Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 74-78)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ثُمَّ } لما ازداد الخلفاء الناجون ، وتشعبوا أمماً وأحزاباً ودار عليم الأدوار فصاروا منصرفين عن طريق الحق ، مائلين عن سبيل الرشاد { بَعَثْنَا } لإصلاح أحوالهم { مِن بَعْدِهِ } أي : بعد نوح { رُسُلاً } منهم كل واحد من الرسل { إِلَىٰ قَوْمِهِمْ فَجَآءُوهُمْ بِٱلْبَيِّنَٰتِ } الواضحة والمعجزات الساطعة القاطعة المثبتة لدعواهم { فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ } أي : فما تيسر لهم وضح عندهم وثبت لديهم أن يؤمنوا ويصدقوا { بِمَا كَذَّبُواْ بِهِ مِن قَبْلُ } أي : قبل بعثة الرسل ، بل أصروا على ما هوم عليه ، واعتادوا له بلا تغيير وتبديل لتركيب جهلهم المركوز في جبلتهم وخباثة طينتهم { كَذَٰلِكَ نَطْبَعُ } ونخختم بختام الغفلة والنسيان { عَلَىٰ قُلوبِ ٱلْمُعْتَدِينَ } [ يونس : 74 ] المجاوزين عن حدود الله ، الراسخين على التجاوز والعدوان . { ثُمَّ } لما عتوا منهم من عتوا وأخذنا منهم من أخذنا { بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِمْ } أي : بعد أولئك الرسل الماضين { مُّوسَىٰ وَهَـٰرُونَ } الذي هو أخوه وظهيره { إِلَىٰ فِرْعَوْنَ } المبالغ في العتو والعناد إلى حيث ادعى الربوبية لنفسه بقوله : أنا ربكم الأعلى { وَمَلإِيْهِ } المؤمنين له المعاونين لشأنه { بِآيَـٰتِنَا } الدالة على استقلالنا في الآثار وتفردنا في الألوهية والربوبية وعلى صدق رسولنا في جميع ما جاء به من عندنا { فَٱسْتَكْبَرُواْ } عن الانقياد ، واستقبلوا بالتكذيب والعناد { وَ } هم في سابق علمنا : { كَانُواْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ } [ يونس : 75 ] بأعظم الجرائم مستحقين بأشد العذاب ؛ لذلك أظهروا ما في استعداداهم وقابليتهم . { فَلَمَّا جَآءَهُمُ ٱلْحَقُّ } الحقيق بالاتباع والانقياد { مِنْ عِندِنَا } بعدما عارضوا معه وقابلوا بمعجزاته ما قابلوا { قَالُوۤاْ } من فرط عتوهم وعنادهم بدل ما صدقوه وآمنوا به بعد ظهور أمره وشأنه : { إِنَّ هَـٰذَا } الذي جاء به هذا الساحر الكذاب { لَسِحْرٌ مُّبِينٌ } [ يونس : 76 ] عظيم ظاهر فائق على سحر جميع السحرة . { قَالَ مُوسَىٰ } بعدما سمع قولهم هذا يسأل عن إيمانهم ، متحسراً متحزناً على متقضى شفقهة النبوة ، موبخاً لهم على وجه الفطنة والتذكير : { أَتقُولُونَ } أيها الحمقى { لِلْحَقِّ } الصريح الثابت الصحيح { لَمَّا جَآءَكُمْ } لإصلاح حالكم ليورث في قلوبكم تصديقاً لوحدانية ربكم : إنه سحر باطل { أَ } ما تستحيون من الله ولا تنصفون وتقولون : { سِحْرٌ هَـٰذَا وَ } الحال أنه { لاَ يُفْلِحُ } ولا يفوز بالخير { ٱلسَّاحِرُونَ } [ يونس : 77 ] وهذا خير كله عاجلاً وآجلاً ، وفرز بالفلاح والنجاح . { قَالُوۤاْ } على سبيل المكابرة بعدما سمعوا من موسى قوله ونصحه : { أَجِئْتَنَا } أيها الساحر الكذاب { لِتَلْفِتَنَا } وتصرفنا { عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا } وأسلافنا { وَ } اشتهيت أن { تَكُونَ لَكُمَا ٱلْكِبْرِيَآءُ } والعظمة { فِي ٱلأَرْضِ } التي كنا عليها مستقرين { وَ } اذهبا إلى حيث شئتما { مَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ } [ يونس : 78 ] مصدقين منقادين .