Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 25-28)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَ } من عدم تذكر الإنسان وتوغله في الغفلة والنسيان { لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً } الناجي عما سوى الحق ، المنجي للهالكين في تيه الضلال { إِلَىٰ قَوْمِهِ } حين ظهر عليهم أمارات الكفر والعصيان ، ولاح فيهم علامات الظلم والطغيان قائلاً لهم على وجه العظة والنصيحة : { إِنَّي } من غاية إشفاقي وعطفي { لَكُمْ نَذِيرٌ } أنذركم من طول العذاب ونزول غضبه بسبب ظلمكم وكفركم { مُّبِينٌ } [ هود : 25 ] مظهر مبين لكم ما يوجب تعذيبكم من أفعالكم وأعمالكم الدالة على كفركم وشرككم . فعليكم أيها المسرفون المفرطون { أَن لاَّ تَعْبُدُوۤاْ } ولا تتوجهوا { إِلاَّ ٱللَّهَ } الواحد الأحد الصمد ، الذي لا شريك له ولا شيء سواه ، ولا تشركوا به غيره { إِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ } لو أشركتم بالله وكفرتم به { عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ } [ هود : 26 ] مؤلم مفزع ، كأن ألم العذاب يسري في زمانه لفظاعته وشدته . ثم لما سمعوا قوله وفهموا مراده استكبروا عليه واستبعدوا أمره { فَقَالَ ٱلْمَلأُ } أي : الأشراف { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قِوْمِهِ } مستكبرين عليه مستهزئين له : { مَا نَرَاكَ } يا نوح { إِلاَّ بَشَراً مِّثْلَنَا } كيف تدعي الرسالة والنيابة عن الله والوحي من جانبه { وَ } مع ذلك لا شوكة ولا استيلاء لك ولا قوة بسبب المكر والأعوان والأنصار حتى تدعي الرئاسة علينا ؛ إذ { مَا نَرَاكَ ٱتَّبَعَكَ } منا { إِلاَّ ٱلَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا } أي : أدنانا وأسافلنا عقلاً وجاهاً وسعة ومالاً { بَادِيَ ٱلرَّأْيِ } يظهر رذالتهم للناظرين في أو الفكر والنظر بلا احتياج إلى تعميق وتدبر { وَ } بالجملة : { مَا نَرَىٰ لَكُمْ } أيها السفلة والأرذال تابعاً ومتبوعاً { عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ } زيادة في العقل والمال والجاه والرئاسة حتى نتبعكم ونقبل قولكم { بَلْ نَظُنُّكُمْ } ونعتقدكم { كَاذِبِينَ } [ هود : 27 ] في دعواكم ، مفترين فيه ، طالبين الرئاسة بسببه بلا إظهار معجزة وبينة واضحة . { قَالَ } نوح متحسراً آيساً منهم ، قنوطاً عن إيمانهم بعدما سمع منهم ما سمع : { يٰقَوْمِ } أضافهم إلى نفسه بعد يأسه على مقتضى شفقة النبوة { أَرَأَيْتُمْ } أي : أخبروني { إِن كُنتُ } جئت لكم { عَلَىٰ بَيِّنَةٍ } واضحةٍ دالة على صدقي في دعواي نازلةٍ { مِّن رَّبِّيۤ } لتأييدي وتصديقي { وَ } مع ذلك { آتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ } تفضلاً وامتناناً ، مشعرة بنجاتتي وطهارتي وصدقي في قولي تذكيري { فَعُمِّيَتْ } أي : خفيت واشتبهت { عَلَيْكُمْ } الدلائل والشواهد مع وضوحها وسطوعها { أَنُلْزِمُكُمُوهَا } بها { وَ } الحال أنه { أَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ } [ هود : 28 ] منكرون غير ملتفتين إليها ، ولا متأملين فيها وفي إشاراتها ورموزها .