Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 50-53)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَ } لما سمع الشرابي من يوسف ما سمع ، تسارع إلى الملك وأخبره ما سمع من التعبير { قَالَ ٱلْمَلِكُ ٱئْتُونِي بِهِ } فأرسل من يحضره { فَلَمَّا جَآءَهُ ٱلرَّسُولُ } ليخرجه من السجن { قَالَ } يوسف : لا أخرج من السجن ما لم يظهر براءتي وعصمتي وطهار ذيلي وكمال عفتي مما يرمونني ويسجنونني بسببه { ٱرْجِعْ } أيها الرسول { إِلَىٰ رَبِّكَ } وسيدك { فَاسْأَلْهُ } أن يكشف عن أمره وما جرى عليَّ من ظلم أولئك المفترين ، سيما ليسأل : { مَا بَالُ ٱلنِّسْوَةِ ٱللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ } وما شأنهن معي { إِنَّ رَبِّي } الذي رباني بكمال العصمة والعفة { بِكَيْدِهِنَّ } ومكرهن الذي قصدن معي { عَلِيمٌ } [ يوسف : 50 ] على التفصيل الذي يخفون في نفوسهن ، يجازيهن في يوم الجزاء على مقتضى علمه . ثم لما رجع الرسول إلى الملك وأخبر عن حاله ومقاله ، بادر الملك إلى إحضار أولئك النسوان فحضرن { قَالَ } الملك منتقماً عنهن ، مفتشاً عما جرى بينهن وبين يوسف : { مَا خَطْبُكُنَّ } وشأنكن أيتها الماكرات المحتالات { إِذْ رَاوَدتُّنَّ } وخادعتن بأنواع الحيلة والخداع { يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ } وأي شيء ظهر منه من أمارات الفساد وعلامات الفسوق حتى تجترئن بمراودته ؟ ! { قُلْنَ } بأجمعهن بعدما سمعن كلام الملك واستفساره على وجه الانتقام : { حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوۤءٍ } أي : فعلة ذميمة وديدنة قبيحة باعثة لنا إلى مراودته ، سوى أنا رأيناه على صورة عجيبة وحسن بديع ، مِلْنا إلأيه وأردنا مخالطته فاستعصم من كمال عفته ونجابة طينته ، ثم { قَالَتِ ٱمْرَأَتُ ٱلْعَزِيزِ } عند الملك بعدما بدأ ما أخفت وفشا ما سترت ، مقرة مقررة لطهارة ذيله : { ٱلآنَ حَصْحَصَ } أي : لاح وظهر { ٱلْحَقُّ } وارتفع عنه الحجب انكشف الأستار { أَنَاْ رَاوَدْتُّهُ عَن نَّفْسِهِ } بعدما شغفني حبه وأزعجني ميله { وَإِنَّهُ } في ذاته وأقواله وأفعاله { لَمِنَ ٱلصَّادِقِينَ } [ يوسف : 51 ] المبرين المنزهين عما افترينا عليه ورمينا به . ثم لما انشكف أمره عند الملك وثبت براءته ، أرسل الرسول إليه ثانياً ليخرجه من السجن ، قال يوسف على مقتضى الحكمة الصادرة من ألسنة الأنبياء ؛ توطيناً لنفس ال عزيز تسلية له ، ليجزم أنه ما أساء الأدب معه في السر والعلانية { ذٰلِكَ } الكشف والتفتيش إنما هو { لِيَعْلَمَ } العزيز يقيناً { أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِٱلْغَيْبِ } حين انغلاق الأبواب السبعة ، وأنا مع زوجته فكيف في غيرها { وَ } ليعلم العزيز أيضاً { أَنَّ ٱللَّهَ } المطبع لجميع ما جرى على عباده { لاَ يَهْدِي كَيْدَ ٱلْخَائِنِينَ } [ يوسف : 52 ] أي : لا يوصل أهل الخيانة إلى ما يقصدون إليه بكيدهم وحيلتهم ، بل يفضحونهم بها على رءوس الأشهاد في الأولى والأخرى . ثم قال : { وَمَآ أُبَرِّىءُ } وأنزه { نَفْسِيۤ } عن الفرطات والغفلات والخواطر القبيحة والديدنة الشنيعة على مقتضى القوى الشهوية واللذة البهيمية ، وكيف ابرئ وأنزه { إِنَّ ٱلنَّفْسَ } المركوزة في الجبلة الإنسانية { لأَمَّارَةٌ } مائلة بالطبع { بِٱلسُّوۤءِ } والفساد متوجهة نحوه إذا خلى وطبعها { إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيۤ } أي : حفظها الله من كمال رحمته وشفقته من طغيانها ووسوسة الشيطان إليها { إِنَّ رَبِّي } الذي رباني بالعصمة والعفاف { غَفُورٌ } لما صدر عني من الخواطر النفسانية { رَّحِيمٌ } [ يوسف : 53 ] يرحمني بفضله ويعصمني بلطفه عما يبعدني من كنفه وجواره .