Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 54-57)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَ } بعدما فتش الملك عن أحواله وما جرى عليه ، ثبت عنده أمانته وديانته ورعاية حقوق سيده ورشده في الأمور ، سيما في التعبيرات والتأويلات ، وصدقه في جيمع الأقوال الصادرة عنه { قَالَ ٱلْمَلِكُ } متحنناً عليه متشوقاً للقياه : { ٱئْتُونِي بِهِ } سريعاً { أَسْتَخْلِصْهُ } أي : أجعله خالصاً { لِنَفْسِي } ليكون أنيسي وجليسي ومولي أمري وظهيري في تدابير الأمور ، فحضوره عنده وسلم على الملك ترحيباً وتعظيماً { فَلَمَّا كَلَّمَهُ } وأخذه بحمد الملك وثنائه ودعائه على اللغة العبرية ، قال الملك : ما هذا اللسان ؟ قال : هذا لسان آبائي وأجدادي وكان الملك يتكلم على سبعين لغة ، فكلم معه بجميعها ، فأجاب جميعها وأحسن فيها ، فتعجب الملك منه وقال : أريد أن أسمع تأويل رؤياي منك مشافهة ، فحكاه وبين وجوه المناسبات بين التعبيرات والسنوات المجدبة والمخصبة وكيفية الانتقالات والتعبيرات على مقدار فهم الملك وتأويلات السنابل الخضر واليابس على الوجه الذي أُلهم وأوحي ، فازداد الملك محبة ومودة لذلك { قَالَ إِنَّكَ ٱلْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ } ذو مكانة ومرتبة علية ومنزلة رفيعة { أَمِينٌ } [ يوسف : 54 ] مؤتمن على جميع أمورنا ، فلك التصريف في ملكنا كيف تشاء . وبعدما رأى يوسف عليه السلام ألاَّ محيص له عنه ، ولا بدَّ له من ارتكاب أمر من أمور الملك { قَالَ ٱجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَآئِنِ ٱلأَرْضِ } أي : أرض مصر { إِنِّي } بإقامة هذا الأمر { حَفِيظٌ } بوجوه محافظة أي جنس من الأجناس { عَلِيمٌ } [ يوسف : 55 ] بطرق تدابيرها والتصرف فيها . قيلك اتفق وفات قطفير - هو سيد يوسف - في تلك الليالي ، وكان هذا المنصب له لذلك طلبه ، وتزوج زليخا زوجته التي قد شغفها حباً ، فوجدها عذراء وولد يوسف منها أفرايم وميشا . { وَكَذٰلِكَ } أي : مثل ما سمعت من القصة { مَكَّنَّا } قدرنا { لِيُوسُفَ فِي ٱلأَرْضِ } أي : أرض مصر بعدما أدخلناه رقيقاً مهاناً وصيرناه مسجوناً مدة متطاولة ورفعناه مكانته فيها إلى حيث { يَتَبَوَّأُ } أي : يتنعم ويترفه { مِنْهَا } أي : من نواحيها وبلادها { حَيْثُ يَشَآءُ } تهوى نفسه ويميل إليها طبعه ؛ إذ من سنتنا أنا { نُصِيبُ } ونوفي { بِرَحْمَتِنَا } التي وسعت كل كل شيء { مَن نَشَآءُ } من خلص عبادنا المجبولين على فطرة توحدينا السالكين سبيل الإنابة والرجوع إلى فضاء فنائنا { وَ } بالجملة : إنا { لاَ نُضِيعُ } أي : لا نهمل ولا ننقص { أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ } [ يوسف : 56 ] الذين يحسنون الأدب مع الله في جميع حالاتهم وشئونهم ولا يغفلون منه طرفة ولا يلتفتون إلى غيره لمحة ، ولا يخطرون ببالهم سواء خطرة ، هذا حالهم في النشأة الأولى . { وَ } لله { لأَجْرُ } النشأة { ٱلآخِرَةِ } المعدة لهم فيها { خَيْرٌ } منها بالأضعاف والآلاف { لِّلَّذِينَ آمَنُواْ } بتوحيد الله عن ظهر القلب وصميم الفؤاد { وَكَانُواْ يَتَّقُونَ } [ يوسف : 57 ] عن محارم الله طلباً لمرضاته وقياماً بحسن آدابه ، رجاء من ثوابه وخوفاً من عقابه .