Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 12-16)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فَلَعَلَّكَ } يا أكمل الرسل من غاية ودادك إيمانهم ومحبتك متابعتهم { تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ } من عندنا ، مشتملاً على توبيخهم وتقريعهم وزجرهم وتشنيعهم ، كراهة أن يركنوا عنك ونصرفوا عن متابعتك { وَضَآئِقٌ } أي : بسبب وما يوحى إليك { بِهِ صَدْرُكَ } مخافة { أَن يَقُولُواْ } حين أظهرت عليهم بما أوحيت به : { لَوْلاَ } أي : هلا { أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ } بدل هذه التوبيخات والتقريعات من عند ربه ليتابع الناس له { أَوْ جَآءَ مَعَهُ مَلَكٌ } مصدق لنوبته ورسالته ليطيعوا ويؤمنوا له طوعاً بلا كلفة ، لا تبالِ يا أكمل الرسل بهم وبقولهم { إِنَّمَآ أَنتَ نَذِيرٌ } بلغ ما أنزل إليك من إنذارهم وتخويفهم ، ولا تلتفت إلى ردهم وقبولهم ، وتوكل على دينك وثق به ، فإنه يكفي عنك مؤمنة شرورهم وضررهم { وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ } صدر عنهم { وَكِيلٌ } [ هود : 12 ] عليهم يعلم منهم ما هو مستوجب العقوبة والعذاب ، وما هو قوي للنوال والثواب ، يجازيهم على مقتضى علمه وخبرته ، أو لم يكف بتصديقك القرآن المعجز لأرباب اللسن والبيا في تشددهم في المعارضة والمقاتلة . { أَمْ يَقُولُونَ } مكابرة وعناداً : { ٱفْتَرَاهُ } واختلقه من تلقاء نفسه ونسبه إلى الوحي { قُلْ } لهم يا أ : مل الرسل حين نسبوك إلى الافتراء والاختلاق : { فَأْتُواْ } أيها المكابرون المعاندون { بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ } أي : مثل أقصر سورة من سور القرآن { مُفْتَرَيَٰتٍ } مختلفات على ما زعمتم مع أنكم أحق باختلافها ؛ لكثرة تمرنكم وتزاولكم في أمر الإنشاد والإنشاء ، وتتبع كلام البغاء والتعود بممارسة القصص والقصائد ، وإن عجزتم عن اختلاقها بأنفسكم ، فاستظهروا بإخوانكم ومعاونيكم { وَٱدْعُواْ مَنِ ٱسْتَطَعْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ } واتفقوا معهم في اختلافها { إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } [ هود : 13 ] في ظنكم هذا . { فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ } أيها المؤمنون ولم يأتوا بماتحديتم لهم { فَٱعْلَمُوۤاْ } أيها المؤمنون واطمأنوا وتيقنوا { أَنَّمَآ أُنزِلَ بِعِلْمِ ٱللَّهِ } وبكمال قدرته وإرادته ، لا يمكن لأحد من مظاهره ومصنوعاته أن يأتي بمثله ويعارض معه ، وكيف لا يعراض معه ؛ إذ لا شيء سواه { وَأَن لاَّ إِلَـٰهَ } في الوجود { إِلاَّ هُوَ فَهَلْ أَنتُمْ مُّسْلِمُونَ } [ هود : 14 ] مناقدون لحكمه مسلمون أموركم كلها إليه ، مخلصون مطمئنون ، متمكنون في جادة التوحيد ، بل أنتم أيها الموحدون المحمديون هكذا . ثم قال سبحانه على سبيل العظة والتذكير : { مَن كَانَ } بارتكاب الأعمال واحتمال شدائدها ومتاعبها { يُرِيدُ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا وَزِينَتَهَا } المزخرفة التي تترتب عليها من الأموال والأود { نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا } لأجلها { وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ } [ هود : 15 ] أي : لا ينقص شيء من أجور أعمالهم في النشأة الأولى إن كن غرضهم مقصوراً عليها ، محصوراً بها . وأمَّا في النشأة الأخرى { أُوْلَـٰئِكَ } القاصرون المقصرون هم { ٱلَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ } أي : لم يبقَ لهم مما يترتب على أعمالهم فيها { إِلاَّ ٱلنَّارُ } إذ حسناتهم تفوى إليهم في النشأة الأولى ولم يبقَ لهم إلا توفية السيئات ، وليس توفية السيئات إلا بالنار وما يترتب عليها من العذاب والآلام { وَ } بالجملة : { حَبِطَ } وضاع واضمحل { مَا صَنَعُواْ فِيهَا } أي : في النشأة الأولى من الخيرات والمبرات بإرادتهم الأمور الدنيوية لأجلها { وَ } صار بعدم إصلاحهم وعكس مرادهم { بَاطِلٌ } فساد مقتضى { مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [ هود : 16 ] من الصالحات فيها ، وإن ظهر على صورة الصالحات .