Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 84-87)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَ } اذكر يا أكمل الرسل للمؤمنين المعتبرين من ذوي الاستبصار والاعتبار وقت ؛ إذ أرسلنا { إِلَىٰ مَدْيَنَ } حين بالغوا التطفيف والتخسير في المكيلات والموزونات { أَخَاهُمْ } ومن شعيتهم { شُعَيْباً } المتشغب منهم ، ليكون أدخل في نصحهم وأجهد في إهدائهم وإرشادهم { قَالَ يٰقَوْمِ } موصياً له ، متحنناً على وجه الشفقة والنصيحة { ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ } الواحد الأحد الصمد الذي ليس له شريك في الوجود والألوهية والربوبية وتيقنوا أنه { مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ } مظهر لكم ولجميع ما ظهر وبطن غيباً وشهادة { غَيْرُهُ } بل الألوهية محصورة إليه ، مقصورة له ؛ إذ لا شيء سواه ، ولا يستحق للعبادة إلا هو { وَ } عليكم أيها المأمورون من عنده بالاعتدال والاقتصاد في جميع الأخلاق والأفعال والأحوال أن { لاَ تَنقُصُواْ ٱلْمِكْيَالَ وَٱلْمِيزَانَ } لبني نوعكم { إِنِّيۤ أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ } أي : سعة ورفاهية غاية لكم وتفضلاً عليكم ، فعليكم أن تزويدها وتديموها بالشكر والإنصاف والانتصاف على مقتضى ما أُمرتم به من عند ربكم ، وإن لم تعلموا مني ونصحي ولم تقبلوا قولي { وَإِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ } من غيرة الله وكمنال قهره وسطوته { عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ } [ هود : 84 ] فيه عذابه على جميع أهل الزيغ والضلال ، المنحرفين عن جادة الاعتدال . { وَ } بعدما قدم عليهم المنهي للعناية والاهتمام بشأنه ، أردفه بالمأمور ؛ للتأكيد والمبالغة وزيادة التقرير والإحكام ، كأنه استدل عليه لمزيد إشفاقه وكمال مرحمته ، فقال : { يٰقَوْمِ } إن أردتم خير الدارين ونفع النشأتين { أَوْفُواْ ٱلْمِكْيَالَ وَٱلْمِيزَانَ } على عباد الله ؛ أي : لا تزيدا عليها ولا تنقصوا منها ؛ إذ الطرفان كلاهما مذمومان ، بل أوفوهما { بِٱلْقِسْطِ } والعدل { وَ } عليكم أن { لاَ تَبْخَسُواْ } ولا تنقضوا { ٱلنَّاسَ أَشْيَآءَهُمْ } في حال من الأحوال { وَ } بالجملة : { لاَ تَعْثَوْاْ فِي ٱلأَرْضِ مُفْسِدِينَ } [ هود : 85 ] أي : لا تظهروا عليها بالخداع والحيف والبخس والتطفيف . { بَقِيَّتُ ٱللَّهِ } التي قدرها في سابق حضرة علمه { خَيْرٌ لَّكُمْ } ومزيد مما لكم من تطفيفكم وتنقيصكم { إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } بالله وبتدبيراته وتقديراته { وَ } اعلموا يا قوم إني { مَآ أَنَاْ عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ } [ هود : 86 ] يحفظكم عن جميع ما لا يعينكم ، بل أنا مبلغ ما أُرسلت به إليكم ، فلكم الامتثال والتوفيق من الله الكبير المتعالِ . ثم لما سمعوا منه ما سمعوا { قَالُواْ } مستهزئين متهكيمن { يٰشُعَيْبُ } المدعي دعوة الخلق إلى الحق { أَصَلَٰوتُكَ } الكثيرة التي تصليها في خلواتك { تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ ءابَاؤُنَآ } من الأصنام والأوثان { أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِيۤ أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ } أي : تأمرك صلواتك أن نترك أفعالنا الت كنا كعلمنا بها في ازدياد أموالنا حسب إراداتنا واختيارنا { إِنَّكَ } أيها الداعي للخلق إلى الحق { لأَنتَ ٱلْحَلِيمُ } ذو الحلم والكرم ، ولا تعجل في الانتقام { ٱلرَّشِيدُ } [ هود : 87 ] العاقل ، لا تتكدر بمثل هذه الأوهام ، قالوا له هذا استهزاء وسخرية .