Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 13, Ayat: 40-43)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَ } بالجملة : لا تفرح يا أكمل الرسل { إِن مَّا نُرِيَنَّكَ } أي : إن تحقق إراءتنا لك { بَعْضَ ٱلَّذِي نَعِدُهُمْ } من الإهلاك والإجلاء والقهر والغلبة { أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ } أي : لا تغتم أيضاً أن تحقق توفينا لك قبل رؤيتك بما نعدهم من العذاب والنكال بل { فَإِنَّمَا عَلَيْكَ } أي : ليس في وسعك وطاقتك { ٱلْبَلاَغُ } بما أُمرت بتبليغه { وَعَلَيْنَا ٱلْحِسَابُ } [ الرعد : 40 ] والجزاء بمقتضاه عاجلاً وآجلاً . { أَ } ينكرون حسابنا إياهم وانتقامنا عنهم { وَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي ٱلأَرْضَ } التي شاعتب فيها كفرهم { نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا } وأرجائها حتى ضاقت عليهم بإظهار دين الإسلام وإكثار أهله { وَٱللَّهُ } المدبر على مقتضى الحكمة { يَحْكُمُ } بحكم مبرم { لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ } أصلاً ليبدله ويغيره { وَهُوَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } [ الرعد : 41 ] صعب الانتقام على من أراد تغيير حكمه وتبديله . { وَقَدْ مَكَرَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } مع أنبيائهم المبعوثين إليهم مثل مكر هؤلاء المكارين معك يا أكمل الرسل ، فلحقهم ما لحقهم وهم غافلون عن مكر الله { فَلِلَّهِ } المطلع لعواقب الأمور { ٱلْمَكْرُ } المعتد به { جَمِيعاً } إذ { يَعْلَمُ } بعلمه الحضوري { مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ } من خير وشر ونفع وضر ، فينتقم هو عنها على مقتضى علمه { وَ } هم وإن غفلوا من مكر الله وما يترتب عليه من الوبال { سَيَعْلَمُ ٱلْكُفَّارُ } المصرون على الكفر والضلال { لِمَنْ } من الفريقين { عُقْبَى ٱلدَّارِ } [ الرعد : 42 ] أي : العاقبة الحميدة في النشأة الأخرى . { وَ } من شدة شكيمتهم وغيظهم معك يا أكمل الرسل { يَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } بدينك وكتابك ؛ أي : رؤساؤهم وصناديدهم : { لَسْتَ مُرْسَلاً } من عند الله مثل سائر الرسل ؛ لذلك ما نتبعك ونؤمن بك وبكتابك { قُلْ كَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ } أي : كفى الله بى شاهد لإثبات رسالتي وادعائي النبوة ؛ إذ أيدني بالمعجزات القاطعة والبراهين الساطعة { وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ ٱلْكِتَابِ } [ الرعد : 43 ] من أصحاب اللسن والفصاحة وأرباب الفطنة والذكاء ، المتأملين في مرموزات الكتاب ، المتنعمين في استكشاف سرائره ، لو تأملوا فيه حق تأمل وتدبر ، لم يبق لهم شائبة شك وتردد في أنه ما هو من جنس كلام البشر ، بل ما هو إ لا وحي يوحى { وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ ٱللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُورٍ } [ النور : 40 ] . خاتمة السورة عليك أيها الطالب القاصد لاستكشاف سرائر المرتبة الجامعة المحمدية التي اتحد عندها قوسا الوجوب والإمكان ، واتصل دوننها الغيب والشهادة أن تتأمل في القرآن المنزل عليه من عند ربه على مقتضى نشأته وكمال استعداده وعزة شأنه ، وتتدبر حق التدبر في مرموزاته بقدر وسعك وطاقتك ، وإن كان الاطلاع على غوره من المستحيلات سيما بالنسبة إلى ذوي الاستعدادات الضعيفة حتى يشهد لك ذوقك ووجدانك برسالته وبنوبته وهدايته إلى توحيد ربه وإرشاده إلى سبيل الحق ، ولا يتيسر لك هذا إلا بعد تصفية ظاهرك عن الشواغل الحسية والعلائق الدنياوية مطلقاً ، وباطنك عن التقليدات والتخمينات الموروثة لدرن الجهالات ورين الخيالات الموقعة لأنواع الشبهات والترردات . وبالجملة : لا يحصل لك هذا إلا بعد تحققك في مرتبة الموت الأرادي وخروجك عن مقتضى هويتك مطلقاً . جعلنا الله ممن أيده الحق لسلوك طريق توحيده ، ووفقه إلى سواء سبيله بمنِّه وجوده .