Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 47-53)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَ } اعلموا أن { لِكُلِّ أُمَّةٍ } أي : فرقةٍ وطائفة { رَّسُولٌ } مرسل من عند الله على مقتضى حكمته وحكمه ؛ ليهديهم إلى توحيده { فَإِذَا جَآءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِٱلْقِسْطِ } والعدل الموضوع من عند الله لإصلاح أحوال عباده { وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } [ يونس : 47 ] في يوم الجزاء ، ولا ينقصون من أجور أعمالهم بل يجازون مقدار ما يقترفون من المعاصي . { وَ } من خبث بواطنهم { يَقُولُونَ } لك مستنكراً عليك ، مستهزئاً معك يا أكمل الرسل : { مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ } الذي ادعيت إتيان العذاب فيه عين وقته { إِن كُنتُمْ } أيها المؤمنون { صَادِقِينَ } [ يونس : 48 ] ي هذه الدعوة ، مصدقين لمن يدعي الصدق فيهز { قُل } يا أكمل الرسل : { لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي } ولا أقدر أن أكتسب عليها ولها { ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً إِلاَّ مَا شَآءَ ٱللَّهُ } وقدره في سباق قضائه ، ومتى لم أقدر على أحوال نفسي ، فكيف لي قدرة على استعجال ما في مشيئة الله في غيبه وتعيين وقته ؟ مع أنه لم يأذن لي ، ولم يوح إلي من عنده سوى أن { لِكُلِّ أُمَّةٍ } من الأمم سواء كانوا محقين أو مبطلين { أَجَلٌ } معين ، ووقت مقدر ، مقرر في علم الله { إِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ } الذي عيَّنه الحق ؛ لإهلاكهم فيه لا يمكن التخلف فيه إذن لا استعجال ولا استئجار { فَلاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ } [ يونس : 49 ] أي : لا يمكنهم طلب التأخير لمحةً وطرفةً ؛ إذ الساعة مصروفة إلى مطلق الزمان ؛ ليدفعوا الضر ، ولا يمكنهم أيضاً طلب التقديم ؛ ليجلبوا النفنع ، بل الأمر حتم في وقته ، لا يتجاوز عنه أصلاً ، فانتظروا فسيجيء أجلكم ووقتكم ، وينجز وعدكم . ومتى كان الأجل مبهماً ، ولم يمكن لأحد أن يعين وقته { قُلْ } لهم توبيخاً وتقريعاً : { أَرَأَيْتُمْ } أي : أخبروني أيها المجرمون المستعجلون للعذاب والنكال { إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتاً } أي : حال كونكم بائتين في الليل { أَوْ نَهَاراً } حال كونكم مترددين فيها ، وعلى أي شأن وكل حال يصعب عليك أمره ؛ إذ هو يفزعكم ويفجعكم ، وإذ اكان حالكم عند نزوله وحلوله هذا { مَّاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ } سبحاه من طوله ؛ إذ كله مكروه { ٱلْمُجْرِمُونَ } [ يونس : 50 ] المستحقون لأنواع العقوبة والعذاب ، أتنكرون وتكذبون له وتصرون على ما أنتم عليه من الكفر والشرك إلى وقت حلول العذاب ؟ ! . { أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ } ونزيل { آمَنْتُمْ بِهِ } ولم ينفعكم الإيمان حينئذ ؛ إذ قيل لكم حينئذ من وراء سرادقات العز والجلال : { الآنَ } أيها الضالون المكذبون آمنتم { وَ } الحال أنه { قَدْ كُنتُم } من شدة إنكاركم وإصراركم { بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ } [ يونس : 51 ] استهزاء وسخرية . { ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ } بالله بالخروج عن مقتضى أوامره وتكذيب رسله : { ذُوقُواْ } بدل ذوقكم واستلذاذكم بتكذيب الرسل ، الاستهزاء بهم { عَذَابَ ٱلْخُلْدِ } المستمر الدائم الذي لا ينقطع أبد الآباد { هَلْ تُجْزَوْنَ } به { إِلاَّ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ } [ يونس : 52 ] في النشأة الأولى من الجرائم العظام والمعاصي والآثام . { وَ } بعد تبليغك إليهم مآل أمرهم وعاقبة حالهم ، أنهم { يَسْتَنْبِئُونَكَ } ويستخبرونك على مقتضى أكنتهم المستكنة في قلوبهم : { أَحَقٌّ هُوَ } أي : ما أخبرت به من الوعيدات الهائلة ؛ يعني : أجد هو أم هزل وتخويف ؟ { قُلْ } مبالغاً في تحقيقه وتقريره : { إِي وَرَبِّيۤ } أقسم بربي { إِنَّهُ لَحَقٌّ } ثابت محقق عندي بوحي الله والهامه ، لا شبهة في وقوعه وثبوته { وَمَآ أَنتُمْ } بأمثال هذه الشبهات الواهية الظنون والجهالات { بِمُعْجِزِينَ } [ يونس : 53 ] مسقطين العذاب النازل عليكم .