Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 13, Ayat: 36-39)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم قال سبحانه : { وَٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ } وابتعناهم النبي ، المبين لهم ما فيه من الأوامر والنواهي { يَفْرَحُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ } أي : في كتابهم الجامع لما في كتبهم ؛ لأنهم يجدونه موافقاً مطابقاً لكتبهم { وَمِنَ ٱلأَحْزَابِ } من هؤلاء المتحزبين في أمر القرآن { مَن يُنكِرُ بَعْضَهُ } أ ي : الآيات الناسخة لبعضها أحكام كتبهم ، قل لهم : إنما نُسخ ما نُسخ من الأحكام الجزئية على مقتضى سنة الله في نسخ بعض الأحكام الجزئية الثابتة في الكتب السابقة بأحكام الكتب اللاحقة ، وليس هذا ببدع ، وأمَّا العقائد الكلية المصونة عن طريان النسخ والتبديل ، فيهي المتفق عليها بين جماهير الأنبياء ؛ لذلك { قُلْ إِنَّمَآ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ ٱللَّهَ } الواحد الأحد ، الصمد ، الحقيق بالحقية ، المستقل في الألوهية والربوبية { وَلاۤ أُشْرِكَ بِهِ } من أظلاله ومصنوعاته وبمقتضى أمره { إِلَيْهِ } لا إ لى غيره من الأظلال الهالكة في إشراق شمس ذاته { أَدْعُو } دعاء مؤمل متضرع خاشع خاضع { وَ } كيف لا أدعو ؛ إذ { إِلَيْهِ مَآبِ } [ الرعد : 36 ] أ ي : منقلبي ومرجعي ، رجوع الظل إلى ذي الظل . { وَكَذٰلِكَ } أي : مثل إنزالنا للأمم الماضية كتاباً بعد كتاب ناسخاً لبعض ما فيها على مقتضى الأزمان والأقوام كذلك { أَنزَلْنَاهُ } أي : القرآن ، إليك يا أكمل الرسل { حُكْماً } مبيناً للقضايا على مقتضى الحكمة المتقنة { عَرَبِيّاً } مناسباً بلسانك ولسان قومك يسهل لهم الاسترشاد والاستهداء به ، ناسخاً لبعض ما في الكتب السالفة { وَ } الله { لَئِنِ ٱتَّبَعْتَ } انت بنفسك { أَهْوَاءَهُم } أي : أهواء أهل الكتاب وإن كانت قبيل النسخ هدى سيما { بَعْدَ مَا جَآءَكَ } في كتابك { مِنَ ٱلْعِلْمِ } بنسخها وبصيرورتها هوى { مَا لَكَ مِنَ ٱللَّهِ } من غضبه وانتقامه { مِن وَلِيٍّ } يولي أمرك بالاستخلاص والاستشفاع { وَلاَ وَاقٍ } [ الرعد : 37 ] يحفظك ويمنعك من مقته . ثم قال سبحانه : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ } مثلك { وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً } مثل أزواجك وأولادك ، فلا يقدح في نبوتهم أزواجهم وأولادهم ، فكيف يقدح في نبوتك مع أنك أفضل منهم { وَ } أيضاً أرسلنا رسلاً من قبلك { مَا كَانَ } أي : ما صح وجاز { لِرَسُولٍ } منهم { أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ } مقترحة { إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ } ووحيه { لِكُلِّ أَجَلٍ } ووقت يسع فيه أمر من الأمور الكائنة والفسادة { كِتَابٌ } [ الرعد : 38 ] نازل من عنده ناطق بوقوع ما كان ويكون فيه . { يَمْحُواْ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ } وبنسخه على مقتضى حكمته وإرادته { وَيُثْبِتُ } ما أراد إثباته { وَعِندَهُ أُمُّ ٱلْكِتَابِ } [ الرعد : 39 ] أي : لوح القضاء والقدر المتوالية ، المتتالية على مقتضى الأوصاف الذاتية الإلهية والتجليات اللطيفة والقهرية والجلالية والجمالية .