Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 110-113)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَ } بعدما فوضتم أموركم إلى الله ، واتخذتموه وكيلاً حفيظاً لكم عن أدائكم { أَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ } رابطوا ظواهركم وبواطنكم إليه سبحانه دائماً على وجه التذلل والخضوع والانكسار والخشوع { وَآتُواْ ٱلزَّكَاةَ } طهروا قلوبكم عن الميل إلى ما سوى الحق { وَ } اعلموا أن { } مَا تُقَدِّمُواْ في هذه النشأة { لأَنْفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ } من التوجه الدائم والإعراض الدائم عن محبة الغير { تَجِدُوهُ عِندَ } ظهور توحيد { ٱللَّهِ } وتجريده وتفريده على قلوبكم { إِنَّ ٱللَّهَ } المحيط بذواتكم { بِمَا تَعْمَلُونَ } من خير { بَصِيرٌ } [ البقرة : 110 ] عليم خبير . { وَ } من جملة حيلتهم معكم ووداداتهم كفركم أنهم { قَالُواْ } لكم على وجه العظة والتذكير { لَن يَدْخُلَ ٱلْجَنَّةَ } من أهل الأديان { إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَىٰ تِلْكَ } المهملات ما هي إلا { أَمَانِيُّهُمْ } التي يخرمونها في نفوسهم بلا كتاب ولا دليل ، وإن ادعوا الدليل { قُلْ } له يا أكمل الرسل إلزاماً : { هَاتُواْ } أيها المدعون { بُرْهَانَكُمْ } من آيات الله وسنن رسله { إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ } [ البقرة : 111 ] في دعوة الاختصاص . قل لهم يا أكمل الرسل كلاماً ناشئاً عن محض الحكمة والإخلاص لا وجه لدعوى اختصاص الجنة لا منكم ولا منا : { بَلَىٰ } أي : بل مبنى الأمر على أن { مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ } وسلم وجهه المنسوب إليه مجازاً { للَّهِ } المنسوب إليه حقيقة { وَهُوَ } في نفسه { مُحْسِنٌ } عارف مشاهد { فَلَهُ أَجْرُهُ } مرجعه ومقصده { عِندَ } مرتبة { رَبِّهِ } المخصوص له { وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } [ البقرة : 112 ] لغنائهم عن قابلية الخوف والحزن ومقتضيات الطبيعة وبقائهم بمرتبة ربهم . { وَ } من عدم تفطنهم للإيمان والإذعان وعدم تنبههم على طريق التوحيد و العرفان { قَالَتِ ٱلْيَهُودُ } : الدين ديننا والكتاب كتابنا والنبي نبينا { لَيْسَتِ ٱلنَّصَارَىٰ عَلَىٰ شَيْءٍ } في أمر الدين ، بل هم ضالون عن طريق الحق ، لا يهتدون النبي أصلاً إلا أن يؤمنوا بديننا { وَ } أيضاً { قَالَتِ ٱلنَّصَارَىٰ } : ديننا حق وشريعتنا مؤيدة ونبينا مخلد { لَيْسَتِ ٱلْيَهُودُ عَلَىٰ شَيْءٍ } في الدين والإيمان ، بل الدين ديننا { وَ } الحال أن { هُمْ } أي : كلا الفريقين { يَتْلُونَ ٱلْكِتَابَ } المنزل على نبيهم ، ويدعون الإيمان والإذعان ، ومع ذلك لم يخلصوا من الجهل والعناد ، ولم ينتبهوا على التوحيد المزيح للاختلاف ، المشعر للوفاق والاتحاد ، بل فرق بينهم وبين المشركين النافيين للصانع ؛ إذ { كَذَلِكَ قَالَ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ } الكتاب والنبي والدين والإيمان { مِثْلَ قَوْلِهِمْ } بأن الحق ما نحن عليه بلا كتابٍ ولا نبيٍ ؛ لأن الإنسان مجبول على تجريح ما هو عليه سواء كان حقاً أو باطلاً ، صلاحاً أو فساداً ، والأنبياء إنما يرسلون ويبعثون ؛ ليميزوا لهم الحق عن الباطل والصالح عن الفاسد ، وهم مع بعثة الرسل إليهم سواء كان مع المشركين الذين لا كتاب لهم ولا نبي { فَٱللَّهُ } المحيط بسرائرهم وضمائرهم { يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ } على مقتضى علمه بأعمالهم وأحوالهم { يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } المعد لجزاء الأعمال { فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } [ البقرة : 113 ] على مقتضى آرائهم وأهوائهم فيجازيهم بمقتضى ما يعملون ويعلمون .