Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 114-117)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَمَنْ } على الله المظهر للعباد ليعرفوه ، ويتوجهوا نحوه في الأمكنة المعدة للتوجه { أَظْلَمُ مِمَّنْ مَّنَعَ مَسَاجِدَ ٱللَّهِ } الموضوعة { أَن يُذْكَرَ فِيهَا ٱسْمُهُ } أي : يذكر فيها أساؤه ، والمؤمنون الموقنون بأسمائه الحسنى { وَ } مع المنع { سَعَىٰ فِي خَرَابِهَآ } ليستأصلها ويخرجها عما يعدله { أُوْلَـٰئِكَ } المشركون { مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَآ } لنجاستهم وخباثتهم ، وإن دخلوها لحاجة أحياناً لا بد لهم أن يدخلوها { إِلاَّ خَآئِفِينَ } خاضعين متذللين مستوحشين ، بحيث لم يتوجهوا يمنةً ويسرةً استحياء من الله ، بل منكوسين رءوسهم على الأرض إلى أن يخرجوا ، قل يا أكمل الرسل نيابة عنا : { لَّهُمْ فِي ٱلدُّنْيَا خِزْيٌ } [ البقرة : 114 ] حرمان عن الكمال الإنساني يكفرهم وظلمهم . { وَ } قل للمؤمنين يا أكمل الرسل تسلية لهم : لا تغتموا على منعهم منا وسعيهم في تخريبها ، ولا تحصروا توجهكم إلى الله في الأمكنة المخصوصة ، بل { للَّهِ } المتجلي في الآفاق { ٱلْمَشْرِقُ وَٱلْمَغْرِبُ } فهما كنايتان عن طرفي العالم { فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ } توجهوا نحوه { فَثَمَّ وَجْهُ ٱللَّهِ } أي : ذاته ؛ إذهو منتهى الجهات محيط بها { إِنَّ ٱللَّهَ وَاسِعٌ } أجل من أن تحيط به القلوب إلا من وسعه الله بلطفه كما أخبر سبحانه بقوله : " لا يسعني أرضي ولا سمائي بل يسعني قلب عبدي المؤمن " { عَلِيمٌ } [ البقرة : 115 ] لا يغيب عن علمه شيء ، وحيث اتجهتم نحوه علمه قبل توجهكم ، بل توجهكم عين توجهه فلا يتوجه إليه إلا هو ، لا إله إلا هو ، كل شيء هالك إلا وجهه . ومن غاية جهلهم بالله الواسع العليم الذي لا يسعه الأرض والسماء { وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَآءَ } [ البقرة : 255 ] حصروه سبحانه في شخص وتخيلوه جسماً ، وأثبتوا له لوازم الأجسام { وَقَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَداً } قتل وإجلاء وسبي وذلة { وَلَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } كعيسى وعزير عليهما السلام { سُبْحَـٰنَهُ } وتعالى ، عز الصمد الذين شأنه { لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ } [ الإخلاص : 3 - 4 ] أن يتخذ صاحبة وولداً { بَل لَّهُ } مظاهر { مَا فِي ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَ } مظاهر { ٱلأَرْضِ } ليظهر عليها ويتجلى لها ؛ إظهاراً لكمالاتها المترتبة على صفاته المندرجة في ذاته ونسبته تعالى إلى جميع المظاهر في التكوين والخلق على السوى من غير تفاوت ، وعيسى وعزير - عليهما السلام - أيضاً من جملة المظاهر ، ومرجع جميع المظان إلى الظاهر ؛ إذ { كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ } [ البقرة : 116 ] خاضعون منقادون مقرون على ما هم عليه قبل ظهورهم من العدم مقرون بأنه : { بَدِيعُ } مبدع { ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } من العدم بلا سبق مادةٍ وزمانٍ { وَ } من بدائع إبداعه أنه { إِذَا قَضَىٰ } أراد أن يوجد { أَمْراً } مما في خزائن علمه ولوحه المحفوظ وكتابه المبين { فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ } إمضاءً لحكمه ونفاذاً لإرادته { كُنْ فَيَكُونُ } [ البقرة : 117 ] بلا تراخٍ ولا مهلةٍ ، بحيث لا يسع التعقيب أيضا إلا لضيق التعبير ، والألفاظ بمعزل عن أداء سرعة نفوذ القضاء .