Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 72, Ayat: 1-10)
Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله - عز وجل - : { قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ ٱسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ ٱلْجِنِّ } ، اختلف في السبب الذي كان به مجيء الجن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فمنهم من ذكر أن إبليس صعد إلى السماء ، فوجدها قد ملئت حرسا شديدا وشهبا ؛ فتيقن أنه قد حدث في الأرض حادث ، ففرق جنوده ؛ ليعلم ذلك . ومنهم من يقول بأن الأصنام خرت لوجوهها حين بعث [ رسول الله ] صلى الله عليه وسلم ؛ فعلم إبليس أنه قد حدث في الأرض حادث حتى خرت له الأصنام ، ففرق جنوده ؛ ليصل إلى علم ذلك . ثم من الناس من يزعم أن قصة هذه السورة وقصة قوله - عز وجل - : { وَإِذْ صَرَفْنَآ إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ ٱلْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ ٱلْقُرْآنَ } [ الأحقاف : 29 ] - واحدة . وقال بعضهم بأن هؤلاء النفر الذين ذكروا في هذه السورة كانوا من مشركي الجن ، والذين ذكروا في سورة الأحقاف كانوا من يهود الجن ؛ دليله : أنه قال في هذه السورة فيما حكي عن الجن : { وَأَنَّا ظَنَنَّآ أَن لَّن نُّعْجِزَ ٱللَّهَ فِي ٱلأَرْضِ وَلَن نُّعْجِزَهُ هَرَباً } [ الجن : 12 ] ، واليهود يقرون بالبعث ، ولا ينكرونه ؛ فثبت أنهم كانوا من جنس المشركين ، وقال في سورة الأحقاف : { قَالُواْ يٰقَوْمَنَآ إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَىٰ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ } [ الأحقاف : 30 ] ؛ فثبت أنه قد كان عندهم علم بالكتاب [ المنزل ] على رسول الله [ موسى ] صلى الله عليه وسلم ، وكانوا به مقرين ، واليهود هم الذين يؤمنون بكتاب موسى - عليه السلام - لا غير . ثم فيما حكى الله تعالى عن الجن من تصديقهم هذا الكتاب واستماعهم ما جرى من المخاطبات فيما بينهم - فوائد : إحداها : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مبعوثا إلى الجن والإنس حتى صرف الجن إلى الاستماع إليه . وفيه أنهم لما أخذوا القرآن من لسانه قاموا فيما بين القوم بإنذارهم ، وأعانوه في التبليغ على ما أخبر - عز وجل - { فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْاْ إِلَىٰ قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ } [ الأحقاف : 29 ] . وفيه أن أولئك النفر تسارعوا إلى الإجابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فيكون فيه تسفيه قوم رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين نشأ بين أظهرهم ؛ لأنهم عرفوا رسول الله صلى الله عليه وسلم [ فيما بينهم ] بالصيانة والعدالة ، ولم يقفوا منه على كذب قط ، وحق من يعرف بالصدق إن لم يصدق ألا يتسارع إلى تكذيبه فيما يأتي [ به ] من الأنباء ، بل يوقف في حاله إلى أن يتبين منه ما يظهر كذبه ، وقومه استقبلوه بالتكذيب ، ولم يعاملوه معاملة من كان معروفا بالصدق والصيانة ، والجن الذين صدقوه ، لم يكونوا عارفين بأحواله فيما قبل أنه صدوق ، أو ممن يرتاب في خبره ، ثم تسارعوا إلى تصديقه ؛ لما لاحت لهم الحجة وثبتت عندهم آية الرسالة وعاملوه معاملة من قد عرف بالصدق ؛ فدل أنهم كانوا في غاية من السفه . وفيه - أيضاً - دلالة رسالته صلى الله عليه وسلم ؛ لأن قوله تعالى : { فَقَالُوۤاْ إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً * يَهْدِيۤ إِلَى ٱلرُّشْدِ … } إلى آخر القصة فيما بينهم - إخبار عن علم الغيب وهذا لا يعرف إلا بمن عنده علم الغيب ؛ فثبت أنه بالله تعالى علم . ثم يجوز أن يكون الذي حملهم على الإيمان به ما عرفوا أنه أتى بالمعجز الذي يعجز الخلق عن الإتيان بمثله ، وبما وقفوا على إحكام معانيه وحسن تأليفه ونظمه . وفيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يشعر بمجيئهم حتى أُوحي إليه أنه قد أتاه نفر من الجن ، واستمعوا إلى ما أوحي إليه ؛ فيكون فيه دلالة على فساد قول الباطنية ؛ حيث يزعمون أن [ رسول الله ] صلى الله عليه وسلم قبل الوحي بالجسد الروحاني ؛ لأنه لو كان كما وصفوا ، لرأى الجن عندما حضروا إليه ؛ إذ الجسد الروحاني مما يبصر الجن ، ولم يكن يُوحَى إليه ، فيعرف أن قد حضره نفر من الجن . " وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سأل جبريل - عليه السلام - أن يراه على صورته ، فقال [ له ] جبريل : " إنك لا تطيقه ؛ لأن الأرض لا تسعني ، ولكن انظر إلى أفق السماء " ، ولو كان يأخذ الوحي بالجسد الروحاني ، لكان قد رأى جبريل - عليه السلام - على صورته فيبطل فائدة هذا السؤال ؛ فثبت أن الأمر ليس كما زعموا ، بل كان يقبله بالصورة الجسدانية ، وأنه كما وصفه الله تعالى بقوله : { قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ … } [ الكهف : 110 ] . وقال القتبي : النفر : ما بين الثلاثة إلى التسعة . وقوله - عز وجل - : { فَزَادُوهُمْ رَهَقاً } . قال بعضهم : العجب : الغريب ، وإنما استغربوا ذلك منه ؛ لأنهم سمعوه من أميّ لا يعرف الكتابة ولا يقرأ الكتب . ومنهم من قال بأن حسن تأليفه ونظمه ووصفه هو الذي حملهم على التعجب . ومنهم من قال : إنما تعجبوا من آياته وحججه ؛ لأنه جاء في تثبيت التوحيد ، وإثبات الرسالة ، وإثبات البعث ، ولم يكن لهم معرفة بالوحدانية ؛ بل كانوا أهل شرك ، ولم يكونوا أهل معرفة بالبعث ولا الرسالة ؛ فكانت الآيات عجيبة ؛ حيث قررت عندهم هذه الأوجه ، والله أعلم . ثم في هذه السورة وفي قوله تعالى : { وَإِذْ صَرَفْنَآ إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ ٱلْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ ٱلْقُرْآنَ } [ الأحقاف : 29 ] إخبار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يشعر بمجيئهم . وروي في الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " أنه لما تلى على أصحابه سورة الرحمن ، قال لأصحابه : " إن الجن كانوا أحسن إجابة منكم ، إني تلوت عليهم هذه السورة ، فكانوا يقولون : ما بشيء من آلائك نكذب ربنا ، فلك الحمد " ففي هذا الخبر دلالة أنه قد رآهم وشعر بمجيئهم ؛ فيكون فيه إثبات الوجهين جميعا : أن قد شعر مرة ، ولم يشعر أخرى . ثم يجوز أن يكون رآهم بما قوى الله - عز وجل - بصره حتى احتمل إدراك الجن ، وضعفت أبصار غيره عن رؤيتهم ؛ ألا ترى أن أهل الجنة يرون الملائكة عندما تأتيهم بالتحف من ربهم ، فيقوي الله - عز وجل - بصرهم حتى رأوا الملائكة بجوهرهم ، وإن ضعفت أبصارهم عن الرؤية في الدنيا ، ففي ذلك تجويز أن يكون الله - تعالى - قوى بصر نبيه صلى الله عليه وسلم حتى رأى الجن على صورتهم . وجائز أن يكون الله تعالى صور الجن على صورة الإنس حتى رآهم ، وشعر بمجيئهم ، والله أعلم . ثم ما ذكرنا من السببين في أمر مجيء