Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 14, Ayat: 13-17)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَ } بالجملة : أدى أمر استكبارهم واستنكارهم وتكذيبهم إلى أن { قَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ } حين بالغوا في دعوتهم وإهدائهم { لَنُخْرِجَنَّـكُمْ } أيها المزورون الملبسون { مِّنْ أَرْضِنَآ } إجلاء وإخراجاً على وجه الإهانة والإذلال { أَوْ لَتَعُودُنَّ } منصفين ملجئين { فِي مِلَّتِنَا } التي هي ملة آبائكم وأسلافكم { فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ } حين اشتد الأمر إليهم واضطروا من ظلمهم وطغيانهم ، قائلاً لهم على سبيل الوعد والتبشير : لا تبالوا أيها الرسل المبلغون كلمة الحق إليهم من تهديداتهم وتشنيعاتهم ، ولا تخافوا من شوكتهم وصولتهم نحن أقوى منهم { لَنُهْلِكَنَّ } بمقتضى قهرنا وجلالنا ونستأصلن { ٱلظَّالِمِينَ } [ إبراهيم : 13 ] الخارجين عن ربقة إطاعتكم وانقيادكم . { وَلَنُسْكِنَنَّـكُمُ } ونقررنكم { ٱلأَرْضَ } التي هم يريدون إخراجكم منها مهانين صاغرين { مِن بَعْدِهِمْ } أي : أهلاكهم واستئصالهم { ذٰلِكَ } أي : إهلاك العدو وإيراث الأرض والديار { لِمَنْ خَافَ مَقَامِي } أي : للمؤمنين الموعدين الخائفين عن قيامي وحفظي واطلاعي لجميع أحوال عبادي ، وبسبب خوفهم هذا لا يخرجون عن متقضى نهيي وأمري { وَ } مع ذلك الخوف { خَافَ وَعِيدِ } [ إبراهيم : 14 ] أي : عن وعيدي في يوم الجزاء بأنواع العذاب والنكال . ومن غاية خوفهم ورعبهم عن الوعيدات الأخروية استعدوا لها ، وهيأوا أسباب النجاة منها ، جعلنا الله ممن هيأ أسباب أخراه في أولاه { وَ } كيف لا ينصرهم الحق ولا يهلك عدوهم ؛ إذ هم { ٱسْتَفْتَحُواْ } واستنصروا من الله ، وطلبوا الفتح والنصرة على أعدائهم ، مفوضين أمورهم كلها ، مسلمين نفوسهم وأرواجهم على قضائه ؛ لذلك فتح سبحاه عليهم ونصرهم على عدوهم { وَخَابَ } خيبة أبدية وخسر خسراناً سرمدياً { كُلُّ جَبَّارٍ } متكبر متجبر عكلى ا لله وعلى عباده { عَنِيدٍ } [ إبراهيم : 15 ] مبالغ في العتو والعناد مع أنبيائه ورسله . ومع ذلك لا يقتصر عليهم بالعذاب العاجل ، بل { مِّن وَرَآئِهِ } أي : وراء العذاب الدنيوي { جَهَنَّمُ } العبد والخذلان والطرد والحرمان { وَيُسْقَىٰ } فيها حين اشتد زفرتهم { مِن مَّآءٍ } أي : مائع كالماء { صَدِيدٍ } [ إبراهيم : 16 ] أي : قيح سائل من جراحات أجساد أهل النار . { يَتَجَرَّعُهُ } بتكلف واضطراب { وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ } أي : لا يقارب أن يجري على حلقه ؛ للزوجته وحرارته والتصاقه { وَ } لعدم إساغته وجوازه { يَأْتِيهِ ٱلْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ } أي : يأتيه ويتوجه نحوه أسباب الموت من كل عضو من أعضائه ؛ لوصول أثر اشتداده ورداءته وبشاعته كل جزء من أجزاء بدنه حتى أصول شعره ، فتقشعر من هوله كما يشاهد عند شرب الأدوية الرديئة الكريهة الرائحة واللذة مثل : السقمونياء والحنظل وغير ذلك { وَ } مع إتيان أسباب الموت من جميع الأعضاء { مَا هُوَ بِمَيِّتٍ } حتى يخلص من العذاب ، بل { وَمِن وَرَآئِهِ } أي : عقيب سقيه على هذا الوجه { عَذَابٌ غَلِيظٌ } [ إبراهيم : 17 ] من أنواع العذاب .