Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 14, Ayat: 1-4)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ الۤر } أيها الإنسان الكامل الأحق الأليق للوامع لوائح رموزات رقائق الربوبيية بأن تنزل على قلبك بطريق الوحي والإلهام ، فتذيعه بين الأنام على سبيل الإرشاد والتكميل هذا { كِتَابٌ } جامع لجميع لوامع رقائق الربوبية ودقائق لوائح الألوهية ، مناسب مطابق لمرتبتك الجامعة { أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ } تأييداً لك في أمرك { لِتُخْرِجَ ٱلنَّاسَ } الناسين المقام الأصلي والمنزل الحقيقي { مِنَ ٱلظُّلُمَاتِ } الإمكانية الطبيعية الهيولانية { إِلَى ٱلنُّورِ } البحت الخالص عن شوب المادة والمدة ، وليس إخراجك إياهم إلا { بِإِذْنِ رَبِّهِمْ } الذي رباهم في أصل استعداداتهم وفطرتهم بأنواع اللطف والكرم ، ووفقهم على قبول ما جئت به من عند ربهم ليوصلهم { إِلَىٰ صِرَاطِ ٱلْعَزِيزِ } الغالب في أمره على مقتضى قدرته وإرادته على الوجه الأقوم الأعدل { ٱلْحَمِيدِ } [ إبراهيم : 1 ] في فعله ؛ لخلوه عن كلا طرفي الإفراط والتفريط . وكيف لا يكون صراطه مستقيماً وأفعاله معتدلاً مقتصداً ؛ إذ هو { ٱللَّهِ } المستجمع لجميع الكمالات { ٱلَّذِي لَهُ } تكوين { مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ } من الكواكب السيارات والثوابت على النمط البديع والتركيب العجيب { وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } من العناصر والمركبات على أقوم الأزمجة وأعدله { وَوَيْلٌ } أي : طرد وتبعيد عن مرتبة التوحيد { لِّلْكَافِرِينَ } الساترين شمس الحق الظاهر بالعدالة التامة والاستحقاق بغيوم الأظلال الباطلة والعكوس العاطلة { مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ } [ إبراهيم : 2 ] هو مسخهم وتبديلهم عن كما مظهرية الحق وخلافته إلى مرتبة الحيواناا العجم ، بل إلى مربتة الجمادات التي هي أنزل المراتب { أُوْلَـٰئِكَ كَٱلأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ } [ الأعراف : 179 ] . وهم { ٱلَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا } المستعارة التي لا مداد لها ولا قرار ؛ إذ هي أظلال في ظلمة عكوس عاطلة { عَلَى ٱلآخِرَةِ } أي : على الحياة الأخروية التي هي بقاء سرمدي وحياة أزلية لا انقضاء لها أصلاً { وَ } هم مع اختيارهم وترجيحهم الحياة الفانية على الباقية { يَصُدُّونَ } ويصرفون الناس { عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } الذي هو الإيمان بالله وبرسوله وكتابه { وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً } أي : يطلبون أن يحدثوا فيها مع استقامتها انحرافاً { أُوْلَـٰئِكَ } الأشقياء المردودون عن طريق الحق ، الساعو في الباطل مكبارة وعناداً { فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ } [ إبراهيم : 3 ] عن الهداية بمراحل بحيث لا يرجى هدياتهم أصلاً ؛ لأنهم مجبولون على الضلالة الغواية في أصل فطرتهم . { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ } من الرسل على أمة من الأمم { إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ } أي : ما أرسلنا إلا للغة موافقة بلغة قومه ؛ ليفقهوا حديثه ويفهموا لسانه { لِيُبَيِّنَ لَهُمْ } طريق التوحيد ، وبجنبهم عن خلافه وما عليه ، وفي وسعه إلا البلاغ { فَيُضِلُّ ٱللَّهُ } المضل المذل لعباده { مَن يَشَآءُ } إضلاله وإذلاله على مقتضى قهره وجلاله { وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ } هدايته على مقتضى لطفه وجماله { وَهُوَ } في ذاته { ٱلْعَزِيزُ } الغالب على ما أراد وشاء إرادة واختيار { ٱلْحَكِيمُ } [ إبراهيم : 4 ] المتقن في فعله على مقتضى إرادته .