Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 96-101)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وبعدما انقرض أولئك الطغاة الغواة المنهمكين في الغي والضلال ، المفسدين في الأرض بأنواع الإفساد والإضلال { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا } حين حدث على الأرض أمثال أولئك الهالكين بل أسوأهم حالاً وأقبحهم شيمة وخصالاً وأشدهم بغضاً وشيكمة على الحق وأهله ، عبدنا { مُوسَىٰ } المخصص من عندنا بتكليمنا { بِآيَاتِنَا } الدالة على توحيدنا واستقلالنا في ملكنا وملكوتنا { وَسُلْطَانٍ } أي : أبدناه من عندنا بحجة واضحة وبرهان { مُّبِينٍ } [ هود : 96 ] ظاهر الدلالة على صدقه في دعواه عند من له أدنى مسكة . { إِلَىٰ فِرْعَوْنَ } الذي هو رأس أهل الضلال ورئيسهم إلى حيث تبعوه بالألوهية من غاية عتوه واستكباره { وَمَلَئِهِ } المعاونين له في أمره وشأنه ، ثم لما أملهنا زماناً على غروره ورفعنا قدره في هذه الدنيا مسروراً ؛ تغريراً عليه { فَٱتَّبَعُوۤاْ } من على الأرض { أَمْرَ فِرْعَوْنَ } وامتثلوا بمقتضاه { وَ } الحال أنه { مَآ أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ } [ هود : 97 ] هادٍ إلى الحق ، موصل إلى مقصد التوحيد ، بل هو غار موصل إلى نار الخذلان وسعير الحرمان . إذ هو بنفسه { يَقْدُمُ قَوْمَهُ } أي : يتقدم عليهم { يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } التي انكشفت فيها السرائر واضمحلت الأوهام { فَأَوْرَدَهُمُ ٱلنَّارَ } مثل إبراهيم على ماء نيل في دار الدنيا ، شبه حالهم في النشاة الأخرى بحالهم في النشأة الأولى ، لذلك عبر عنه بالإيراد { وَبِئْسَ ٱلْوِرْدُ ٱلْمَوْرُودُ } [ هود : 98 ] ونار الخذلان وجحيم الحرمان . { وَ } هم من غاية خبثهم وفسادهم { أُتْبِعُواْ فِي هَـٰذِهِ } النشاة { لَعْنَةً } دائمة مستمرة { وَ } يلعنون أيضاً { يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } بأضعاف هذه اللعنة ، وبالجملة : { بِئْسَ ٱلرِّفْدُ } أي : العون والعطاء { ٱلْمَرْفُودُ } [ هود : 99 ] أي : المعان والمعطى رفدهم التي هي طردهم في الدارين ولعنهم في النشأتين . { ذَلِكَ } المذكور { مِنْ أَنْبَآءِ ٱلْقُرَىٰ } وأخبارهم وما جرى عليهم { نَقُصُّهُ عَلَيْكَ } بالوحي يا أكمل الرسل ليكون عبرة لك ولمن تبعك مشاهدة وتذكيراً { مِنْهَا } أي : من تلك القرى { قَآئِمٌ } جدرانها بلا سقوف { وَ } منها ما هو { حَصِيدٌ } [ هود : 100 ] مدروس مندك ، كالزرع المحصود ، عفت آثاره واندرست أطلاله . { وَ } بالجملة : { مَا ظَلَمْنَاهُمْ } بإهلاكهم وتخريب ديارهم { وَلَـٰكِن } هم { ظَلَمُوۤاْ أَنفُسَهُمْ } باتخاذ مصنوعاتنا آلهة أمثالنا مستحقة للعابدة ، ظناً منهم أن آلهتهم تنفعهم لدى الحاجة وتشفعهم وقت الشفاعة { فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ } أي : كفت ودفعت عنهم { آلِهَتُهُمُ ٱلَّتِي يَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } ظلماً وزرواً { مِن شَيْءٍ } أي : شيئاً قليلاً من القضاء { لَّمَّا جَآءَ } أي : حين جاء { أَمْرُ رَبِّكَ } يا أكمل الرسل ، وحين نزل عذابه وحل عقابه إياه ، بل { وَمَا زَادُوهُمْ } آلهتهم حين حلول العذاب عليهم { غَيْرَ تَتْبِيبٍ } [ هود : 101 ] أي : هلاك وتخسير ؛ لأنهم بسبب عبادة هؤلاء صاروا مطرودين عن سعة رحمة الله وجوده .