Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 191-194)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَ } إن اجتمعوا لقتالكم وتوجهوا نحوكم { ٱقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُم } أي : في أي مكان وجدتموهم { وَأَخْرِجُوهُمْ } إن ظفرتم عليهم { مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ } أي : مكة { وَ } ألقوا بينهم الفتن والاضطراب وأوقعوهم في حيص بيص ؛ إذ { ٱلْفِتْنَةُ أَشَدُّ } أثراً { مِنَ ٱلْقَتْلِ } لأن أثر القتل منقطع به وأثر الفتنة مستمر دائم غير منقطع { وَ } عليكم المحافظة للعهود خصوصاً { لاَ تُقَاتِلُوهُمْ } وأنتم بادون للقتل { عِنْدَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ } الذي حرم فيه إزالة الحياة مطلقاً { حَتَّىٰ يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ } وهم بادون معتدون عن حدود الله { فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَٱقْتُلُوهُمْ } بعد فيه أيضاً قائلين : { كَذَلِكَ جَزَآءُ ٱلْكَافِرِينَ } [ الكافرين : 191 ] الهاتكين حرمة بيت الله . { فَإِنِ ٱنتَهَوْاْ } عن الكفر والقتال مع المؤمنين وآمنوا على وجه الإخلاص { فَإِنَّ ٱللَّهَ } المطلع لضمائرهم { غَفُورٌ } لما صدر عنهم من الكفر { رَّحِيمٌ } [ البقرة : 192 ] لهم بما ظهر منهم من الإيمان والإسلام . { وَقَاتِلُوهُمْ } أيها المؤمنون إلى أن تستأصلوهم { حَتَّىٰ لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ } أي : لا يتبقى فتنة يفتتنون بها ويشوشون منها { وَيَكُونَ ٱلدِّينُ } كله { للَّهِ } بلا مزاحمٍ ولا مخاصم { فَإِنِ ٱنْتَهَواْ } عن كفرهم بلا مقاتلةٍ ودخلوا في دين الإسلام طائعين { فَلاَ عُدْوَانَ } ولا عداوة باقياً لكم معهم ، بل هم إخوانكم في الدين { إِلاَّ عَلَى ٱلظَّالِمِينَ } [ البقرة : 193 ] أي : مع الظالمين منهم المجاوزين عن الحدود والعهود ، المصرين على ما هم عليه من الكفر والجحود . وبعا ما قاتل المشركون مع المؤمنين عام الحديبية في ذي القعدة الحرام ، عزم المؤمنون الخروج إلى مكة لعمرة القضاء أيضاً فيها في السنة الثانية وهم يكرهون القتال ؛ لئلا يهتكوا حرمة شهرهم هذا كما هتكوا ، أنزل الله عليهم هذه الآية فقال : { ٱلشَّهْرُ ٱلْحَرَامُ بِٱلشَّهْرِ ٱلْحَرَامِ } أي : لا ينالوا ولا يمتنعوا عن القتال فيه ؛ إذ هتككم حرمة شهركم في هذه السنة بسبب هتكهم حرمته في السنة السابقة ، فيؤول كلا الهتكين إليهم { وَٱلْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ } أي : و اعلموا أن الحرمات التي يجب محافظتها وعدم هتكها يجري فيها القصاص بالمثل ، فلما هتكوا حرمة هذا الشهر في السنة السابقة ، فافعلوا معهم في هذه السنة بمثله ولا تجاوزوا عنه { فَمَنِ ٱعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَٱعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا ٱعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ } وهذا أيضاً من الحدود الموضوعة بينكم لإصلاح حالكم وتهذيب أخلاقكم { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } أن تتخلفوا عن حدوده بالإقدام على ما نهيتم عنه ، والإعراض عما أمرتم به { وَٱعْلَمُواْ } أيها المؤمنون { أَنَّ ٱللَّهَ } المدبر لكم المصالح لأحوالكم { مَعَ ٱلْمُتَّقِينَ } [ البقرة : 194 ] منكم ، وهم الذين يحفظون نفوسهم عن محارم الله ومنهياته ، ويرغبونها نحو أوامر الله ومرضياته .