Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 17-19)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ } أي : تظنون وتحسبون أن من انكشف له برهان واضح وكشف صريح وشهود محقق من قبل ربه ، وتحقق بمقام التوحيد ، وبسريان وحدة الذات في جميع الكائنات والفاسدات { وَ } مع ذلك ش { يَتْلُوهُ } يطرأ عليه ويجري على لسانه { شَاهِدٌ } ناطق بتصديقه نازل { مِّنْهُ } أي : من عند ربه ؛ امتناناً له وتفضلاً عليه ، يريد ويقصد من أفعاله وأعماله الصادرة عنه ظاهراً مثل ما أراد أولئك المحجوبون المستورون عن الحق ، وإحاطته وشموله واستقلاله في الآثار الظاهرة في الآفاق كلا وحاشا { هَلْ يَسْتَوِي ٱلَّذِينَ يَعْلَمُونَ } [ الزمر : 9 ] وما يتذكر إلا أولوا الألباب . { وَ } كيف ينكرون شهادة القرآن على تصديق خير الأنام ؛ إذ { مِن قَبْلِهِ } أي : من قبل القرآن جاء { كِتَابُ مُوسَىٰ } من قبل مصدقاً له في دعواه وصار من عموم حكمه { إِمَاماً } أي : قدروة لقاطبة الأنام { وَرَحْمَةً } شاملة للخواص والعوام ؛ لإهدائهم إلى دار السلام { أُوْلَـٰئِكَ } أي : أهل التوراة ، وهم الذين يؤمنون بها ويمتثلون بما فيها { يُؤْمِنُونَ بِهِ } أي : بحقية القرآن لكونه مذكوراً في التوراة المنزل عليه { وَمَن يَكْفُرْ بِهِ } أي : القرآن وبحقيته { مِنَ ٱلأَحْزَابِ } المتحزبين مع المحرفين للتوراة ، المنحرفين عن جادة الإيمان { فَٱلنَّارُ مَوْعِدُهُ } لا بدَّ أن يرد عليها على مقتضى العدل الإلهي { فَلاَ تَكُ } يا أكمل الرسل { فِي مِرْيَةٍ } شك وارتياب { مِّنْهُ } أي : من ورودهم عليها إنجازاً لوعده { إِنَّهُ ٱلْحَقُّ } النازل { مِن رَّبِّكَ } لا بدَّ أن يتحقق وقوعه { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ } لانهماكهم في الغفلة وغلظ حجابهم عن الله { لاَ يُؤْمِنُونَ } [ هود : 17 ] بحقيته وحقية وعده وإنجازه الموعود ؛ لذلك حرفوا ما جاء من عنده في كتابه ، وزادوا عليه ما لم يجيء منه . { وَمَنْ أَظْلَمُ } على الله { مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً } عمداً ، وحرف كتابه بتنقيص شيء منه أو زيادة عليه { أُوْلَـٰئِكَ } المحرفون المجترئون على الله بتبديل آياته { يُعْرَضُونَ } في يوم العرض الأكبر { عَلَىٰ رَبِّهِمْ } ويُسألون عما فعلوا بكتاب الله ، فينكرون ويستنزهون أنفسهم عنه { وَيَقُولُ ٱلأَشْهَادُ } من أعضائهم وجوارحهم إلزاماً لهم : { هَـٰؤُلاۤءِ } المسرفون المعاندون { ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَىٰ رَبِّهِمْ } وحرفوا كتابه افتراء ومراء ، ظلماً وعدواناً ، وبعد إشهاد هؤلاء الأشهاد ، نودي من وراء سرادقات العز والجلال ، تفضيحاً لهم وتخذيلاً على رءوس الأشهاد : { أَلاَ لَعْنَةُ ٱللَّهِ } وطرده وإبعاده من سعة رحمته { عَلَى ٱلظَّالِمِينَ } [ هود : 18 ] المجاوزين عن مقتضى حكمه وحكمته عناداً ومكابرة . وهم { ٱلَّذِينَ يَصُدُّونَ } ويصرفون عباد الله { عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } الذي هو الشرع المنزل من عنده على أنبيائه ورسله بالعدالة والتقويم { وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً } أي : يريدون أن يحدثوا فيها عوجاً وانحرافاً ؛ ليصرفوا ويرتدوا منها أهلها بعد إيمانهم بها وانقيادهم إليها فاستحقوا العذاب والنكال الأخروي { وَ } الحال أنه { هُمْ بِٱلآخِرَةِ } المعدة للجزاء والانتقام { هُمْ كَافِرُونَ } [ هود : 19 ] منكرون لخبث طينتهم ورداءة فطرتهم .