الجن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أول السورة من قول أهل التأويل لا نقطع القول بذلك ، وإن كان في حد الإمكان والجواز ؛ لأنهم تكلفوا استخراج ذلك بالتدبر والاجتهاد ، وما كان سبيل معرفته الاجتهاد ، لم يجز أن نقطع القول فيه بالشهادة . وقد يجوز أن يكون الذي حملهم على المجيء غير ذينك الوجهين ، وهو أن يكون النفر من منذري الجن ؛ لأنه ذكر أن من الجن نذراً ، وأن الرسل من الإنس دون الجن ، فتفرقوا في الأرض على رجاء أن يظفروا برسول الله صلى الله عليه وسلم فيتلقفوا منه ما يقومون به بالنذارة فيما بين قومهم إذ كانوا يصعدون إلى السماء فيستمعون الأخبار ، وينذرون قومهم بها ، ثم انقطع علم ذلك عنهم حيث لم يجدوا مسلكا إلى الصعود ؛ لأنها قد ملئت حرسا ، وعلموا أن الله - عز وجل - لا يبقيهم حيارى ويقطع عنهم وجه المعرفة ، فتفرقوا في الأرض رجاء أن يظفروا بمن يزيل عنهم الشبه ، ويوضح لهم الحجج والبراهين ، فوصلوا إلى مقصودهم من جهة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم . ويجوز أن يكون عندهم أن لا أحد في الأرض من جني أو إنسي يكذب على الله ؛ كما حكى الله عنهم بقوله : { وَأَنَّا ظَنَنَّآ أَن لَّن تَقُولَ ٱلإِنسُ وَٱلْجِنُّ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً } ، فلما تحقق عندهم الكذب خافوا على أنفسهم أن يبتلوا به ، وأن يشتبه عليهم الصراط السوي ؛ فتفرقوا في الأرض على رجاء أن يظفروا بمن يدلهم على الطريقة المثلى ، حتى وجدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم . ويجوز أن يكونوا لما صعدوا إلى السماء ، فرأوها مملوءة من الحرس والشهب ، أيقنوا أن ذلك لحادث خبر أو خافوا حلول نقمة بأهل الأرض ؛ فتفرقوا في البلاد لما لعلهم يصلون إلى علم ذلك . ثم الذي تحقق كون هذا الخبر وهو أن السماء ملئت حرسا شديدا وشهبا في حق الكفرة - انقطاع الكهنة بعد ذلك ، ولو كان الأمر على خلاف هذا ، لكانوا لا ينقطعون ؛ لأن الشياطين كانوا يصعدون إلى السماء فيأتون الكهنة بما يستمعون من الأخبار ، ويلقونها إليهم ؛ فيضلون بها الخلق ، فلو لم يمنعوا عن السماء لكانوا لا ينقطعون ، ومن ادعى الكهانة اليوم فلا تجد عنده خبرا حادثا سوى ما تلقفوه من ألسن الرسل عليهم السلام ، وكان أمر الشهاب أمرا ظاهرا ، عرفته الكفرة فيما بينهم ؛ فكانت هذه حجة سماوية لرسول الله صلى الله عليه سلم مقررة عند الكفرة رسالته ؛ إذ لم يدع أحد منهم بكون الشهاب قبل أن يبعث النبي صلى الله عليه وسلم ، فصار انقطاع الكهنة دليلا على صدقه في مقالته ، والله المستعان . وقوله - عز وجل - : { يَهْدِيۤ إِلَى ٱلرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ } . أي : إلى الحق ، على ما ذكرنا بيانه في سورة الأحقاف في قوله - عز وجل - : { يَهْدِيۤ إِلَى ٱلْحَقِّ وَإِلَىٰ طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ } [ الأحقاف : 30 ] . وقوله - عز وجل - : { لَّن يَبْعَثَ ٱللَّهُ أَحَداً } . قال أبو بكر الأصم : إنهم كانوا من مشركي العرب ، فتبرءوا من الشرك لما استمعوا وسمعوا [ من ] القرآن بقولهم : { وَلَن نُّشرِكَ بِرَبِّنَآ أَحَداً } ، وقد يحتمل هذا الذي قالوا . ويحتمل أنه لم يسبق منهم الإشراك ؛ بل كانوا من جملة الموحدين ، ولكنهم أحدثوا إيمانا بما سمعوا من القرآن ، وأحدثوا تبرءاً من الشرك ، وقد يتبرأ المرء من الشرك عندما يحدث له زيادة إيقان وإن لم يسبق منه الإشراك ؛ كما قال