Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 79-86)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَ } بعدما أفحموا عنه براهينهما وحججهما ، وعجزوا عن معجزاتهما صمموا العزم لمعارضتهما ؛ حيث { قَالَ فِرْعَوْنُ } آمراً لأعوانه وأنصاره : { ٱئْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ } [ يونس : 79 ] ما هر كامل فيه ، فأرسلوا شُرَطاً لجميع أهل السحر ، فأجمعوا واجتمعوا وجاءوا على فناء فرعون مجتمعين ، ثمَّ عينوا الوقت والموعد ، فخرجوا إلأيه ليعارضوا معهما . { فَلَمَّا جَآءَ ٱلسَّحَرَةُ } الميقات والموعد ، قالوا لموسى تحقيراً له وتهويناً لأمره : ألقِ ما جئت به من السحر { قَالَ لَهُمْ مُّوسَىٰ } مستعيناً بالله من عنده متوكلاً عليه : { أَلْقُواْ } أيها المغترون المكذبون { مَآ أَنتُمْ مُّلْقُونَ } [ يونس : 80 ] . { فَلَمَّآ أَلْقَواْ } ما جاءوا به من السحر واستحسنوا من فرعون واستأملوا منه الجعل الكثير وجزموا الغلبة { قَالَ مُوسَىٰ } بعدما رأى ما ألقوا : { مَا جِئْتُمْ بِهِ } أيها المفسدون المعاندون { ٱلسِّحْرُ إِنَّ ٱللَّهَ } المطلع لجميع مخايلكم { سَيُبْطِلُهُ } عن قريب ، ثمَّ ألقى موسى عصاه ، فإذا هي تلقف ما يأفكون ، فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون ، فانقلبوا هنالك صاغرين { إِنَّ ٱللَّهَ } المصلح لأحوال عباده { لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ ٱلْمُفْسِدِينَ } [ يونس : 81 ] منهم ؛ لانهماكهم في الإفساد والإسراف ، المصرين على العتو والعناد . { وَ } بالجملة : { يُحِقُّ ٱللَّهُ ٱلْحَقَّ } الثابت من عنده ويقرره في مكانه { بِكَلِمَاتِهِ } أي : بأوامره ونواهيه وآياته ومعجزاته { وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُجْرِمُونَ } [ يونس : 82 ] المحرمون عننور الإيمان والتوحيد ذلك التثبيت والتقرير . ثم لما ظهر أمر موسى وشاع غلبته وفاق معجزاته على ما جاءوا به من السحر والشعبذة { فَمَآ آمَنَ لِمُوسَىٰ } منهم بعد ظهور صدقه بين أظهرهم { إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن } شبان { قَوْمِهِ } أي : بني إسرائيل ، وسبب توقفهم بعد الدعوة أنهم { عَلَىٰ خَوْفٍ } وخطر عظيم { مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ } الذين يجتمعون حولهم من القبط { أَن يَفْتِنَهُمْ } ويصول عليهم ليقتلهم { وَ } وكيف لا يخافون أولئك المظلومون ؟ ! { إِنَّ فِرْعَوْنَ } المتناهي في العتو والاستكبار { لَعَالٍ فِي ٱلأَرْضِ } غالب قاهر على جميع من فيها { وَإِنَّهُ لَمِنَ ٱلْمُسْرِفِينَ } [ يونس : 83 ] بالاستيلاء والبسطة والكبرياء إلى حيث تفوه من غاية كبره بـ : أنا ربكم الأعلى . { وَ } بعدما رأى موسى توقف قومه في أمر الإيمان بعد وضوح البرهان { قَالَ مُوسَىٰ } على وجه العظة والتذكر ، وتعليم التوكل والتفويض الذي هو أقوى شعائر الإيمان ، منادياً لهم ليقبلوه عن ظهر القلب : { يٰقَوْمِ } أراد به بني إسرائيل { إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِٱللَّهِ } الرقيب الحسيب لعباده { فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوۤاْ } في جميع أموركم وحالاتكم { إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ } [ يونس : 84 ] مسلمين أموركم إليه ، منقادين لحكمه ، وما جرى عليكم من قضائه . ثم لما سمعوا مقالة موسى تأثروا منها وتذكروا { فَقَالُواْ عَلَىٰ ٱللَّهِ } المتولي لأمورنا { تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا } يا من ربانا بلطفك وهدانا إلى توحيده { لاَ تَجْعَلْنَا } بحولك وقوتك { فِتْنَةً } أي : محل فتنة ومصيبة { لِّلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } [ يونس : 85 ] الذي قصدوا أن يتسلطوا علينا ويفتنوا بنا . { وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ } التي وسعت كل شيء { مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلْكَافِرِينَ } [ يونس : 86 ] القاصدين ستر الحق بأباطيلهم الزائغة ، الكائدين المكارين مع من توجه نحوك ورجع إليك .