Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 14, Ayat: 8-10)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَ } بعدما فرغ عن التعديد والتذكير { قَالَ } لهم { مُوسَىۤ } قولاً ناشئاً عن محض الحكمة والرزانة على مقتضى نور النبوة والولاية : { إِن تَكْفُرُوۤاْ } أيها الغافلون عن كمال استغناء الله وعلو شأنه وسمو سلطانه { أَنتُمْ } بأجمعكم ، بل { وَمَن فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً } لا يزن في جنب استغنائه سبحانه مقدار جناح بعوضة { فَإِنَّ ٱللَّهَ } المتردي برداء العظمة والكبرياء { لَغَنِيٌّ } في ذاته عما سواه من أظلاله مطلقاً { حَمِيدٌ } [ إبراهيم : 8 ] بمقتضيات أوصافه وأسمائه وأسمائه . { أَلَمْ يَأْتِكُمْ } أيها التائهون في تيه الغفلة والغرور { نَبَأُ ٱلَّذِينَ } مضو { مِن قَبْلِكُمْ } لمثل { قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَٱلَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ } من الأمم الهالكة { لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ ٱللَّهُ } المطلع لجميع ما كان ويكون ، لا يعزب عن حيطة حضرة علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء حين { جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ } المبعوثون إليهم { بِٱلْبَيِّنَـٰتِ } الواضحات ، والمعجزات الباهرات المثبتة لرسالاتهم ، فدعوهم إلى الإيمان والتوحيد وأمروهم بالمعروفات ونهوهم عن المنكرات { فَرَدُّوۤاْ أَيْدِيَهُمْ فِيۤ أَفْوَٰهِهِمْ } مشيرين إليها من غاية إنكارهم واستهزائهم { وَقَالُوۤاْ إِنَّا كَفَرْنَا } أي : اعترفنا بالكفر بأفواهنا ، كأنهم أخبروا عن كفرهم بالجملة الماضية تحقيقاً وتقريراً لما هم عليه من الكفر والطغيان { بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ } من عند ربكم وكيف نؤمن لكم { وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ } عظيم { مِّمَّا تَدْعُونَنَآ إِلَيْهِ } من الإله الواحد ، الأحد الصمد المتصف بجميع صفات الكمال ، الموجد المظهر للكائنات { مُرِيبٍ } [ إبراهيم : 9 ] موقع للريب المؤدي إلى الإنكار ؛ إذ المتصف بهذه الصفات لا بدَّ أن يكون أظهر من الشمس ، مع أنه أخفى من كل شيء ، بل لا وجود له أصلاً . { قَالَتْ } لهم { رُسُلُهُمْ } على سبيل التوبيخ والتقريع : { أَفِي ٱللَّهِ } الظاهر المتجلي في الآفاق بالاستقلال والاستحقاق { شَكٌّ } وتردد مع كونه { فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } أي : موجدهما ومظهرهما من كتم العدم بلا سبق مادة ومدة ، إنما { يَدْعُوكُمْ } إلى توحيده بإرسال الرسل وإنزال الكتب { لِيَغْفِرَ لَكُمْ } بعضاً { مِّن ذُنُوبِكُمْ } وهو ما بينكم وبينه سبحانه ؛ إذ حق الغير لم يسقط ما لم يعف صاحب الحق عنه { وَ } بعد دعوتكم { يُؤَخِّرَكُمْ إِلَىۤ أَجَلٍ مُّسَـمًّـى } هو يوم الجزاء ؛ ليهيئ كل منكم زاد يومه هذا على الوجه المأمور المبين في الكتب المنزلة على الرسل ، وبعدما سمعوا من الرسل ما سمعوا { قَالُوۤاْ } مستنكرين عليه ، مستهزئين لهم : { إِنْ أَنتُمْ } أي : ما أنتم { إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا } تأكلون وتشربون وتفعلون جميع ما نفعل { تُرِيدُونَ } بأمثال هذه الحيل والتزويرات الباطلة { أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَآؤُنَا } وأسلافنا من الآلهة والأصنام ، وإن صدقتم في دعواكم { فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } [ إبراهيم : 10 ] أي : بحجة واضحة لائحة نقترحها منكم .