موسى - عليه السلام - : { قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْمُؤْمِنِينَ } [ الأعراف : 143 ] . وقوله - عز وجل - : { وَأَنَّهُ تَعَالَىٰ جَدُّ رَبِّنَا } . اختلف في تأويل الجد : فمنهم من يقول بأن هذه الكلمة يتكلم بها فيمن يظفر بكل ما يريده ، فيوصف بأنه ذو جد ، [ فجائز ] أن يكونوا أرادوا بهذا أن ربنا هو الظافر بكل ما يريده ، فلا يستقبله خلاف ، ولا تمسه حاجة ، وعلى هذا التأويل قوله : " ولا ينفع ذا الجد منك الجد " أي : من كان له الجد في الدنيا ، فإذا كان في تقدير الله تعالى على خلاف ذلك ، لم يغنه ذلك من عذاب الله شيئا . فإن كان هذا هو المراد ، فمعناه : أن من هذا وصفه يتعالى عن أن يكون له شريك ، أو يحتاج إلى صاحبة ، أو إلى اتخاذ ولد ؛ لأن هذه الأشياء كلها أمارات الحاجة ، ومن ظفر بكل ما يريده لم تقع [ له ] حاجة . وجائز أن يكون الجد صلة ، ومعناه : تعالى ربنا . وجائز أن يكون الجد عبارة عن العظمة والرفعة ؛ يقال : " فلان جد في قومه " : إذا عظم وشرف فيهم . وقال الحسن : { تَعَالَىٰ جَدُّ رَبِّنَا } ، أي : غِنَى ربنا ؛ ألا ترى كيف ذكر الله تعالى عندما نزه نفسه عن اتخاذ الأولاد بقوله : { قَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ هُوَ ٱلْغَنِيُّ } [ يونس : 68 ] ، وقد ذكر اتخاذ الولد هاهنا على أثر قوله - عز وجل - : { جَدُّ رَبِّنَا } . ومنهم من يقول تأويله : ملك ربنا . وجائز أن يكون أريد به : قوة ربنا ، فتعالى ربنا عن كل ما لو نسب إليه كان فيه [ نسبته ] إلى فعل الرذالة والتسفل . ثم الحق ألا يتكلف تفسير قوله : { جَدُّ رَبِّنَا } هاهنا ؛ لأنه حكاية عن مقالة الجن ، فمراد هذه الكلمة إنما يعرف بإخبار الجن . ثم الشرك فيما جرى به الكتاب على أوجه أربعة : مرة على العبادة بقوله - عز وجل - : { وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدَاً } [ الكهف : 110 ] . وشرك في الخلق بقوله - عز وجل - : { أَمْ جَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَآءَ خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ ٱلْخَلْقُ عَلَيْهِمْ } [ الرعد : 16 ] . وشرك في الحكم بقوله تعالى : { وَلاَ يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً } [ الكهف : 26 ] . وشرك في الملك بقوله : { وَلَم يَكُنْ لَّهُ شَرِيكٌ فِي ٱلْمُلْكِ } [ الإسراء : 111 ] فثبت أن الشرك يقع مرة في العبادة ، ومرة في الخلق ، ومرة في الملك ، ومرة في الحكم ؛ فهو بقولهم : { وَلَن نُّشرِكَ بِرَبِّنَآ أَحَداً } تبرءوا عن الشرك من هذه الأوجه الأربعة . ثم إذا كان الجد عبارة عن الذي يظفر بكل ما يريده ، ففيه ما ينقض على المعتزلة قولهم ؛ لأنهم يزعمون أن الله تعالى أراد من كل كافر الإيمان ، فإذا لم يؤمنوا ، فهو غير ظافر بما يريد على قولهم . ويدخل عليهم النقض من وجه آخر ، وهو أنا قد بينا أن الشرك قد يقع مرة في الخلق ، وهم ينفون خلق الأفعال عن الله تعالى ، وإذا نفوا ذلك ، فقد جعلوا له في الخلق شركاء ، وقد أخبر - عز وجل - أنه هو المتفرد بخلق الخلائق ؛ فثبت أن الأفعال من حيث الخلق والإنشاء من الله تعالى ، ومن جهة الكسب والفعل للخلق ؛ فمن الوجه الذي تضاف إلى الله تعالى لا يجوز أن تضاف من ذلك الوجه إلى الخلق عندنا ؛ فلا يقع في الخلق تشابه ؛ لأنه لا يتحقق من العباد الفعل من الوجه الذي تحقق من الله تعالى ؛ ألا ترى أنه يضاف الملك إلى الله تعالى ، وإلى الخلق ، ثم لا يقع في ذلك إشراك ؛ لأنه من الوجه الذي يضاف إلى الله تعالى لا يتحقق ذلك الوجه في الخلق ؛ لأن الإضافة إلى الخلق على جهة المجاز والإضافة إلى الله تعالى على جهة التحقيق ؛ فكذلك إضافة الأفعال إلى الله تعالى وإلى الخلق ، لا توجب الشرك ؛ لاختلاف الجهتين ، والله الموفق . وقوله - عز وجل - : { مَا ٱتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلاَ وَلَداً } ؛ لأن اتخاذ الصاحبة من الخلق ؛ لغلبة الشهوة ، وهو منشئ الشهوات ؛ فلا يجوز أن يغلبه ما هو خلقه ، فيبعثه ذلك على اتخاذ الصاحبة ، وبهذا يرد على من زعم أن الملائكة بنات الله تعالى ، والبنات يحدثن من الصاحبة ، وهو تعالى لم يتخذ صاحبة ؛ فأنى يكون له بنات . وقوله - عز وجل - : { وَلاَ وَلَداً } فالأصل أن الأولاد يرغب فيهم المرء ؛ لإحدى خصال : إما لما يناله من الوحشة ؛ فيطلب الولد ؛ ليستأنس بهم . أو يرغب فيهم ؛ لما حل به من الضعف ، فيريد أن يستنصر بهم . أو لما يخاف زوال ملكه ؛ فيطلب الولد ؛ ليأمن من زواله . وجل الله سبحانه وتعالى عن أن تلحقه وحشة ، أو يصيبه ضعف ، أو يخاف زوال الملك ؛ فإذا كانت الطرق التي بها يرغب [ في اكتساب الأولاد ] منقطعة في حقه ، لزم تنزيهه عن اتخاذ الأولاد ؛ ولهذا ما ذكر عندما نسبته الملاحدة إلى اتخاذ الأولاد - غناه بقوله { سُبْحَانَهُ هُوَ ٱلْغَنِيُّ } [ يونس : 68 ] ، أي : غني عن كل الوجوه التي تتوجه إلى اتخاذ الأولاد ، وبالله التوفيق . وقوله - عز وجل - : { وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى ٱللَّهِ شَطَطاً } . فمنهم من ذكر أن سفيههم إبليس ، وليس هذا براجع إلى الواحد على الإشارة إليه ، بل هو راجع إلى كل من يوجد منه فعل السفه ؛ ألا ترى أنه إذا قيل : " كان يقول مسيئنا كذا " ، و " كان يقول فاسقنا كذا " ، لم يعن به فاسق ولا مسيء واحد على الإشارة ؛ بل يراد به كل معروف بالإساءة والفسق ؛ فعلى ذلك قوله { وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا } ليس بمقتصر على الواحد ، بل هو راجع إلى كل من يوجد منه ذلك . ثم في هذه الآية دلالة أن النفر الذين استمعوا كانوا مؤمنين ، ولم يكونوا من أهل الكفر ؛ لأنهم لو كانوا أهل شرك ، لكانوا لا يضيفون فعل السفه إلى غيرهم ، ويخرجون أنفسهم منه ، وقد وجد منهم فعل السفه . ولو كانوا مشركين - أيضا - لكانوا يقولون مكان هذه الكلمة : " وإنا كنا نقول على الله شططا " ؛ ليكون ذلك منهم توبة ورجوعا عما كانوا فيه من الشرك والكفر ؛ شكرا بما أنعم الله عليهم من عظيم النعمة بأن هداهم للإيمان ، لا أن يضيفوا ذلك إلى سفهائهم ؛ فثبت أنهم كانوا مؤمنين . والشطط : الجور . وقال بعضهم : هو الكذب . وقال بعضهم : الظلم . والشطط هاهنا الجور ، والجور ما أتوا به من القول الفاحش ، وهو الشرك بالله تعالى ، وهذا يبين أن الجور قبيح في كل الألسن وفيما بين أهل الأديان ؛ ألا ترى كيف سفهوا من يقول على الله تعالى بالجور . وقوله - عز وجل - : { وَأَنَّا ظَنَنَّآ أَن لَّن تَقُولَ ٱلإِنسُ وَٱلْجِنُّ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً } . ذكر أبو بكر الأصم أنهم كانوا اعتقدوا أن لله تعالى صاحبة وولدا ؛ بما سمعوا [ الجن والإنس ] يقولون ذلك ، وكان عندهم أنهم في ذلك صادقون ؛ فذلك المعنى هو الذي حملهم على القول بأن لله تعالى ولدا وصاحبة ؛ فلما ظهر عندهم كذب من يدعي اتخاذ الولد والصاحبة