Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 134-137)

Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله - عز وجل - : { وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ ٱلرِّجْزُ } . قيل : الرجز : ألوان العذاب الذي كان نزل بهم من الطوفان والجراد والقمل [ والضفادع ] والدم ، وما ذكر . قالوا : { لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا ٱلرِّجْزَ } يحتمل أن يكون كلما حل بهم نوع من العذاب سألوا أن يكشف عنهم ، فقالوا : لئن كشفت لنؤمنن لك ، ولنرسلن معك بني إسرائيل ، فلما كشف عنهم الرجز نكثوا ذلك ، وعادوا إلى ما كانوا من قبل . ويحتمل أن يكون قولهم لموسى : { ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا ٱلرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ } : بعدما حل بهم أنواع العذاب ، عند ذلك قالوا : { لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا ٱلرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ } فلما كشف [ ذلك ] عنهم نكثوا عهدهم ، وهو قولهم : لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن بك ، وعادوا إلى ما كانوا ، فعند ذلك كان ما ذكر من قوله : { فَٱنْتَقَمْنَا مِنْهُمْ } وقوله : { لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ } : بما تدعي بأنك رسول ، { وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِيۤ إِسْرَآئِيلَ } : أمكن أن يكون ليس على نفس الإرسال ، ولكن على ترك الاستعباد ، أي : لا نستعبدهم بعد هذا ؛ لأنهم كانوا يستعبدون بني إسرائيل . وقوله - عز جل - : { فَلَماَّ كَشَفْنَا عَنْهُمُ ٱلرِّجْزَ إِلَىٰ أَجَلٍ هُم بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ } . قال الحسن : قوله : { كَشَفْنَا عَنْهُمُ ٱلرِّجْزَ إِلَىٰ أَجَلٍ هُم بَالِغُوهُ } لو أطاعوا وأوفوا بالعهد الذي عهدوا [ و ] لكنهم لما نكثوا ذلك انتقم منهم وهذا الحرف يؤدي إلى مذهب الاعتزال ؛ لأنهم يقولون : إن من قتل أو عذب تعذيب إهلاك إنما هلك قبل أجله ، وأجله الموت ، لكن هذا يصلح ممن يجهل العواقب ، وأمّا الله سبحانه وتعالى يتعالى عن ذلك أن يجعل له أجلين ؛ أحدهما : الموت ، والآخر : القتل ، ولكن جعل أجل مَنْ في علمه أنه يُقتل القتل ، ومَنْ يموت حتف أنفه الموت ، وكذلك ما روي في الخبر أن : " صلة الرحم تزيد في العمر " ، أي : مَنْ علم منه أنه يصل رحمه ، جعل عمره أزيد ممن يعلم أنه لا يصل رحمه ، لا أنه يجعل عمره إلى وقت ، ثم إذا وصل رحمه زاد ؛ لما ذكرنا أن ذلك أمر مَنْ يجهل العواقب ، وأما من يعلم ما كان وما يكون أنه لو كان كيف يكون - لا . وقوله - عز وجل - : { فَٱنْتَقَمْنَا مِنْهُمْ } يحتمل أن يكون قوله : { فَٱنْتَقَمْنَا مِنْهُمْ } ما ذكر على إثره من الغرق : { فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي ٱلْيَمِّ } . ويحتمل أن يكون قوله : { فَٱنْتَقَمْنَا مِنْهُمْ } من الطوفان وأنواع العذاب الذي كان حل بهم ، ثم كان الإغراق من بعد . وقوله - عز وجل - : { بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا } , يحتمل الآيات التي جاء بها موسى على وحدانية الله تعالى وربوبيته ، وهي الحجج والآيات التي تقدم ذكرها من الطوفان والجراد والقمل ، وما ذكر . وقال الحسن : بآياتنا : ديننا . وقوله : { وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ } قيل : معرضين مكذبين بها ، لا أنهم كانوا على غفلة وسهو عنها ، لكنهم أعرضوا عنها مكابرين معاندين كأنهم غافلين عنها ، وجائز أن يكون : غافلين عما يحل بهم من العقوبة بتكذيبهم . وقوله : { وَأَوْرَثْنَا ٱلْقَوْمَ ٱلَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ ٱلأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا } . هو ما سبق من الوعد لهم بوراثة الأرض ، وإنزالهم فيها ، وهو قوله : { عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ } [ الأعراف : 129 ] ، وكقوله : { وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ فِي ٱلأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ ٱلْوَارِثِينَ } [ القصص : 5 ] ، كان وعدهم الاستخلاف والإنزال في أرض عدوّهم ، ثم أخبر أنه أنزلهم وأورثهم على ما وعدهم بقوله : { وَأَوْرَثْنَا ٱلْقَوْمَ ٱلَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ } باستعبادهم [ وقوله : ] { مَشَارِقَ ٱلأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا } قيل : فيه بوجوه : قيل : مشارق الأرض ومغاربها : مملكة فرعون مصر ونواحيها ، ما يلي ناحية الشرق وناحية الغرب . وقيل : كان في بني إسرائيل من بلغ ملكه مشارق الأرض ومغاربها من نحو ذي القرنين ، وداود ، وسليمان . وقيل : مشارق الأرض ومغاربها : أن فضلوا على أهل مشارق الأرض ومغاربها ؛ كقوله : { وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى ٱلْعَالَمينَ } [ الجاثية : 16 ] قيل : على عالمي هذا الزمان ، ثم تفضيله إياهم على البهائم بالجوهر ، والخلقة ، وعلى الجن بالرسالة والنبوة والمنافع ، وعلى جوهرهم من بني آدم بالرسالة والحكمة والملك ؛ كقوله : { وَجَعَلَكُمْ مُّلُوكاً وَآتَاكُمْ مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِّن ٱلْعَٱلَمِينَ } [ المائدة : 20 ] . وقوله - عز وجل - : { ٱلَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا } . قيل : أرض الشام . وقيل : أرض مصر ونواحيها . وقيل : سماها مباركة لأنها مكان الأنبياء - عليهم السلام . وقل : مباركة لكثرة أنزالها وسعتها . وقوله - عز وجل - : { وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ ٱلْحُسْنَىٰ } . قيل : هي الجنة ، أي : تمت لهم الجنة بما صبروا ، وقيل : { وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ ٱلْحُسْنَىٰ } بما كان وعدهم أنه ينزلهم فيها ، ويستخلفهم ، تم ذلك الوعد [ لهم ] وهو كما قال : { وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ فِي ٱلأَرْضِ } [ القصص : 5 ] تم ما وعد لهم أن يمن عليهم . وقوله - عز وجل - : بما صبروا يحتمل : بما صبروا على أذى فرعون ، ويحتمل : بما صبروا من أداء ما أوجب عليهم ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ } . قال بعضهم : قوله : { وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ } : على الوقف على { وَقَوْمُهُ } { وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ } : معطوف على قوله : { وَأَوْرَثْنَا ٱلْقَوْمَ ٱلَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ ٱلأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا } { وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ } : وهو من العرش الذي يتخذه الملوك . وقيل : { وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ } - أيضاً - ، أي : أهلكنا ما كانوا يعرشون . قال القتبي : يعرشون ، أي : يبنون ، والعرش : بيوت ، والعرش : سقوف . وقال أبو عوسجة : { وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ } ، أي : أهلكنا وأفسدنا ، { وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ } عَرَش ، يَعْرُش ويَعْرِش يعني : يبنون من البيوت والكروم والأشجار . وقيل في قوله : { كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ } : يعني بالاستضعاف : قتل الأبناء واستحياء النساء بأرض " مصر " ، ورثهم الله ذلك . وقيل في قوله : { وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ ٱلْحُسْنَىٰ } هي النعمة التي أنعمها على بني إسرائيل بما صبروا على البلاء حين كلفوا ما لا يطيقون من استعباد فرعون إياهم ، والكلمة التي ذكر ما ذكر في القصص من قوله : { وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ فِي ٱلأَرْضِ } [ القصص : 5 ] .