Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 195-196)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَ } من جملة الأخلاٌ الموضوعة فيم : الإنفاق في فواضيل أمولكم إلى الفقراء والمساكين الذين أسكنهم الاحتياج والإسكان في زواية الخمول { أَنْفِقُواْ } أيها المؤمنون { فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } مقتصدين فيه بين طرفي التبذير والتقتير المذمومين عند الله وعند المؤمنين { وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ } أنفسكم { إِلَى ٱلتَّهْلُكَةِ } والمشقة بالإسراف والتضييع أو بالبخل والتقتير ؛ إذ بالبخل تبقى النفس في ظلمة الإمكان وتوطن في وحشة الحرمان والخذلان { وَ } من جملة أخلاقكم الإحسان { أَحْسِنُوۤاْ } أيها المتوجهون إلى فضاء التوحيد أخلاقكم وأعمالكم وجميع أوصافكم ؛ إذ ما من نبي ولا وليذٍ إلا هو مجبول على حسن الأخلاق والشيم المقتبسة من أخلاق الله سبحانه ، لذلك استحقوا الخلافة والنيبة { إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ } [ البقرة : 195 ] المتفضلين بالأموال والأعمال . { وَ } من الأركان المفروضة في دينكم أيها المحمديون { أَتِمُّواْ ٱلْحَجَّ } أي : الخصائل والسنك المحفوظة المفروضة فيه ، وإن أدى إلى المقاتلة والمشاجرة { وَٱلْعُمْرَةَ } الأمور المسنونة فيه { للَّهِ } قاصدين التقرب إليه والتوجه إلى بابه ؛ إذ الحج الحقيقي هو الوصول إلى الكعبة الحقيقية التي هي الذات الأحدية { فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ } مُنعتم وحبستم بعدما أحرمتم للحج والعمرة من الوصول إلى المقيات ، وتتميم الواجبات { فَمَا ٱسْتَيْسَرَ مِنَ ٱلْهَدْيِ } أي : فعليكم إذا أردتم التحلل والخروج من الإحرام ، ذبح ما تيسر لكم حصوله من الهدي المحلل ، مثل البقرة والبدنة والشاة وغيرها بحسب طاقتكم وقدرتكم ، بأن تبعثوها إلى الحرم أو تذبوحها حيث أحصتم { وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ } أيها المحصورون المريدون التحلل { حَتَّىٰ يَبْلُغَ ٱلْهَدْيُ مَحِلَّهُ } المبعوث إليه ، أو تذبحونه في المكان المحصور فيه ، والحاصل ألاَّ تحلقوا رءوسكم قبل ذبح الهدي أو قبل وصولها إلى الحرم . { فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً } أزداد بشعر الرأس { أَوْ بِهِ أَذًى } ناشئاً { مِّن } شعر { رَّأْسِهِ } من تزاحم قمل أو صداع مفرطٍ أو جرب مشوش وحلق لأجله { فَفِدْيَةٌ } أي فاللازم عليه الفدية سواء كان { مِّن صِيَامٍ } مقدر بثلاثة أيام للفقراء العاجزين عن غيره { أَوْ صَدَقَةٍ } مقدرة بثلاثة آصع من الطعام للمتوسطين { أَوْ نُسُكٍ } من بدنة أو بقرة أو شاة للأغنياء على اختلاف طبقاتهم { فَإِذَآ أَمِنتُمْ } أي : إذا أحرمتم للحج حال كونكم آمنين من الموانع من إحصار العدو والمرض العارض ونزول الحادثة وغير ذلك من العوائق ، فعليكم إتمام نسكه على الوجه الذي أمرتم به بلا إهمال شيء من آدابه المحفوظة فيه . { فَمَن تَمَتَّعَ } تقرب إلى الله { بِٱلْعُمْرَةِ } من أشهر الحج قبل تقربه إليه بالحج ، وبعد ما تم مناسك عمرته قصد { إِلَى ٱلْحَجِّ فَمَا ٱسْتَيْسَرَ } أي : فعليه ما استيسره { مِنَ ٱلْهَدْيِ } ويقال له عند الفقهاء : دم الجبران ، يذبح حين أحرم للحج ولا تأكلوا منه { فَمَن لَّمْ يَجِدْ } الهدي منكم لفقره { فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي } زمان { ٱلْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ } إلى أوطانكم وأهليكم ؛ إذ الصوم فيها خصوصاً في أيام الحج من أصعب المشاق المفضي إلى الحرج { تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ } قائمة مقام الهدي للفقراء الغرباء الفاقدين وجه الهداية ، وإنما أمرتم بصوم ثلاثة فيها ؛ لئلا تحرموا عن إتمام متممات الحج في أوقاته { ذٰلِكَ } الحكم المذكور { لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ } أي : من جملة المتوطنين فيها ، أو في حواليها أقل من مقدار مسافة القصر { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } في محافظة أوامره التعبدية { وَٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ } المطلع بضمائر المتهاونين في أوامره { شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } [ البقرة : 196 ] إذ أكثر الأمور الشرعية والعزائم الدينية تعبدي لا يدرك سره ، خصوصاً الأعمال المنسوبة إلى الحج .