تبرءوا عمن يقول ذلك ؛ فثبت بهذا أنهم كانوا أهل شرك إلى ذلك الوقت ؛ فلما استمعوا إلى قراءة الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولاحت لهم الحجج ، وارتفعت عنهم الشبه ، آمنوا به ، وتبرءوا عن مقالتهم المتقدمة . وقد يحتمل غير ما ذكره عنهم أبو بكر من التأويل ، وهو أن القوم كانوا أنشئوا على الهدى والإيمان ؛ فكانوا يظنون أن الجن والإنس على الهدى ، وأنهم لا يكذبون على الله تعالى حتى ظهر عندهم كذب [ الإنس والجن ] بقولهم : إن لله ولدا وصاحبة . وجائز أن يكون معناه : إنا كنا نظن ألا تسخو نفس أحد من الممتحنين بالكذب على الله تعالى بما أراهم الله تعالى قبح الكذب ، وقرر عندهم بالحجج والأدلة تنزيهه عن اتخاذ الأولاد والصاحبة ؛ حتى ظهر عندهم ذلك بما أظهروه بألسنتهم . ثم الذي يدل على أن التأويل الذي ذكره أبو بكر ليس بمحكم : أنه قد كان في الجن والإنس مصدق يصف الله تعالى بالتنزيه ، وقد كان فيهم من يقول بالولد والصاحبة ؛ ألا ترى إلى قوله حكاية عنهم : { وَأَنَّا مِنَّا ٱلْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا ٱلْقَاسِطُونَ } [ الجن : 14 ] ، وإلى قوله : { وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ } [ الجن : 11 ] ، ولا يحتمل أن يقع عندهم أن الفريقين جميعا على الصواب ، ولكن كان في ظنونهم أن القوم جميعا على الهدى على ما هم عليه ، فلما تبين عندهم الكذب من أولئك قالوا هذا القول والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ ٱلإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ ٱلْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً } . [ ذكر أن الإنس ] ، هم قوم من العرب كانت إذا نزلت بواد استجارت بسيد الوادي ، وقالت : نعوذ بسيد هذا الوادي من سفهاء قومه . ثم اختلف بعد هذا : فمنهم من ذكر أنهم [ كانوا ] يجيرونهم . ومنهم من زعم أنهم كانوا لا يجيرونهم ، وكان ذلك يزيد في رهق الإنس من الجن . وقالوا : الرهق : هو الخوف ، والفرق ؛ كذلك روي عن أبي رءوف . ومنهم من يقول : هو الذلة والضعف ، [ فكانوا يزدادون الضعف ] والذلة والخوف [ والفرق ] بامتناعهم عن الإعاذة . ومنهم من يقول بأنهم كانوا يجيرون من استجارهم ، ولكن مع هذا كانوا يفرقون منهم ، ومن كيدهم في الأماكن التي [ لم ] يستجيروا فيها إليهم ، وفي غير الأوقات التي وقعت فيها الإجارة . وعلى اختلافهم اتفقوا أن الجن هي التي كانت تزيد الإنس رهقا . وقيل بأن هذا الفعل من الإنس - وهو الاستجارة بهم - شرك ؛ لأن الله تعالى هو المجير ؛ فكان الحق عليهم أن يستجيروا بالله تعالى ؛ ليدفع عنهم مكايد الجن ، وألا يروا لأنفسهم ناصرا غير الله تعالى ، فإذا فزعوا في الاستجارة إلى الجن ، فقد رأوا غير الله تعالى يقوم عنهم بالذب والنصر ؛ فكان ذلك منهم شركا . ولأن الجن أضعف من الإنس ؛ ألا ترى أنها تختفي من الإنس وتتصور بغير صورتها ؛ فرقا ؛ لئلا يشعر بها الإنس ، وبلغ في ضعفها : أنها لا تقدر على إتلاف أحد من البشر ، ولا تقدر على سلب أموالهم ، ولا إفساد طعامهم وشرابهم ، واستنصار القوي بالضعيف أداة الذلة ؛ فيخرج تأويل [ من قال ] بأن الرهق هو الذلة والضعف على هذا . ومنهم من يقول بأن الإنس هي التي كانت تزيد الجن رهقا ، وقال : الرهق : التجبر ، والتكبر . وقيل : هو السفه والجهل . وقيل : هي المآثم . وقال القتبي : هو العبث والظلم ؛ يقال : فلان مرهق في دينه ؛ إذا كان مفسدا . ووجه زيادة الرهق : هو أن الرؤساء من الجن كانوا يرون لأنفسهم الفضل على أتباعهم من الجن وعلى الإنس جميعا بما رأوا من افتقار الإنس إليهم حتى احتاجوا إلى الاستعاذة بهم ؛ فكان يتداخلهم الكبر من ذلك ، ويزدادون به تجبرا وتعظما ؛ فكان ذلك يمنعهم عن النظر في حجج الرسل ، وكذلك أكابر الكفرة من الإنس كانوا يمتنعون عن الإجابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم بما يرون لأنفسهم من الفضل على من سواهم ؛ ألا ترى إلى قوله تعالى : { وَكَذٰلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَٰبِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُواْ فِيهَا … } الآية [ الأنعام : 123 ] . فمن زعم أن الرهق : هو الإثم ، أو السفه ، أو الجور والظلم ، أو العبث - يرجع كله إلى هذا المعنى الذي ذكرنا ؛ لأن سفههم هو الذي كان يحملهم على التجبر والتكبر ؛ لأنه كان لا يستعيذ بهم إلا الجاهل السفيه ، وليس في إعاذة الجاهل السفيه منقبة ما يتكبر لأجلها ، وهم بتكبرهم ازدادوا إثما وبعدا من رحمة الله تعالى ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { وَأَنَّهُمْ ظَنُّواْ كَمَا ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَبْعَثَ ٱللَّهُ أَحَداً } . فجائز أن يكونوا نفوا القدرة عن الله تعالى بالبعث ؛ لما لم يشاهدوا البعث ، ورأوه أمرا خارجا عن طوقهم وقواهم ؛ فظنوا أن القدرة لا تنتهي إلى هذا ، لا أن يكونوا أرادوا به خروج البعث عن حد الحكمة ؛ لأنهم لو أرادوا به نفي البعث ، لكانوا يقتصرون على قولهم : [ { لَّن يَبْعَثَ ٱللَّهُ } ] ؛ فلما وصلوا به الكلام الذي يتكلم به للتأكيد ، وهو قوله : { أَحَداً } ، دل أنهم نفوا القدرة . وجائز أن يكونوا ظنوا أن [ لا بعث ] ؛ لأنه أمر خارج من الحكمة ؛ إذ [ ليس ] من الحكمة أن يهلك ثم يعاد ، بل إذا أريد الإبقاء لن يفنى ؛ حتى لا يحوج إلى الإعادة . ثم هذا الكلام ليس بحكاية عن الجن ؛ بل الله تعالى أخبر أن الجن ظنت أن لا بعث كما ظننتم أنتم . وقوله - عز وجل - : { ظَنَنتُمْ } في الظاهر إشارة إلى الإنس جملة ، مسلمهم وكافرهم ، ومعلوم بأن المسلمين لم يكونوا يظنون ذلك ، بل قد أيقنوا بالبعث ، ولكن معناه : أن الكفرة من الجن ظنت أن لا بعث كما ظنت الكفرة منكم أيها الإنس . ثم في هذه الآية إبانة أنهم كانوا يقولون : لا بعث بالظن ، ليس بالعلم ، والذي حملهم على الظن إعراضهم عن السبب الذي يوجب القول بالبعث ، وكل يأنف بطبعه أن يلزم الظنون ، ففيه دعاء وترغيب إلى النظر في حجج البعث وترك الاعتماد على الظنون . ثم ذكر النحويون أن ما كان ابتداؤه بالكسر في هذه السورة - أعني : حرف " إن " ، فهو حكاية عن الجن ؛ نحو قوله : { فَقَالُوۤاْ إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً } ، وما كان فيه من الحكاية لا عن الجن ، فحقه أن يقرأ بالنصب ؛ فاختاروا النصب في قوله - عز وجل - { وَأَنَّهُمْ ظَنُّواْ كَمَا ظَنَنتُمْ } ؛ لما ليس هو بحكاية عن قول الجن ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { وَأَنَّا لَمَسْنَا ٱلسَّمَآءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً } . جائز أن يكون لمسهم السماء : ليجدوا أبوابها ؛ فيدخلوا فيها للاستماع ؛ إذ أخبارها ليست في جملة آفاق السماء ، ولا أبوابها محيطة بجملة السماء ، فكانوا يلمسونها ؛ ليظفروا بأبوابها فيدخلوا فيها . وجائز أن يكون أريد من لمس السماء : لمس أبوابها ؛ فكانوا يلمسون أبوابها ؛ ليفتحوها ؛ فيدخلوا فيها ؛ [ فيستمعوا إلى ] الأخبار . وقوله - عز وجل - : { فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً } جائز أن يكون بعض الأبواب ملئت من الحرس ، وبعضها من الشهب ؛ فإن أتوا [ إلى الأبواب ] التي ملئت من الحرس دفعتهم الحرس ، وطردتهم ، وإن أتوا إلى الأبواب التي فيها الشهب ، تبعتهم الشهب ؛ كما قال - عز وجل - : { وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٍ * دُحُوراً } [ الصافات : 8 - 9 ] . وجائز أن تكون الأبواب كلها مملوءة من الحرس والشهب جميعا ؛ لأن الحرس لم يمتحنوا بالحراسة خاصة ؛ بل امتحنوا بها وبغيرها من الأعمال ؛ فجائز أن يكون اشتغالهم بتلك الأعمال يمنعهم عن الحرس ؛ فإذا رأوا استراق السمع في وقت شغلهم ، تبعهم الشهاب الثاقب ، وقذفهم عن مرادهم . وجائز أن يصعد الجن إلى المكان الذي لا يراهم الملائكة ، ويسمع الجن كلامهم ؛ لأن المرء قد يتكلم بكلام فينتهي صوته إلى حيث لا يراه البصر ، فتكون الشهب تحت الحرس ؛ فيقذفون عنها بالشهب ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ ٱلآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَّصَداً } . قيل : الشهاب من الكواكب ، والرصد من الملائكة . الأصل في ذلك أن الجن قد حبسوا وقت مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خبر السماء ، وكانوا يسترقون السمع قبل ذلك حتى انقطع أمر الكهنة ؛ إذ لا يجوز أن يأتوا بخبر السماء وقت مبعث النبي صلى الله عليه وسلم حتى كان يختلط أمر الكهنة بأمره عليه السلام ؛ فحبسوا عن الصعود إلى السماء وإتيان الخبر عنها ؛ حتى انقطع أمر الكهنة ، فجاءهم الرسول صلى الله عليه وسلم بعد ذلك ؛ ليعلموا أن ذلك ليس بكهانة ، وإنما هو وحي يأتيه من السماء ؛ إذ لو كان كهانة كان غيره لا يمنع عن مثله ، كما في سالف الزمان ؛ فهذه الآية كأنها حكاية عن قول الجن لما رجعوا إلى قومهم منذرين قالوا هذا كله لقومهم . وقوله - عز وجل - : { وَأَنَّا لاَ نَدْرِيۤ أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي ٱلأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً } فهو يحتمل وجهين : أحدهما : لا ندري بما قطعت بالحرس والشهب أخبار السماء عن أهل الأرض ، وحبس الذين يصعدون السماء عن أخبار السماء ، ويقذفون من كل جانب ، أريد بأهل الأرض الشر ، وهو إنزال العذاب عليهم ، أو أريد بهم أن يرسل إليهم رسول يرشدهم . وجائز أن يكونوا أيقنوا أن أخبار السماء إنما انقطعت عن أهل الأرض بما يرسل إليهم من الرسول ؛ فيكون الرسول هو الذي يخبرهم بما لهم إليه من حاجة ، ولكنهم لم يدروا أنه أريد بهم الرشد بإرسال الرسول أو الشر ؛ لأنهم كانوا علموا أن من آمن بالرسول المبعوث ، ونظر إليه بعين الاستهداء والإرشاد فقد رشد ، ومن نظر إليه بعين الاستخفاف والاستهزاء استؤصل ؛ فلم يدروا أيكذبون الرسول ؛ فيحل بهم الهلاك في العاقبة ، أو يصدقونه فيرشدوا به ؟ وهذا يبين أن العواقب في الأشياء هي المقصودة ، وأن الحكيم ما يفعل من الأمر يفعله للعواقب ؛ وفي هذا إبانة أن الجن من المسلمين لم يكونوا معتزلة ؛ إذ من قول المعتزلة : أن الله تعالى لا يفعل بعباده إلا ما هو أصلح لهم في الدين والدنيا في حقهم ، والجن قد أيقنوا أن الله تعالى قد يريد الشر بمن يعلم أنه يؤثر فعل الشر على فعل الخير ، ويريد الخير بمن يعلم أنه يؤثره على فعل الشر .