؛ لما لم يرو عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لما فتح مكة أن يكون تفحص عن شيء من ملك الأموال التي كانت مخلفة حين هاجروا إلى المدينة ؛ فلا بد أن يكون ذلك للتوارث ، أو لما ذكرنا أنها تكون فيئاً لهم ، ومعلوم أن التوارث بين أهل الإسلام وأهل الكفر منقطع ، وإذا بطل وجه التوارث ثبت الوجه الآخر ، والله أعلم . والسابع : في قوله : { ذَلِكُمْ حُكْمُ ٱللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ } دلالة على وجوب العدل بين الأعداء ، وهو كقوله - تعالى - : { وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىۤ أَلاَّ تَعْدِلُواْ ٱعْدِلُواْ … } [ المائدة : 8 ] ، وقال : { وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ } [ المائدة : 2 ] ، وقال - هاهنا - : { وَاسْأَلُواْ مَآ أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُواْ مَآ أَنفَقُواْ } سوى بين أموالنا وأموالهم ، وهو العدل ؛ فكأنه يقول : ذلك [ الذي ] أمر من العدل بينكم وبين أعدائكم حكم الله يحكم بينكم ، لكي إذا علموا أن العداوة لا تحملكم على ترك العدل - حملهم ذلك على التآلف والتعطف ، وعلموا أنكم إذا تركتم شهواتكم وأنفقتم العدل والتسوية : فليس ذلك من عندكم ، ولكن من عند الله - تعالى - فرغبهم ذلك في الإسلام ؛ فكأنه قال : ذلك الذي أمر من العدل وجعله سبباً ، يرغب أعداءكم في الإسلام ، ويحملهم على التآلف { حُكْمُ ٱللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } ، يعني : بما أمر من العدل والتسوية ، { حَكِيمٌ } لا يلحقه الخطأ في التدبير ؛ فدل أن العدل واجب بينهم ، والله الموفق . والثامن : في الآية دلالة على أن النساء إذا ارتددن لم يقتلن ؛ فإنه قال : { فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى ٱلْكُفَّارِ } ؛ فثبت أنهم إذا لم يعلموهن مؤمنات رجعوهن إلى الكفار ؛ لما كان جرى بينهم من الصلح ، ومعلوم أنه إذا رجعن إلى الكفار بعدما أظهرن الإيمان كن مرتدات ، ولو كانت المرتدة تقتل لكان إذا ظهر ذلك عندهم قتلوها ولم يرجعوها إلى الكفار ، فلما ثبت بما وصفنا أنهم كانوا يصرفون النساء إليهم مع علمهم أنهن مرتدات ثبت أن المرتدة لا تقتل ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِذَا جَآءَكَ ٱلْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ … } الآية . المبايعة والهجرة كانتا واجبتين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، ومعناهما اليوم واجب أيضاً : وذلك أن الهجرة إنما كانت من مكة إلى المدينة ؛ لما كان أحدهم إذا أسلم يخاف على نفسه من فساد الدين بالكفران لو أقام بين أظهرهم ، وكان أيضاً يحتاج إلى علم الشرائع والأحكام ، وإنما ارتفعت الهجرة اليوم من مكة إلى المدينة . فأما واحد من أهل الحرب إذا أسلم وخشي على نفسه فساد الدين بالكفران لو أقام بين أظهرهم ، فالواجب عليه أن يهاجر منها إلى دار الإسلام ؛ ليأمن فساد دينه ، ويحصل على علم الشرائع . وأما المبايعة فإن معناها في النساء : ترغيب الكفرة في الإسلام ، وفي الرجال : حمل الكفرة إلى الإسلام ، وذلك أن الذي أمر به النساء من المبايعة من مكارم الأخلاق ومحاسن الأفعال ، والكفرة إذا علموا أن هذا يؤمر فيه بمحاسن الأمور : رغبهم ذلك في الإسلام . والذي أمر به الرجال إنما هو من جهة النصر والمجاهدة مع النبي صلى الله عليه وسلم وذلك يظهر الإسلام ويبين ، وهذان المعنيان على كل في نفسه في زماننا هذا ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { يُبَايِعْنَكَ عَلَىٰ أَن لاَّ يُشْرِكْنَ بِٱللَّهِ شَيْئاً } . يتوجه إلى الاعتقاد والمعاملة جميعاً . وقوله : { وَلاَ يَسْرِقْنَ } . يتضمن النهي عن الخيانة في الأموال كافة ، والنقصان عن العبادة جملة ؛ لأنه يقال : أسرقُ السارق من سرق من صلاته . وقوله - عز وجل - : { وَلاَ يَزْنِينَ } . يحتمل أن يكون على حقيقة الزنا وعلى دواعيه ؛ على ما روي من قوله - عليه السلام - : " اليدان تزنيان ، والعينان تزنيان ، والرجلان تزنيان ، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه " . وقوله : { وَلاَ يَأْتِينَ بِبُهْتَٰنٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ } . يحتمل أن يكون نهياً عن إلحاق الولد بأزواجهن وهن يعلمن أنه من الزنا ، وهكذا روي عنه ابن عباس ، رضي الله عنه . وقوله - عز وجل - : { وَلاَ يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ } . فكأنه أمرهن أن ينتهين عن هذه المناهي وأن يتبعن أمره ؛ ألا ترى إلى قوله : { يَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ } [ التوبة : 71 ] ، يجوز أن يكون هذا كناية عن الأمر ؛ لأنه بين النواهي والمناكير ، ثم قال الله - تعالى - : { وَلاَ يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ } ؛ فكأنه أمرهن أن ينتهين عن هذه المناهي وأن يتبعن أمره ؛ ألا ترى إلى قوله : { يَأْمُرُهُم بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ } [ الأعراف : 157 ] . وقوله - عز وجل - : { فَبَايِعْهُنَّ وَٱسْتَغْفِرْ لَهُنَّ ٱللَّهَ } ، ولم يقل هاهنا : امتحنوهن ، كما قال في المهاجرات ، ومعنى ذلك عندنا وجهان : أحدهما : أنه قد تبين هاهنا وجه الامتحان بقوله : { لاَّ يُشْرِكْنَ بِٱللَّهِ شَيْئاً وَلاَ يَسْرِقْنَ وَلاَ يَزْنِينَ } ، فاستغنى عن ذكر الامتحان . والوجه الثاني : أن المهاجرات إنما كن يأتين من دار الحرب ، ولم يكن علمن الشرائع ؛ فاحتجن إلى الامتحان ، وأما هؤلاء : كن في دار الإسلام ، وقد علمن شرائعه ؛ فلم يذكر الامتحان لذلك ، والله أعلم . وقوله : { وَٱسْتَغْفِرْ لَهُنَّ ٱللَّهَ } هذا يدل على أن الكبائر لا تخرجهن عن الإيمان ؛ لأنه يعلم أن الاستغفار لما يجيء منهن من تضييع هذه الحدود ولو كن يخرجن بتضييعها من الإيمان لم يؤمر النبي صلى الله عليه وسلم بالاستغفار لهن ؛ لأن الاستغفار طلب المغفرة ، ويستحيل أن يطلب منه مغفرة من ليس له غفران ؛ فدل على ما وصفنا : أن ارتكاب الكبائر لا يخرج صاحبه من الإيمان ، والله أعلم .