Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 13, Ayat: 4-6)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَ } أيضاً من بدائع قدرته وغرائب حكمته أنه حصل { فِي ٱلأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ } متماثلة في الطبيعة والمزاج { وَ } حصلت في بعضها { جَنَّاتٌ } وبساتين { مِّنْ أَعْنَابٍ وَ } في بعضها { زَرْعٌ وَ } في البعض { نَخِيلٌ } مختلفة أنواعها بعضها { صِنْوَانٌ } أي : نخلات متكثرة ، أصلها واحد { وَغَيْرُ صِنْوَانٍ } أي : مترفقات الأصولا مع أنها كلها { يُسْقَىٰ بِمَآءٍ وَاحِدٍ وَ } مع وحدة طبيعة الأرض والماء { نُفَضِّلُ بَعْضَهَا } أي : بعض الثمرات { عَلَىٰ بَعْضٍ فِي ٱلأُكُلِ } لأن بعضها ضار وبعضها نافع ، وبعضها حلو وبعضها حامض ، إلى غير ذلك من التفاوت والاختلافات { إِنَّ فِي ذٰلِكَ } الاختلاف مع وحدة طبيعة القابل { لآيَاتٍ } عظام ودلائل جسام على حكمة الصانع الحكيم ومتانة فعله { لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } [ ارعد : 4 ] ويستعملون عقولهم في التفكير يمصنوعات الحق والتدبير بمبدعاته ومخترعاته . { وَإِن تَعْجَبْ } يا أكمل الرسل إنكار الكفار حشر الأجساد مع وضوح دلائله وسطوع براهنيه { فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ } أي : فعليك أن تتعجب من قولهم - هذا حال كونهم مستفهمين مستبعدين على سبيل التعجب - أننا { أَإِذَا كُنَّا تُرَاباً } وعظاماً رفاتاً { أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ } كلا وحاشا أن نعود أجساما إنساناً بعدما صرنا كذلك { أُوْلَـٰئِكَ } البعداء المعزولون عن منهج الرشاد هم { الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ } الذين أوجدهم وأظهرهم من كتم العدم بلا سبق مادة ومدة ، ورباهم بأنواع التربية مع أن إعادتهم أيسر من إبدائهم وإبداعهم { وَأُوْلَئِكَ } الضالون المقيدون بسلاسل الطبيعة في النشأة الأولى صار { ٱلأَغْلاَلُ فِيۤ أَعْنَاقِهِمْ } في النشأة الأخرى ، دائماً مستمراً { وَ } بالجملة : { أُوْلَـٰئِكَ } الأشقياء المردودون { أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدونَ } [ الرعد : 5 ] أبد الآباد . { وَ } من قبح صنيعهمه ونهاية غفلتهم عن الله انتقامه وغيرته { يَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلسَّيِّئَةِ } المهددة بها والموعودة عليها ، أي : يطلبون منك يا أكمل الرسل استعجال إتيانها استهزاءً واستنكاراً { قَبْلَ ٱلْحَسَنَةِ } الموعودة لهم على تقدير إيمانهم { وَ } الحال أنه { قَدْ خَلَتْ } ومضت { مِن قَبْلِهِمُ } على أمثالهم من الأمم الهالكة { ٱلْمَثُلاَتُ } أي : القصاصات والعقوبات التي صاتر أمثالاً يضرب بها ، وحالهم يحفي مؤنة استعجالهم واستهزائهم لو تأملوا { وَ } هم من غاية إصرارهم وكفرهم وإن استحقوا ما يستعجلونه على أقبح الوجوه ، لكن أمهلهم الله الحكيم العليم زماناً بمقتضى جوده { إِنَّ رَبَّكَ } الحليم الرحيم { لَذُو مَغْفِرَةٍ } سترٍ وعفو { لِّلنَّاسِ } المنهمكين في الغفلة والنسيان { عَلَىٰ ظُلْمِهِمْ } أي : مع ظمهم على أنفسهم باستجلاب عذاب الله إياها { وَإِنَّ رَبَّكَ } أيضاً على مقتضى عدله وقهره { لَشَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } [ الرعد : 6 ] وسريع الحساب على من خرج من ربقة إطاعته استكباراً واستنكافاً .