Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 18-21)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وكيف يفلحون ويفوزون بالفلاح { وَ } هم من شدة ضلالهم { يَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } المتوحد بذاته ، المستقل بألوهيته { مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ } ؟ ! لأنهم ليسوا من ذوي القدرة والإرادة ، بل من جملة الجمادات المعطلة التي لا شعور لها أصلاً { وَيَقُولُونَ } من كمال غفلتهم وضلاتهم : { هَـٰؤُلاۤءِ } الأجسام والتماثيل العاطلة { شُفَعَاؤُنَا عِندَ ٱللَّهِ } ينقذوهم من بأس الله وبطشه إن تحقق وقوعه { قُلْ } لهم يا أكمل الرسل تسفيهاً وتحميقاً : { أَتُنَبِّئُونَ } تخبرون بقولكم هذا { ٱللَّهَ } العالم بالسرائر والخفايا { بِمَا لاَ يَعْلَمُ } من الأمور الكائنة لا { فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلاَ فِي ٱلأَرْضِ } من الكوائن فيها ، مع أنه سبحانه لا يعزب عن حيطة علمه شيء في الأرض ولا في السماء { سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ } [ يونس : 18 ] من الأوثان والتماثيل التي لا شعور لها أصلاً ، مع أنها من أدون المظاهر ، وأخس المخلوقات ، وبالجملة : ما قدروا الله أولئك الحمقى حق قدره ، لذلك نسبوا إليه ما هو منزه عنه ، تعالى عمَّا يقول الظالمون علواً كبيراً . { وَمَا كَانَ ٱلنَّاسُ } المجبولون على مظهرية الحق ، المنعكسون من أظلال أسمائه الحسنى وصفاته العليا { إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً } ملتجئة إلى الله ، مقتبسة من أنوار تجلياته { فَٱخْتَلَفُواْ } أي : الأظلال الهالكة باختلاف صور الأسماء المتقابلة ، والأوصاف المتضادة المتخالفة حسب الشئون والتجليات المتجددة في الكمالات المترتبة عليها { وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ } يا أكمل الرسل ؛ لتسويتهم وتعديلهم في النشاة الأخرى { لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ } بالعدالة والقسط { فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } [ يونس : 19 ] في هذه النشأة بلا تأخير إلى أخرى ، لكن الحكمة المتقنة الإلهية تقتضي تأخيرها ، ولذلك أخرت أمرهم وحسابهم وعذابهم ؛ لئلا يبطل سر التكاليف والأوامر والنواهي . { وَيَقُولُونَ } بعدما اقترحوا عنه بالآيات ولم تنزل : { لَوْلاَ } أي : هلا { أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ } من الآيات المقترحة ، مع أنه دعواه أن الله قادر على جميع المقدورات والمرادات ، لا يخرج عن حيطة قدرته شيء { فَقُلْ } في جوابهمه : بلى ، إن الله قادر على جميع المقدورات ، ومن جملة مقترحاتكم ، إلا أن في عدم إنزالها وإنجائها حكمة غيبية ومصلحة خفية ، لا يعلمها إلا هو { إِنَّمَا ٱلْغَيْبُ } كله { للَّهِ } وفي حيطة حضرة علمه { فَٱنْتَظِرُوۤاْ } بتعليق إرادته بمقترحاتكم { إِنِّي مَعَكُمْ } أيضاً بلا تفاوت بيني وبينكم في عدم الاطلاع على غيبه { مِّنَ ٱلْمُنتَظِرِينَ } [ يونس : 20 ] . ثم قال سبحانه على سبيل التوبيخ والتقريع للمسرفين : { وَإِذَآ أَذَقْنَا ٱلنَّاسَ رَحْمَةً } خلاصاً ونجاةً { مِّن بَعْدِ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُمْ } واضطرتهم إلى الرجوع والتوجه نحونا { إِذَا لَهُمْ مَّكْرٌ } أي : ما جاءوا بعد نزول الرحمة إلى المكر والخديعة مع نبينا ، والطعن { فِيۤ آيَاتِنَا قُلِ } لهم يا أكمل الرسل نيابةً عنا : { ٱللَّهُ } المطلع لضمائركم ومخايلكم { أَسْرَعُ مَكْراً } وأشد تدبيراً وانتقاماً على مكركم وخداعكم ، أعد لكم عذاب مكركم ، وأشهد عليكم الملائكة ، كما قال : { إِنَّ رُسُلَنَا } الموكلون عليكم ، المراقبون لأحوالكم { يَكْتُبُونَ } في صحائف أعمالكم { مَا تَمْكُرُونَ } [ يونس : 21 ] وتحيلون مع الله ورسوله .