Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 130-133)
Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله - عز جل - : { وَلَقَدْ أَخَذْنَآ آلَ فِرْعَونَ بِٱلسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّن ٱلثَّمَرَاتِ } . عن ابن مسعود - رضي الله عنه - : { بِٱلسِّنِينَ } قال : بالجوع ، وقيل : بالقحط . ومجاهد : { بِٱلسِّنِينَ } قال : بالجوائح ونقص من الثمرات دون ذلك . وقال القتبي : بالسنين : بالجدب ؛ يقال : أصاب الناس سنة : أي جدب . فإن قيل : ذكر أنه أخذ آل فرعون ، وكان فيهم بنو إسرائيل فما معنى التخصيص ؟ قيل : يحتمل أن يكون ذلك لهم خاصّة دون بني إسرائيل ، وإن كانوا فيهم ؛ على ما ذكر في بعض القصّة أن القبط كانوا يشربون الدم وبنو إسرائيل الماء ، أو كان الجدب والنقص من الثمرات يضر آل فرعون ، ولا يضر بني إسرائيل ؛ لما أنهم كانوا يأكلون للشهوة وبنو إسرائيل للحاجة ، فمن يأكل للحاجة كان أقل حاجة إلى الطعام ممن يأكل للشهوة ؛ فإذا لم يجدوا ما يأكلون للشهوة كان أضر بهم . ألا ترى أنه قيل : " يأكل المؤمن في معيٍّ واحد والكافر لسبعة أمعاء " . أو خرج تخصيص ذلك لهم لما أن في عقد بني إسرائيل أن [ لله أن ] يمتحنهم بجميع أنواع المحن : مرة بالشدة ومرة بالسعة ، ومن عقد القبط لا ، فأضيف إليهم ذلك لما لم يكن في عقدهم ذلك ، وإن كانوا جميعاً في ذلك . وقوله - عز وجل - : { لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ } . أي : يتعظون ، " ولعل " من الله واجب قد اتعظوا لكنهم عاندوا وكابروا ، وإلا قد لزمهم الاتعاظ . وقوله - عز وجل - : { فَإِذَا جَآءَتْهُمُ ٱلْحَسَنَةُ قَالُواْ لَنَا هَـٰذِهِ } . أي : الخصب والسعة { قَالُواْ لَنَا هَـٰذِهِ } ، أي : هذا ما كنا نعرفه أبداً وما جرينا على اعتياده ، أو أن يقولوا : لنا هذه بفرعون وبعبادتنا له . { وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ } . قيل : الضيق والقحط . { يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَىٰ } . وقال بشؤمه ، وهذا كما قال العرب لمحمد : { وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ هَـٰذِهِ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُواْ هَـٰذِهِ مِنْ عِندِكَ } [ النساء : 78 ] كانوا يضيفون ما يصيبهم من الحسنة إلى الله ؛ لأنهم كانوا يقرون بالله ، والقبط لا فيقولون ذلك من فرعون أو على الاعتياد . فقال : { قُلْ كُلٌّ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ } [ النساء : 78 ] ؛ فعلى ذلك قال ها هنا : { أَلاۤ إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ ٱللَّهِ } . ثم يحتمل هذا وجوهاً : قيل : جزاء تطيرهم عند الله في الآخرة . وقيل : طائرهم وشؤمهم الذي كانوا تطيروا بموسى كان بتكذيبهم موسى ؛ أضاف ذلك إلى ما عنده من الآيات ؛ لأنهم بنزول تلك الآيات وإرسالها عليهم تطيروا بموسى ، [ وبتجدد ] تلك الآيات تجدد تطيرهم وتشاؤمهم . وقال بعضهم : قوله : { إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ ٱللَّهِ } ، أي : حظهم عند الله ، وكذلك قال في قوله : { أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ } [ الإسراء : 13 ] ، وهو كما ذكر : { فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَىٰ رِجْسِهِمْ } [ التوبة : 125 ] لما كذبوا تلك الآيات زاد ما نزل [ بهم ] من الآيات من بعد رجساً إلى رجسهم ، فعلى ذلك شؤمهم وطائرهم الذي كان بتكذيبهم موسى . وقوله - عز وجل - : { يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَىٰ } : من الطيرة ، وهو من التشاؤم ، يقال : تشاءمت بفلان ، أي : قلت : هو غير مبارك ، وتطيرت بفلان - أيضاً - مثله ، ويقال : تبركت به إذا قلت : هو مبارك ، ويقال : تطيرت واطيرت منه وبه . { أَلاۤ إِنَّمَا طَائِرُهُمْ } ، أي : شؤمهم ذلك الذي يخافون منه هو من عند الله ، { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } : بأنه [ كان ] من عند الله ، كان بتكذيبهم موسى . وقوله - عز وجل - : { وَقَالُواْ مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِن آيَةٍ لِّتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ } . قال أبو بكر الكيساني : تأويله : كل ما تأتينا به تزعم أنه آية ، تريد أن تسحرنا بها ، فما نحن لك بمؤمنين . وقال ابن عباس ، والحسن : هو : أي ما تأتينا { بِهِ مِن آيَةٍ لِّتَسْحَرَنَا بِهَا … } ، الآية . وقوله " مه " زيادة ، وهو قول القتبي ، ومعناه : أي ما تأتنا . وقال الخليل : هو في الأصل [ " ما " " ما " ] إحداهما زيادة ، فطرحت الألف وأبدلت مكانها هاء ؛ طلباً للتخفيف . وقال سيبويه النحوي : قوله : { مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِن آيَةٍ } ، [ أي ] : مه أي كأنهم قالوا له : مه ، أي : اسكت ، كما يقول الرجل لآخر : مه ، أي : اسكت ، " ما تأتنا به من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين " . والسحر : هو التحيير ، وأخذ الأبصار ، ولا حقيقة له ؛ كقوله : { إِنِّي لأَظُنُّكَ يٰمُوسَىٰ مَسْحُوراً } [ الإسراء : 101 ] أي : متحيراً ، وقوله : { سَحَرُوۤاْ أَعْيُنَ ٱلنَّاسِ } [ الأعراف : 116 ] . ثم دل قولهم : { مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِن آيَةٍ لِّتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ } أن ما قالوا : إن هذا ساحر ، وإنه سحر عن علم بالآية والنبوة له قالوا ذلك ، لا عن جهل وغفلة حيث قالوا : { مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِن آيَةٍ لِّتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ } ذلك منهم إياس من الإيمان به ، وقبول الآيات لأنهم أخبروا أنهم لا يقبلون الآيات ، ولا يصدقونه في ذلك . وقوله - عز وجل - : { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ ٱلطُّوفَانَ وَٱلْجَرَادَ … } إلى آخر ما ذكر . قال أهل التأويل : [ لما قالوا ذلك ] أرسل الله بعد السنين ونقص الثمرات الطوفان والآيات التي ذكر ، ويحتمل أن يكون هذا وإن كان مؤخراً في الذكر فهو مقدم ؛ لما قال : { وَلَقَدْ أَخَذْنَآ آلَ فِرْعَونَ بِٱلسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّن ٱلثَّمَرَاتِ } { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ ٱلطُّوفَانَ وَٱلْجَرَادَ } إلى آخره . { لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ } أي : يتعظون . ثم اختلف أهل التأويل في الطوفان : قال بعضهم : [ الطوفان ] : الماء والمطر حتى خافوا الهلاك ، وهو قول ابن عباس . وعن عائشة ، قالت : " سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الطوفان ، فقال : الموت " ، فإن ثبت فهو هو . وقيل : الطوفان : هو أنواع العذاب . والجراد : هو المعروف . والقمل ، قال بعضهم : هو بنات الجراد ، يقال : الدباء . وقيل : هو الجراد الصغار التي لا أجنحة لها . { وَٱلضَّفَادِعَ وَٱلدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلاَتٍ } . قيل : مفصلات ، أي معرفات ، واحداً بعد واحد ، لم يرسل آية إلا بعد ذهاب أخرى ، بعضها على إثر بعض . وقيل : مفصلات ، أي : بينات واضحات ، ما علم كل أحد أنه [ ليس من أحد ] وليس من عمل السحر ، ولكن آية سماوية إذ لو كان سحراً لتكلفوا في دفعه ، واشتغلوا بالسحر على ما اشتغلوا بسحر العصا والحبال ، فإذ لم يتكلفوا في ذلك ، [ و ] لم يشتغلوا بدفع ذلك ، بل فزعوا إلى موسى ليكشف ذلك عنهم ، ووعدوه الإيمان به ، وإرسال بني إسرائيل معه ، دلّ فزعهم إليه في كشف ذلك عنهم على أنهم قد عرفوا أنه ليس بسحر ، ولكنه آية أقرّوا بها أنّها ليست بسحر ، وأنها آيات إلا أنهم فزعوا عند ذلك إلى موسى فقالوا : { ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ } : { لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا ٱلرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِيۤ إِسْرَآئِيلَ } ووعدوه الإيمان به ، وبعث بني إسرائيل معه إن كشف عنهم الرجز . وقوله - عز وجل - : { بِمَا عَهِدَ عِندَكَ } اختلف فيه : قال بعضهم : { بِمَا عَهِدَ عِندَكَ } ما عهد لك أنك متى دعوته أجابك . وقيل : { بِمَا عَهِدَ عِندَكَ } أنَّا متى آمنا بك وصدّقناك كشف عنا الرجز ، فقالوا : لئن كشف عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل .