Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 120-123)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَكُـلاًّ } أي : كل قصة { نَّقُصُّ عَلَيْكَ } يا أكمل الرسل { مِنْ أَنْبَاءِ ٱلرُّسُلِ } العظام من جملة { مَا نُثَبِّتُ بِهِ } ونقرر على التوحيد { فُؤَادَكَ } إذ بكل قصة من القصص المذكورة ينشرح صدرك للتوحيد { وَجَآءَكَ فِي هَـٰذِهِ ٱلْحَقُّ } أي : الشهود والانكشاف التام خاصة { وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ } [ هود : 120 ] الذين يصدقونك ويقتفون أثرك . { وَقُل لِّلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ } بك وبدينك ويكتابك مماراة لهم ومباهلة { ٱعْمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ } أي عمل شئتم { إِنَّا عَامِلُونَ } [ هود : 121 ] على مكانتنا وشأننا بتوفيق اللهز { وَٱنْتَظِرُوۤاْ } بأي شيء انتظرتم { إِنَّا مُنتَظِرُونَ } [ هود : 122 ] العلم عند الله . إذ { وَلِلَّهِ } لا لغيره { غَيْبُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } أي : الإطلاع عليهما وعلى مكنوناتهما { وَإِلَيْهِ } لا إلى غيره { يُرْجَعُ ٱلأَمْرُ كُلُّهُ } إذ لا شيء ولا أمر إلا هو { فَٱعْبُدْهُ } حق عبادته { وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ } حق التوكل والتفويض { وَمَا رَبُّكَ } يا أكمل الرسل المحيط علمه بجميع ذرائر الأكوان إحاطة حضور { بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } [ هود : 123 ] من الإخلاص في العبادة والتبتل والتوكيل والتفويض والرضاء ةالتسليم . خاتمة السورة عليك أيها المحمدي المأمور بتهذيب الأخلاق من الرذائل ، والأوصاف من الذمائم ، والأوصاف والأفعال من القبائح ، والأقوال من الكواذب ، والأطوار من المخالفة المنافية لصرافة التوحيد أن تستقيم بعزائمك هذه على الوجه المأمور لنبيك الذي هو قبلة لجميع مقاصدك بقوله تعالى : { فَٱسْتَقِمْ كَمَآ أُمِرْتَ } [ هود : 112 ] أي : فاعتدل بجميع ما صدر عنك ، فلك أن تقتفي أثره صلى الله عليه وسلم في جميع حالاتك من امتثال الأوامر واجتناب النواهي وتهذيب الأخلاق ؛ إذ هو صلى الله عليه وسلم زبدة أرباب التوحيد الواصلين بمقعد الصدق ومنزل التفريد ، والسابقون واللاحقون كلهم يقتبسون من مشكاة أنواره صلى الله عليه وسلم . فعليك أيها المستعد المستشرد من الكلام المجيد أن تضبط جميع أحوالك على الاستقامة والاعتدال ، وتجتنب عن كلا طرفي الإفراط والتفريط ، وتستعيذ بالله عن مداخلة الرياء والسمعة المنافقيين للإخلاص . واعلم أن خير فرينك في طريقك هذا الرضا والتسليم والتفويض إلى العزيز العليم ، ولك العزلة عن الخلطة والانخراط في سلك أهل الثروة والغفلة ، والقناعة بالكفاف والعزوبة بالعفاف . وعليك ألاَّ تفرق خاطرك وهمك في أمور دنياك ولو لحظة حتى لا تورثك هماً كثيراً وحزناً طويلاً ؛ ذ المسافر في منزله لا يتصرف إلا مقدار مقيله ، أمَا تسمع قول النبي صلى الله عليه وسلم : " كن في الدنيا كأنك غريب " ؟ . أو : " اشدد حيازيمك للموت والرحيل كأنك عابر سبيل " . وبالجملة : لا تغتر بحياتك في دار الغرور ، وعد نفسك من أصحاب القبور ، فإنه دأب أهل السرور ، ديدنة أرباب الحضور .