Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 30-32)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَ } بعدما شاع أمرهما وانتشر قصتهما بين الأنام { قَالَ نِسْوَةٌ } جماعة من النساء من صناديدهن { فِي ٱلْمَدِينَةِ } على جه التشنيع والتقريع : { ٱمْرَأَةُ ٱلْعَزِيزِ تُرَاوِدُ } تخادع وتحتال { فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ } طلباً لمواقعته إياها ومجامعته معها ؛ لأنها { قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً } أي : دخل عن جميع شغاف قلبها وشقوقه ، فصار قلبها ممتلئاً بمحبته وعشقه ؛ لذلك راودته فامتنع عنها وافضحها { إِنَّا لَنَرَاهَا } بقبح فعلها وسوء صنيعها { فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } [ يوسف : 30 ] من لحوق العار وفشو الفضيحة ، سيما مع الرقيق وكسر عرض العزيز بن الأنام . { فَلَمَّا سَمِعَتْ } راعيل { بِمَكْرِهِنَّ } وغيبتهن وتخطئتهن خفية { أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ } قواصد ؛ ليدعوهن على سبيل الضيافة { وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ } اي : هيأت لكل واحدة منهم في بيتها { مُتَّكَئاً } على حدة ليتكئن عليها على ما هو عادة بلدتهم ، ووضعت عند كل متكأ طبقاً من الفواكة مثل الكمثرى والتفاح وغيرهما { وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ } أي : على عدد رءوسهن { سِكِّيناً } في غاية الحدة والمضاء ، وبعد تهيئة أماكنهن على الوجه المذكور جئن وجلسن عليها واشتغلن بأكل الفواكه وتنقية قشورها بالسكين { وَ } بعد ذلك { قَالَتِ } راعيل ليوسف : { ٱخْرُجْ عَلَيْهِنَّ } فخرج { فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ } أي : كبرن الله برؤية جماله وحسنه البديع وبهائه ؛ إذ يتشعشع ويلمع ضوء وجهه على الجدار مثل الشمس والقمر . وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " رأيت يوسف الصديق عليه السلام للة المعراج كالقمر ليلة البدر " . ومن كمال حيرتهن على حسنه وجماله بهتن بأجمعهن { وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ } بالسكاكين أي : كل بسكينها { وَ } بعدما أفقن { قُلْنَ } مستبعدات مستغربات { حَاشَ لِلَّهِ } أي : تنزه ذاته أن يعجز عن خلق مثله ، غير أنه { مَا هَـٰذَا } الهيكل المرأي { بَشَراً } إذ لا نرى بشراً على هذه الصورة { إِنْ هَـٰذَآ } أي : بل ما هذا المشاهد المحسوس { إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ } [ يوسف : 31 ] نجيب مجسم من الروح لا من الطين . وبعدما تفرست راعيل منهن ما تفرست من كمال الحيرة والحسرة والوله والهيمان برؤيته { قَالَتْ فَذٰلِكُنَّ } أي : فهذا ذلك العبد الكنعاني { ٱلَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ } أي : في مراودته والافتتان به وبمحبته { وَ } لما رأت راعيل ما رأت من نفسها بل أشد منها ، أقرب عندهن ما فعلت معه ؛ لتستعين منهن ويحلتن في تليين قلبه ، فقالت منحسرة : { لَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ } مراراً كثيرة { فَٱسَتَعْصَمَ } وأبى عن القبول من كمال عفته وعصمته { وَ } الله { لَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَآ آمُرُهُ } أي : ما أنا آمر به من المواقعة والمجامعة ، ولمي يقبل قولي ولم يقضي حاجتي { لَيُسْجَنَنَّ } أيك ليسجننه { وَلَيَكُوناً مِّن ٱلصَّاغِرِينَ } [ يوسف : 32 ] الذليلين المهانين ، الباقين ي السجن مدة مديدة . فلما قالت راعيل ما قالت وأقسمت ، التفتن بأجمعهن على إعانتها وإنجاح مرادها منه وألحن ، واقترحن على يوسف بقبول قولها والإتيان بمطلوبها إلحاحاً بليغاً ، بل أضمرن في أنفسهن كل منهن إتيانه عليهن بمقتضى النساء .