Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 42-46)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ } استهزاءً ، وأنت تلتفت إلى أسماعهم ، وتبالغوا فيه ؛ ليتعظوا ، وهم لا يسمعون ولا يفقهون ؛ لأكنة قلوبهم وصمم أسماعهم { أَفَأَنتَ تُسْمِعُ ٱلصُّمَّ } وتجتهد في إصغائهم وإسماعهم { وَلَوْ كَانُواْ لاَ يَعْقِلُونَ } [ يونس : 42 ] لجهلهم المركوز في جبلتهم { وَمِنهُمْ مَّن يَنظُرُ إِلَيْكَ } ويعاين دلائل نبوتك ويشاهد أماراتها ، ومع ذكل ينكر بك وبنبوتك { أَفَأَنْتَ تَهْدِي ٱلْعُمْيَ } وتقدر على أسماعه { وَلَوْ كَانُواْ } مجبولين بأنهم { لاَ يُبْصِرُونَ } [ يونس : 43 ] لتعامي بصائرهم وأبصارهم ، وقساوة قلوبهم . { إِنَّ ٱللَّهَ } المتعزز برداء العظمة والكبرياء { لاَ يَظْلِمُ ٱلنَّاسَ } المستوجبين للعذاب والنكال { شَيْئاً } مما لحقهم منه { وَلَـٰكِنَّ ٱلنَّاسَ } الناسين صرف ما أنعم الله لهم إلى ما خلق لأجله { أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } [ يونس : 44 ] بصرفها إلى خلاف ما حكم الله وأظهره له ، لذلك استحقوا المقت والانتقام . { وَ } اذكر لهم يا أكمل الرسل { يَوْمَ يَحْشُرُهُمْ } أي : أهواله المتطاولة وشدائده المترادفة المتتالية إلى حيث يصور عندهم مدة حياتهم في الدنيا { كَأَن لَّمْ يَلْبَثُوۤاْ } فيها { إِلاَّ سَاعَةً مِّنَ ٱلنَّهَارِ } لطول ذلك اليوم وشدة أهواله { يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ } أي : وهم يعرف بعضهم بعضاً هذا في أول النشر ، ثم يشتد عليهم الأمر ويرتفع التعارف والالتفات ، ويصير كل منهم رهينة ما كسبت ، وبالجملة : { قَدْ خَسِرَ } وخاب خيبة عظيمة { ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَآءِ ٱللَّهِ } في الآخرة ، وأصروا على ما هم عليه من اقتراف المعاصي ، ولم يلتفتوا إلى الأنبياء والذي جاءوا به من عند الله ؛ لإصلاح أحوالهم في مبدئهم ومعادهم { وَمَا كَانُواْ } أيضاً { مُهْتَدِينَ } [ يونس : 45 ] بطريق الصلاح والصواب من تلقاء نفوسهم بلا إرشاد مرشد . { وَ } لقصورهم عن الرشد والهداية بلا مرشد مهدي { إِمَّا نُرِيَنَّكَ } يا أكمل الرسل { بَعْضَ ٱلَّذِي نَعِدُهُمْ } بالهداية والإرشاد ، والسلوك في سبيل الصواب والسداد { أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ } قبل وصولهم إلى فنائك ؛ ليسترشدوا منك ، ويستهدوا من زلال هدايتك ، ويسترشحوا من رشحات فيضك وجودك ليصفوا من كدر هوياتهم ورين أنانياتهم { فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ } جميعاً ، ضالاً وهادياً ، رجوع الأظلال إلى الشمس { ثُمَّ } بعد رجوعهم { ٱللَّهُ } المظهر لهم من كتم العدم ؛ لحكمية العبودية والعرفان { شَهِيدٌ } مطلع حاضر بعلمه الحضوري { عَلَىٰ مَا يَفْعَلُونَ } [ يونس : 46 ] من المعرفة والضلال ، والإيمان والطغيان يجازيهم على مقتضى علمه وخبرته .