Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 14, Ayat: 24-27)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ أَلَمْ تَرَ } أيها الرائي المعتبر الخبير البصير { كَيْفَ ضَرَبَ ٱللَّهُ } الهادي لعباده إلى توحيده { مَثَلاً } لينتبهوا منه بأن شبه { كَلِمَةً طَيِّبَةً } هي كلمة التوحيد القائلة المفصحة بألا وجود لسوى الحق { كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ } هي النخلة التي { أَصْلُهَا } وعروقها { ثَابِتٌ } في الأرض بحيث لا يقلعها ولا يشوشها الرياح أصلاً { وَفَرْعُهَا } أي : أفنانها وأغصانها مرتفعة { فِي } جانب { ٱلسَّمَآءِ } [ إبراهيم : 24 ] . { تُؤْتِيۤ أُكُلَهَا } أي : ثمارها { كُلَّ حِينٍ } من الأحيان المعينة للإثمار { بِإِذْنِ رَبِّهَا } أي : بإرادته ومشيئته ؛ يعني : كما أن النخلة تنمو وتثمر بسبب أصلها الثابت في الأرض وفرعها المرتفع نحو السمااء ، ويحصل منها الثمر وقت حصولها ، كذلك الكلمة الطيبة التوحيدية المستقرة ، أصلها في أراضي الاستعدادات الطفرية المرتفعة أغصانها وأفنانها نحو سماء العالم الروحاني ، المثمرة لثمرات المكاشفات والمشاهدات ، القالعة القامعة لأشواك الكثرات ، الناشئة من الإضافات العدمية { وَ } لا حاجة لأولي البصائر والألباب ، المنكشفين بصرافة الوحدة الذاتية إلى أمثال هذه التنبيهات ، بل { يَضْرِبُ ٱللَّهُ } المطلع لسرائر استعدادات عباده { ٱلأَمْثَالَ } المذكورة { لِلنَّاسِ } الناسين عهودهم ومواثيقم مع الله بُحجب تعيناتهم المستتبعة للإضافات والكثرات { لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } [ إبراهيم : 25 ] رجاء أن يتذكروا ما نسوا من أمثال هذه الأمثال . { وَ } أيضاً { مَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ } هي كلمة الكفر المستتبعة لأنواع الفسوق والعصيان ، المخالفة لجادة التوحيد { كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ } هي الحنظلة التي { ٱجْتُثَّتْ } أي : أخذت تنمو جثتها { مِن فَوْقِ ٱلأَرْضِ } بلا استحكام عرقها في الأرض وتعمقها ؛ لذلك { مَا لَهَا مِن قَرَارٍ } [ إبراهيم : 26 ] إذ أدنى الرياض يقلبها كيف يشاء ؛ يعني : كما أن الشجرة الخبيثة الغير المستقرة بقلبها الرياح كيف يشاء كذلك اعتقادات الكفرة والفسقة المقلدة يقلبها أدنى رياح الشكوك والشبهات ، وتوقعهم في مهاوي الأوهام والخيالات . وبالجملة : { يُثَبِّتُ ٱللَّهُ } المصلح لأحوال عباده { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱلْقَوْلِ ٱلثَّابِتِ } أي : بالإقرار المطابق للاعتقاد { فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } أي : حيث بذلوا أرواحهم لإعلاء كلمة الحق و ينصرفون عنها { وَفِي ٱلآخِرَةِ } أيضاً بحيث لا يتلعثمون ولا يضطربون يوم العرض الأكبر ، بل في البرزخ أيضاً عند سؤال المنكر والنكير { وَ } كما يثبت المؤمنين بالإيمان كذلك { يُضِلُّ ٱللَّهُ } المذل المضل { ٱلظَّالِمِينَ } الذين خرجوا عن ربقة العبودية عناداً واستكباراً ؛ أي : يثبتهم على الضلال إيى حيث لا يفوزون بالفلاح أصلاً ، بل صاروا خالدين في النار أبد الآباد { وَ } بالجملة : { يَفْعَلُ ٱللَّهُ } المتعزز برداء العظمة والكبرياء { مَا يَشَآءُ } [ إبراهيم : 27 ] من الإهداء والإضلال ، والإعزاز والإذلال .