Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 13, Ayat: 7-11)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَ } من شدة شيكمتهم وغيظهم معك يا أكمل الرسل { يَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } بك وبدينك وبكتابك { لَوْلاۤ } أي : هلا { أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ } اقترحناه بها { مِّن رَّبِّهِ } إن كان نبياً مثل الأنبياء الماضين ، لا تبال يا أكمل الرسل بهم وبكفرهم وقولهم هذا { إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرٌ } مخبر بما جئت به من عند ربك ، لا مهد مصلح ، وإنما عليك البلاغ { وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ } [ الرعد : 7 ] وهو الله سبحانه ، وإن تعلق إرادته بهدايتهم يهديهم ؛ إذ هو عالم بسرائرهم وضمائرهم ، وما جرى عليهم وما يؤول أمرهم إليه . { ٱللَّهُ يَعْلَمُ } بعلمه الحضوري { مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَىٰ } من النطفة المصبوبة { وَمَا تَغِيضُ ٱلأَرْحَامُ } أي : تنقصها منها وفقاً لفضلائها { وَمَا تَزْدَادُ } عليها لتنميتها وتصويرها { وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ } [ الرعد : 8 ] أي : حصول كل كائن عنده إنما هو بمقدار مخصوص من مادة معينة ومدة مقررة ، لا ينقص منها ولا يزيد عليها . والإطلاع عليها وعلى كيفيتها وكمياتها مما استأثر الله به في غيبه ؛ إذ هو بذاته سبحانه { عَالِمُ ٱلْغَيْبِ } أي : الذي غاب عنا أنيته ولميته { وَٱلشَّهَادَةِ } أي : التي خفي علينا لميته ، وكيف لا يعلم الغيب والشهادة ؛ إذ هو { ٱلْكَبِيرُ } بذاته { ٱلْمُتَعَالِ } [ الرعد : 9 ] أي : المنزه في صفاته عن الاتصاف بصفات كلا العالمين ولوازمهما . وإن كان كل منها من أظلال أوصافه الذاتية وأسمائه الحسنى { سَوَآءٌ } عنده سبحانه في حيطة حضرة علمه المتعلق بأحوال المكونات { مِّنْكُمْ مَّنْ أَسَرَّ ٱلْقَوْلَ } وأخفاء وأضمره في نفسه { وَمَنْ جَهَرَ بِهِ } وأظهره { وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ } أي : مستتر متغط { بِٱلَّيلِ } ومن هو { وَسَارِبٌ } بارز ظاهر { بِٱلنَّهَارِ } [ الرعد : 10 ] أي : لا يشغله سبحانه شأن عن شأن ، ولا يحجب عليه الأستار والسدول ، ولا يعين عليه البروز والظهور ؛ إذ لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء . إذ { لَهُ } سبحانه بالنسبة إلى كل شيء من الأشياء حتى الذرة والخطرة والطرفة واللمحة { مُعَقِّبَاتٌ } من الأوصاف الإلهية مسميات بالملائكة يعقبن عليها متواليات متتاليات محيطات { مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ } عملا لا يعنيه وينافره ويؤذيه ، وما هو إلا { مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ } إياهم وتعلق إرادته ومشيئته لحصانته وحفظه على مقتضى لطفه وجماله { إِنَّ ٱللَّهَ } المدبر لأمور عباده ، المصلح لأحوالهم { لاَ يُغَيِّرُ } ولا يبدل { مَا بِقَوْمٍ } من النعمة والعافية والرفاهية والفرح والسرور { حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ } ويبدلوا { مَا بِأَنْفُسِهِمْ } من محاسن الأخلاق ومحامد الأوصاف إلى المعالج والمذائم بترك أوامر الله وارتكاب نواهيه { وَ } بالجملة : { إِذَا أَرَادَ ٱللَّهُ } المطلع لسرائر عباده واستعداداتهم { بِقَوْمٍ سُوۤءًا } ناشئاً من خباثة طينتهم { فَلاَ مَرَدَّ لَهُ } أي : لا يمكن لأحد من خلقه رد إرادته { وَ } كيف يرد مراده سبحانه ؛ إذ { مَا لَهُمْ مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ } [ الرعد : 11 ] يولي أمورهم ويرجعون إليه في الوقائع والخطوب .