Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 14, Ayat: 5-7)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم ذكر سبحانه قصة إرسال موسى إلى قومه حيث فشا الجدال والمراء بينهم وانحرفوا عن طريق الحق ؛ ليتعط به المؤمنون ويعتبروا ، فقال : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا } من مقام فضلنا وجودنا { مُوسَىٰ } المؤيد { بِآيَاتِنَآ } الباهرة مثل : العصا واليد البيضاء وسائر المعجزات الظاهرة على يده ، وقلنا له { أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ } الضالين عن سواء السبيل بمتابعة الأهوية الفاسدة { مِنَ } أنواع { ٱلظُّلُمَاتِ } الطارئة عليهم من الكفر والفسوق والعصيان والتقليدات والتخمينات الناشئة من الأوهام والخيالات ، المنبعثة عن الكثرة المستدعية للأنانية التي هي الظلمة الحقيقية { إِلَى ٱلنُّورِ } الحقيقي الذي هو صرافة التوحيد والوحدة الذاتية المسقطة لجميع الإضافات والكثرات { وَذَكِّرْهُمْ } أيضاً { بِأَيَّامِ ٱللَّهِ } التي مضت على الأمم الهالكة من أمثال هذه الأفعال المورثة لأنواع الظلمات ؛ لعلهم يعتبروا عن سماعها وينصرفوا عما هم عليه من القبائح والذمائم { إِنَّ فِي ذٰلِكَ } أي : في ذكر تلك الوقائع الهائلة والبليات العظيمة { لآيَاتٍ } أي : دلائل واحضات وعبر { لِّكُلِّ } مؤمن معتبر من أمثاله خائف من بطش الله { صَبَّارٍ } على ما جرى عليه من قضائه { شَكُورٍ } [ إبراهيم : 5 ] مبالغ في الشكر على ما وصل إليه من آلائه ونعمائه . { وَ } اذكر يا أكمل الرسل { إِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ } حين أراد تعديد نعم الله عليهم وإحسانه إليهم ؛ ليستحيوا عن مخالفة أمره وترك طاعته وعبادته { ٱذْكُرُواْ } أيها المغمورون بنعم الله { نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ } وقوموا لشكرها ؛ أداء لحق شيء منها سيما { إِذْ أَنجَاكُمْ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ } حين { يَسُومُونَكُمْ } ويقصدون لكم { سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ } أي : أفضحة وأقبحة { وَ } هو أنه { يُذَبِّحُونَ أَبْنَآءَكُمْ } قمعاً وقلعاً لعرقكم { وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ } توبيخاً وتقريعاً عليكم { وَفِي ذٰلِكُمْ بَلاۤءٌ } نازل { مِّن رَّبَّكُمْ } إذ هو بإقدار الله إياهم { عَظِيمٌ } [ إبراهيم : 6 ] لا بلاء أعظم منه . والإنجاء عن أمثال هذا البلاء من أعظم النعماء ، فعليكم أن تواظبوا لشكره { وَ } اذكروا أيضاً { إِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ } أي : أعلمكم إعلاماً بليغاً ، وأوصاكم وصية عظيمة تتميماً لتربيتكم { لَئِن شَكَرْتُمْ } على ما أُعطيتم من النعم العظام وقمتم لأداء حقها { لأَزِيدَنَّكُمْ } وأضاعفنكم بأمثالها وأضعافها { وَلَئِن كَفَرْتُمْ } في مقابلة الإحسان والعطاء ، فلا يلحق على أثر كفرانكم ، بل { إِنَّ عَذَابِي } ونكالي على من صرف عن أمري وخرج عن إطاعتي وانقيادي { لَشَدِيدٌ } [ إبراهيم : 7 ] مبرم محكم لا يندفع أصلاً ، فعليكم أن تلازموا الشكر وتجانبوا عن الكفران .