Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 14, Ayat: 28-34)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أَلَمْ تَرَ } أيها الرائي إلى الظالمين المسرفين { إِلَى ٱلَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ } الفائضة عليهم من محض فعله و عطائه ؛ ليشكروا له ويواظبوا على أداء حقه { كُفْراً } أي : يصرفونها كفراناً لها إلى البغي والطغيان على الله وعلى خلَّص عباده ، مع أن المناسب صرفها إلى إعلاء كلمة الله ونصر دينه ونبيه { وَ } لذلك { أَحَلُّواْ } وأدخلوا نفوسهم { قَوْمَهُمْ } التابعين لهم المعاندين لكفرهم { دَارَ ٱلْبَوَارِ } [ إبراهيم : 28 ] أي : الهلاك والخسار . يعني : { جَهَنَّمَ } التي { يَصْلَوْنَهَا } أي : يدخلون فيها أذلاء مهانين مقهورين ، لا نجاة لهم منها أصلاً { وَبِئْسَ ٱلْقَرَارُ } [ إبراهيم : 29 ] والمقر مقرهم الذي هو جهنم الطرد والخذلان . ومن خبث بواطنهم { وَ } شدة شكيمتهم { جَعَلُواْ لِلَّهِ } المتوحد في ذاته { أَندَاداً } شركاء من أضلاله ومصنوعاته { لِّيُضِلُّواْ } ضعفاء الأنام { عَن سَبِيلِهِ } الذي هو دين الإسلام الموصل إلى توحيد الله { قُلْ } لهم يا أكمل الرسل على سبيل التوبيخ والتقريع : { تَمَتَّعُواْ } أيها المسرفون بما أنتم عليه من الكفر والعناد { فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ } ومآل أمركم { إِلَى ٱلنَّارِ } [ إبراهيم : 30 ] المعدة لتخذيلكم وجزائكم . { قُل } يا أكمل الرسل { لِّعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } بجميع ما جئت به إليهم من أمور الدين سيما الصلاة المصفية لبواطنهم والزكاة المزكية لظواهرهم كذلك : { يُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ } أي : يديموها في الأوقات المفروضة فيها { وَيُنْفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ } على المستحقين { سِرّاً } بلا سبق سؤال { وَعَلانِيَةً } بعد السؤال ، استعدوا أيها الطالبون للنجاة لأخراكم في أولاكم ، وأعدوا زاد عقباكم { مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ } ليتدارك المقصر بالإنفاق والصدقة بعض تقصيراته { وَلاَ } يقبل فيه { خِلاَلٌ } [ إبراهيم : 31 ] أي : شفاعة من خليل حميم يشفع للجرائم والتقصيرات . وكيف لا تستعدون بعدما أمركم الله بإعداده ووفق أسبابه عليكم ؛ إذ { ٱللَّهُ } الموفق لعباده أسباب معادهم هو المدبر المصلح { ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ } أي : العلويات المعدة للإحاطة { وَٱلأَرْضَ } أي : السفليات القابلة للفيض { وَأَنزَلَ } أي : أفاض { مِنَ } جانب { ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ } أنواع { ٱلثَّمَرَاتِ } لتكون { رِزْقاً لَّكُمْ } مقوماً لمزاجكم ، مبقياً لحياتكم ؛ لتواظبوا على طاعة الله وإعداد زاد يوم المعاد { وَ } مع ذلك { سَخَّرَ لَكُمُ ٱلْفُلْكَ } أي : السفن الجارية { لِتَجْرِيَ فِي ٱلْبَحْرِ بِأَمْرِهِ } أي : بمشيئته وإرادته ؛ لتسيروا معها إلى حيث شئتم وتتجروا بها وتربحوا { وَسَخَّرَ لَكُمُ } أيضاً { ٱلأَنْهَارَ } [ إبراهيم : 32 ] الجارية على بسيط الأرض ؛ ليسهل لكم إخراج الجداول منها للحراثة والزراعة . { وَسَخَّر لَكُمُ } أيضاً { ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ دَآئِبَينَ } مختلفين في سيرهما شتاء وصيفاً خريفاً وربيعاً ؛ لإنضاج ما تحرثونه وتزرعونه { وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلَّيلَ وَٱلنَّهَارَ } [ إبراهيم : 33 ] لسباتكم ومعاشكم . { وَ } بالجملة : { آتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ } بلسان استعداداتكم وقابلياتكم من متممات نفوسكم ومكملاات إدراككم { وَ } بلغ إنعامه سبحانه إياكم في الكثرة إلى حيث { إِن تَعُدُّواْ } وتحصوا { نِعْمَتَ ٱللَّهِ } الفائضة عليكم لتربيتكم { لاَ تُحْصُوهَا } أي : لا يسع لكم إحصاؤها من مال كثرتها ووفورها ، فلكم أن تواظبوا على شكرها وأداء حق شيء منها ، وإن كانت القوة لا تفي بأدائها ، لكن قليلاً منكم يشكرون نعمه { إِنَّ ٱلإنْسَانَ } المجبول على الغفلة والنسيان في أصل فطرته باعتبار قوى بشريته وبهيميته { لَظَلُومٌ } أي : مظلوم محزون عند الشدة وهجوم البلاء { كَفَّارٌ } [ إبراهيم : 34 ] مبالغ في الكفران والنسيان وقت الفرح والسرور .