Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 38-43)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَ } بدما أوصاه الحق وأمره ، شرع { يَصْنَعُ ٱلْفُلْكَ } بتعليم جبرائيل عليه السلام إياه بإذن الله { وَ } كان { كُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ } طائف { مِّن قَوْمِهِ } حين اشتغل بالفلك { سَخِرُواْ مِنْهُ } واسهزءوا به ؛ لكونه في باديةٍ لا ماء فيها ، وقالوا على سبيل التهكم : صرت نجاراً بعدما كنت نبياً { قَالَ } لهم نوح المكشوف عنده مآل ما أمر الحق له : { إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا } الآن لجهلكم بسر صنيعنا { } فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ حين كنا على الفكل وأنتم غرقى { كَمَا تَسْخَرُونَ } [ هود : 38 ] اليوم منا . { فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ } [ هود : 39 ] وتدركون وبال ما أنتم عليه من الاستهزاء والسخرية . { حَتَّىٰ إِذَا جَآءَ أَمْرُنَا } وجان أجلنا الذي أجلنا لمقتهم وهلاكهم { وَفَارَ } أي : نبع حينئذٍ { ٱلتَّنُّورُ } المعهود في حضرة علمنا ، نبع ماء الطوفان ، وبعد فوران التنور وغليانه وأطلعت عليه امرأته فأخبرته إياه { قُلْنَا } له تفضيلاً عليه وامتناناً : { ٱحْمِلْ فِيهَا } أي : في السفينة { مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ } أي : من جنس ما يعيش في الهواء { ٱثْنَيْنِ } ذكراً وأنثى { وَ } احمل أيضاً عليها { أَهْلَكَ } أي : جميع أهل بيتك { إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ ٱلْقَوْلُ } منا في سابق قضائنا بأنه كان من الكفارين المغرقين { وَ } احمل أيضاً عليها { مَنْ آمَنَ } لك من قومك { وَ } الحال أنه { مَآ آمَنَ مَعَهُ } من قومه { إِلاَّ قَلِيلٌ } [ هود : 40 ] قيل : كانوا تسعة وسبعين وزوجته السملمة وبنوه الثلاثة : سام وحام ويافث ونساؤهم ، واثنان وسبعون رجلاً من غيرهم . روي أنه عليه لسلام أتم السفينة وكان طولها ثلاثمائة ذراع ، وعرضها خمسين ، وجعل لها ثلاثة بطون ، فحمل في أسفلها الدواب والوحوش ، وفي أوسطها الإنس ، وفي أعلاها الطير . { وَ } بعدما نبع التنور وانتشر الماء وانبسط على الأرض { قَالَ } نوح بوحي الله إياه : { ٱرْكَبُواْ فِيهَا } أي : صيروا في جوفها متمكنين ، واستقروا عليها قائلين متيمنين : { بِسْمِ ٱللَّهِ } إذ هو سبحانه بحوله وقوته { مَجْريٰهَا وَمُرْسَاهَا } حيث أراد إجراءها وإرساءها { إِنَّ رَبِّي } الذي رباني بلطفه وأوصاني بصنعها { لَغَفُورٌ } لمن استغفر له { رَّحِيمٌ } [ هود : 41 ] يقبل توبته ويمحو زلته ومنجو عن عذابه ، فركبوا مسمين متيمنين . { وَهِيَ } أي : السفينة { تَجْرِي بِهِمْ فِي } خلال { مَوْجٍ } وهو ما ارتفع من الماء من شدة الريح عالٍ { كَٱلْجِبَالِ } الشامخ { وَ } حينئذ { نَادَىٰ نُوحٌ ٱبْنَهُ } المسمى بكنعان { وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ } من آبيه ؛ أي : اعتزل عنه وانصرف عن دينه ، فرآه بين الماء ، فتحرك عطف الأبوة فصاح عليه : { يٰبُنَيَّ } صغره للشفقة والترحم { ٱرْكَبَ مَّعَنَا } لتنجو من الغرق { وَلاَ تَكُن مَّعَ ٱلْكَافِرِينَ } [ هود : 42 ] حتلا لا نغرق . { قَالَ } ابنه مستنكراً عليه : { سَآوِيۤ } والتجئ { إِلَىٰ جَبَلٍ } عالٍ { يَعْصِمُنِي مِنَ } إغراق { ٱلْمَآءِ } بشموخه وعلوه { قَالَ } : يا بني { لاَ عَاصِمَ } ولا ينجي { ٱلْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ } المبرم وحكمه المحكم { إِلاَّ مَن رَّحِمَ } الله وأنجاه ؛ إذ لا عاصم غيره { وَ } حينئذٍ { حَالَ بَيْنَهُمَا } أي : بين نوح وابنه { ٱلْمَوْجُ } العظيم { فَكَانَ مِنَ ٱلْمُغْرَقِينَ } [ هود : 43 ] أي : صار ابنه من الغرقى الهالكين .